اكتسحت هاشتاغات "الشعب يريد رؤية بوتفليقة وسماع صوته" و"نعم_لتطبيق_المادة 102" من القانون الجزائري مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل شائعات كثيرة ومتجددة تطفو على السطح في كل مرة وتتعلق بالحالة الصحية لرئيس في الثمانين من العمر ويعتبر أطول رؤساء الجزائر حكماً. ويقود حفيظ دراجي، الإعلامي الجزائري والمعلق الرياضي في شبكة قنوات "بي إن سبورتس" القطرية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي يطالب فيها برؤية الرئيس الجزائري، ووصل به الامر حد التشكيك في إمكانية "اختطافه". ونشر حفيظ دراجي سلسة تدوينات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي، اختار لها عنوان "نريد رؤية الرئيس" في إشارة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وقال دراجي: "لكل من يتحسسون من شعار (الشعب يريد تغيير النظام) ندعوهم للمشاركة في حملة سلمية راقية وهادفة تحت شعارات: (الشعب يريد رؤية الرئيس وسماع صوته)". طالب دراجي بـ"توضيح الذي يحدث في الجزائر بأوامر كتابية لم تعد لدينا الثقة فيمن يخطها.. الشعب يريد أن يعرف من يقرر في مكان الرئيس؟". وزاد: "الشعب يريد تحرير الرئيس من الاختطاف وإنقاذ الجزائر من المنتفعين". واعتبر أن "مطالب الحملة مشروعة وسهلة وبسيطة تتمثل في رؤية الرئيس، وسماع صوته حتى يعلم الجزائريون أنه غير مختطف". وأفاد: "إذا لم يظهر الرئيس خلال أيام نقيم عليه الحجة بأنه عاجز ومختطف، وندعو بعدها إلى حملة أخرى لجمع ملايين التوقيعات بغية تطبيق المادتين 74 و102 من الدستور وتحميل المؤسسات القائمة المسؤولية". ووجه نداء للجزائريين داعيا إياهم للمشاركة في الحملة قائلا: "شاركونا لإنقاذ الجزائر.. نريد رؤية الرئيس.. نريد سماع الرئيس.. نريد إنقاذ الرئيس من الاختطاف.. نريد العودة إلى الشرعية وسيادة المؤسسات". وكتبت منال بشأن ذلك "كلمة واحدة من عند الرئيس، نعرف فقط أنه بكامل قواه العقلية وان سعيد بوتفليقة هو من يحكم الجزائر وليس عبدالعزيز بوتفليقة ، قلوبنا معمرة يا حفيظ على وطن في طريق الهاوية." سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري، يبلغ نحو 60 عاما، يلقب بمستشار الرئيس، ويعرف عنه محاولاته الدائمة لبسط نفوذه على الحكم بأي طريقة كانت، إذ أنه في عام 2013، أصدر قرار بمنع كافة الراغبين في زيارة الرئيس الجزائري في المستشفى إلا بعد الحصول على موافقته الشخصية، وبالفعل لم يسمح لرئيس الوزراء عبدالملك سلال، بمقابلة الرئيس إلا بعد 46 يوما من دخوله المستشفى. وتعيش الجزائر على وقع حالة من الغموض السياسي منذ فترة بسبب غياب الرئيس وبروز مجموعة من الاقالات والتعيينات في مناصب حساسة ومصيرية في وقت وجيز. وتسلط اقالة رئيس الوزراء عبدالمجيد تبون بعد نحو ثلاثة أشهر من تعيينه صراعا خفيا بين أجنحة السلطة. ومنذ إصابته بجلطة دماغية في 2013 أصبح عبدالعزيز بوتفليقة مقعدا على كرسي متحرك ويجد صعوبة في الكلام رغم أن صحته تحسنت قليلا وعاد للظهور من حين لآخر في المناسبات الوطنية كعيد الاستقلال أو عند ترؤسه لمجلس الوزراء دون أن يسمع صوته. وأعيد انتخاب بوتفليقة الذي سيبلغ عامه الثمانين رئيسا للمرة الرابعة في ابريل/نيسان 2014 بدون أن يقوم بحملة انتخابية نتيجة مرضه. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 قضى بوتفليقة أسبوعا في عيادة في غرونوبل (جنوب شرق فرنسا) حيث يعمل طبيبه المختص في أمراض القلب جاك مونسيغيو الذي عمل سابقا في المستشفى العسكري في فال دو غراس في باريس. وبالإضافة إلى زياراته الدورية لعيادة غرونوبل عولج بوتفليقة أيضا في سويسرا. كما عولج في 2005 اثر نزيف معوي. وفي كل مرة تسوء فيها صحة بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999، يعود الحديث حول قدرته على تسيير البلاد. وبعد أعوام على إصابته بجلطة خفيفة أصبحت التفاصيل المتعلقة بصحة بوتفليقة طي الكتمان الشديد. لكن أي انتقال للسلطة قد يأتي في وقت حساس للدولة العضو بمنظمة أوبك بينما تواجه تراجعا في أسعار النفط وحالة من عدم الاستقرار في المنطقة وضغوطا لإصلاح اقتصادها. وينص الدستور الجزائري على عدة احتمالات لشغور منصب رئيس الجمهورية، مثل عجزه عن ممارسة عمله الرئاسي، أو استقالته أو وفاته. تنص المادة 102 في الدستور الجزائري على تكليف رئيس مجلس الأمة بممارسة مهام رئيس الجمهورية لمدة أقصاها 45 يومًا، وذلك حال استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن. ورأى مغردون أن ما يحصل في الجزائر "مهزلة وجب عدم السكوت عليها"، إذ استنكروا الصورة التي اصبح يظهر بها رئيسهم خلال استقباله للزوار الرسميين من الدول الشقيقة والصديقة. وتساءل أحدهم عن إمكانية تسيير شؤون الأمم برجل "لا يستطيع إدراك مواقفه وتصرفاته". وذهب مغرد إلى حد المطالبة بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، مؤكدا مباركته للأصوات الداعية إلى "ضرورة خروج المواطنين في مسيرات للمطالبة بتفعيل المادة 102 نظرا للوضع الذي آلت إليه البلاد جراء تراجع صحة الرئيس، وعدم قدرته على الاضطلاع بمهامه كاملة". واعتبر مراقبون ان العديد من الجزائريين يستعدون للانقلاب على رئيس لم يحقق ادنى مطالبهم المشروعة في ظل انتشار الفقر والبطالة وارتفاع الصاروخي للاسعار. عبر آخرون عن تخوفهم من مصير الجزائر، على خلفية مطالبة المثقفين الجزائريين ومجموعة من رجالات السياسة والنخبة، بتفعيل هذه المادة، وكتب أحدهم باللهجة الجزائرية "اللعب بدأ يقراص" (وتعني تخوف الواحد من المستقبل القريب). وأكد أحد النشطاء على فيسبوك، أن تفعيل المادة 120 "من باب المستحيلات"، وأن تنحية الرئيس بوتفليقة من منصبه "أمر بعيد المنال لتشبثه بكرسي الرئاسة". كما أكد أحد المدونين، استحالة تطبيق المادة القانونية، معتبرا أن "البرلمان الذي يمكن أن يعلن حالة الشغور هو في حد ذاته غير شرعي لأنه انبثق عن انتخابات مزورة". واعلنت الرئاسة الجزائرية في وقت سابق أنه تم تأجيل زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى الجزائر لعدم قدرة بوتفليقة على استقبالها نتيجة إصابته بوعكة صحية طارئة. وكان من المقرر أن تزور ميركل الجزائر لبحث قضايا الهجرة والأمن في شمال إفريقيا وأن تلتقي بوتفليقة. وأكد رشيد تلمساني أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر أن "قدرة بوتفليقة على تسيير البلاد ستطرح هذه المرة بشكل جدي لأن البلاد تخضع فعلا لضغوط دولية". وتابع "كل التقارير الدولية حول الوضع العام في الجزائر سلبية وتتحدث عن الوضع الصحي المتدهور للرئيس". ورغم الصخب الذي رافق مرض بوتفليقة، يصر الحزب الحاكم منذ الاستقلال على مواصلة الرئيس مهامه حتى استكمال عهدته الرئاسية الرابعة التي تنتهي في 2019.
مشاركة :