حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ممارسات إيران في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وقال في لقائه أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدنية سوتشي، إن «إيران تبذل جهودا كبيرة لتثبيت وجودها في سوريا»، وأشار إلى أن «هذا الأمر يشكل تهديداً لإسرائيل، ولمنطقة الشرق الأوسط، وأعتقد للعالم بأسره».وأضاف نتنياهو مخاطبا بوتين: «السيد الرئيس، جميعنا عبر الجهود المشتركة ننتصر على (داعش)، لكن هناك أمر سلبي، وهو أن إيران تدخل إلى المناطق التي ننتصر فيها على (داعش)». وشدد على أنه لا يمكن نسيان وتجاهل التهديدات الإيرانية بتدمير إسرائيل، وأن «إيران تسلح المنظمات الإرهابية وتشجع الإرهاب».وهذه هي الزيارة الثانية التي يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى روسيا منذ مطلع العام الحالي. وكان أجرى محادثات مع بوتين في موسكو في شهر مارس (آذار) الماضي، لكن يبدو أن شيئا لم يتغير من وجهة نظر تل أبيب منذ الزيارة السابقة. وقتذاك، استهل نتنياهو محادثاته مع بوتين مؤكدا الجهد المشترك في التصدي للإرهاب، ومحذرا أيضا: «لا نريد إرهاب إيران أن يحل بديلا عن إرهاب (داعش) و(جبهة النصرة)».وتؤكد موسكو التنسيق بين العسكريين الروس والإسرائيليين حول الوضع في المجال الجوي في سوريا. وتجلى التنسيق بصور واضحة بعدم اعتراض المقاتلات الروسية في مطار حميميم، ولا أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة على الأراضي السورية، الطائرات الإسرائيلية، التي وجهت خلال الأشهر الماضية عشرات الضربات ضد أهداف داخل الأراضي السورية، قالت إنها تابعة لإيران أو «حزب الله».وتتعهد روسيا دوماً بأنها ستأخذ الهواجس الأمنية الإسرائيلية بالحسبان خلال تعاطيها مع الوضع في سوريا. وكشفت صحيفة «هآرتس» أن مسؤولين إسرائيليين أجروا سلسلة محادثات سرية مع مسؤولين من روسيا والولايات المتحدة في مطلع يوليو (تموز) الماضي، بحثوا خلالها منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا. وشدد الجانب الإسرائيلي في تلك المحادثات على ضرورة أن يضمن اتفاق منطقة خفض التصعيد حل مشكلة الوجود الإيراني في سوريا. وتم استبعاد الدور الإيراني عن تلك المنطقة، إلا أن تطورات تجري على ما يبدو أثارت مجددا المخاوف الإسرائيلية، الأمر الذي دفع نتنياهو للتوجه إلى روسيا وبحث الأمر وجها لوجه مع بوتين. وترى تاتيانا كارلاسوفا، مديرة قسم الدراسات الإسرائيلية في «معهد الاستشراق» أن ظهور حاجة لعقد محادثات بين القيادات العليا من البلدين «تعني أن المسألة حادة لدرجة أنه يتعذر حلها عبر محادثات هاتفية».في شأن متصل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن بدء عمل المركز المشترك في عمان لمراقبة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، اعتباراً من أمس 23 أغسطس (آب) الحالي. وقالت الوزارة في بيان بهذا الخصوص: «بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، في إطار (صيغة عمان)، يبدأ في تأسيس عمان مركز مراقبة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، في محافظتي درعا والقنيطرة».ولم توضح الوزارة بدقة من سيعمل في ذلك المركز، لكنها قالت إن مهامه تقوم على مراقبة الالتزام بوقف الأعمال القتالية في المنطقة، وضمان الوصول الإنساني دون عراقيل، وتقديم المساعدة الطبية وغيرها للمدنيين.في موازاة ذلك، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات أمس، إن «تقدماً يُلاحظ في الآونة الأخيرة، في الحوار بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا».وأصدرت الخارجية الروسية أمس بياناً حاد اللهجة واصلت فيه دفاعها غير المحدود عن النظام السوري، وهاجمت الولايات المتحدة، على خلفية تصريحات نيكي هايلي، المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، التي دعت بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة الكيماوي في الغوطة، إلى معاقبة المسؤولين عن الهجوم، وحذرت من أن الولايات المتحدة سترد بحزم على أي هجوم جديد بالسلاح الكيماوي، حين أشارت إلى أن الرد الأميركي ظهر من خلال قصف مطار الشعيرات الذي استخدمه النظام السوري في الهجوم الكيماوي على خان شيخون. ورأت الخارجية الروسية أن تلك التصريحات، وتحميل واشنطن بشكل عام الأسد المسؤولية عن الهجوم، وعن هجوم خان شيخون، يراد منها «توسيع التدخل الأميركي في الشؤون السورية الداخلية»، وأضافت أن «تقرير لجنة التفتيش بإدارة البروفسور السويدي أوكي سيلستريوم، أكد في جوهره استنتاجات الخبراء الروس حول الطابع الاستفزازي لاستخدام غاز السارين من جانب المجموعات المتطرفة».وكانت لجنة التفتيش الدولية التي أشارت لها الخارجية الروسية، قالت في تقريرها بعد هجوم الغوطة عام 2013 إن صواريخ من نوع «أرض - أرض» تم استخدامها في الهجوم الكيماوي. وهناك إجماع على أن مثل هذا النوع من الصواريخ متوفر لدى قوات النظام السوري وغير متوفر لدى المعارضة.
مشاركة :