قال خبراء ومختصون فلسطينيون، إن حرية الرأي والتعبير في فلسطين أصيبت بتدهور خطير جراء الممارسات الرسمية من قبل الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتشريع القوانين. وأوضح الخبراء في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، أن حرية الرأي والتعبير باتت مهددة، بالملاحقة القانونية وقد تصل للحبس والغرامة، إثر تشريع قانون "الجرائم الكترونية". ويشير مسئول ملف الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، عمر نزّال، إلى أن النقابة رفضت القانون، واعترضت على 16 مادة تمسّ حرية الرأي والتعبير للمواطن والصحفيين. وبيّن أن النقابة أرسلت رسالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس تطالبه بوقف العمل في القانون حتى يتم التعديل عليه، إضافة لوجود اتصالات "على أعلى المستويات" مع الجهات ذات الاختصاص بهذا الشأن. وقال:" القانون ينتهك ويمس حرية الرأي والتعبير، ويشكّل إعاقة لعمل الصحفيين، وينتهك مبادئ أساسية في العمل الصحفي". وأضاف:" سرية المعلومات كانت محفوظة، لكن القانون اليوم يلزم الصحفي الكشف عن مصادر معلوماته، كما يلزم المواطن والصحفي فتح أجهزته والكشف عن ما لديه من مخزون معلومات ومواد للجهات ذات الاختصاص". وتابع:" هناك انتهاكات يومية للإعلام الفلسطيني تتمثل بحجب المواقع والاعتقالات والاستدعاءات، لكن القانون وتشريعه هو انتهاك مستمر تم تشريعه، بحق الصحفي والمواطن الفلسطيني". بدوره، يرى رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق (حقوقية غير حكومية) عصام عابدين، أن القانون "يأتي في سياق حالة التدهور الخطير الحاصلة في منظومة الحقوق والحريات والنظام السياسي الفلسطيني برمته، نتيجة الصراع السياسي الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة بين طرفي الانقسام حركتا فتح وحماس". وأضاف:" هناك تدهور خطير في واقع الحقوق والحريات وخاصة حرية الرأي والتعبير". وشبّه "عابدين" الحالة الفلسطينية بأقرب ما تكون للأنظمة "البوليسية، حسب قوله. وتابع:" حرية الرأي والتعبير في فلسطين تتعرض لانتكاسة، حيث تتصاعد عمليات استدعاء واعتقال الصحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثم حجب نحو 29 موقعا الكترونيا بقرار من النائب العام الفلسطيني بشكل غير دستوري وبانتهاك القانون الأساسي (...) القانون يكمم الأفواه". وأضاف:" قانون الجرائم الكترونية هو استباحة وانتهاك لحرية الرأي والتعبير والخصوصية". ويعطي القانون الذي صادق عليه الرئيس الفلسطيني، الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضابطة قضائية للبحث والتحري وجمع المعلومات، مما يشكل سابقه وصفها "عابدين" بالخطيرة. وقال:" هناك إشكاليات في المصطلحات الفضفاضة التي يستعملها القرار بقانون، والتي تحمل العديد من أوجه التفسيرات والتي تشكّل أساسا لانتهاك حرية الرأي والتعبير". وينتهك القانون حق الخصوصية حيث يتوجب على مزودي خدمات الانترنت الاحتفاظ بقاعدة بيانات للمشتركين لمدة ثلاثة سنوات، ويحق للجهات الرسمية الاطلاع عليها. كما يعطي القانون صلاحية للنائب العام، أو أحد وكلائه، الطلب من المحكمة إصدار قرار بحجب مواقع الكترونية خلال 24 ساعة. وأشار "عابدين" إلى أن القانون قفز عن الجرائم الكترونية المتعارف عليها دولياً، والمتمثلة بسرقة المعلومات والولوج إلى مواقع الكترونية، وسرقة بطاقات الائتمان، واستغلال الأطفال والابتزاز، إلى المساس بحرية الرأي والتعبير. وبيّن أن القانون يهدد حرية العمل الصحفي، كما يحتوي على عقوبات كبيرة كالسجن لنحو 15 عاما ودفع غرامات مالية باهظة. بدوره، قال مسئول وحدة الإعلام في المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" (غير حكومي) غازي بني عودة، إن القانون مسَّ بحرية الرأي والتعبير بصورة "قاسية وكبيرة". وأضاف في حديثه لوكالة الأناضول:" القانون يحمل عبارات فضفاضة، وفي كل صفحة منه يحتوي على نصوص ذات إشكالية كبيرة". وتابع:" الأجهزة التنفيذية في السلطة الفلسطينية هي من صاغته، وأعطت نفسها هامش حرية لا محدود لمعاقبة الصحفيين والمواطنين". ويرى أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فريد أبو ضهير، "أن القانون يحمل مخالفة دستورية، فهو لم يصدر عن جهة تشريعية، وإنما عن جهة تنفيذية، وهذا يطعن في دستوريته، ويعكس الواقع المتردي الذي يتم فيه تعطيل السلطة التشريعية". وأَضاف لوكالة الأناضول:" التشريع هو من حق الشعب، من خلال ممثليه في البرلمان، ولهذا يجب أن يخضع القانون للمناقشة على المستوى الشعبي والقانوني، بحيث يعبِّر عن الواقع، ويعكس تطلعات الشعب، ولا يمكن تحقيق ذلك من خلال قيام النخب السياسية بسن التشريعات". وأشار أستاذ الإعلام إلى أن القانون مسّ بحرية الرأي والتعبير، مطالباً بإلغاءه بالكامل، والبدء بدراسة معمقة على المستويات القانونية والفنية والشعبية، للخروج بقانون عصري يحمي الحريات، وينظم العلاقات داخل المجتمع، وفق قوله. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :