الأوروبيون يفتحون أعينهم على الوجه الآخر لـشريكتهم قطرالضربات تتتالى لجهود قطر الهادفة لتحسين صورتها التي تلبّست بها تهمة دعم الإرهاب ورعاية جماعاته، الأمر الذي بات يحرج شركاء دوليين للدوحة ما عادوا قادرين على التمادي إلى ما لانهاية في تغليب المصالح الاقتصادية والمنافع المالية وتجاهل مطالبات الرأي العام في بلدانهم بمعرفة من يدعم الإرهاب ويقوّيه ويساعده على عبور حدود تلك البلدان التي كان يظن أنها بمنأى عن تهديداته.العرب [نُشر في 2017/08/25، العدد: 10733، ص(3)]على اللافتة: قطر تشتري كل شيء.. اللاعبين وأيضا الجهاديين باريس - تهدّد وثيقة جديدة تتضمّن جردا مفصّلا ومدعّما بالحجج عن أنشطة قطر في دعم الإرهاب واحتضان جماعاته، الدوحة بمواجهة مأزق جديد سيتعيّن عليها معه مواجهة أسئلة محرجة من شركاء دوليين لها، وأوروبيين على وجه الخصوص، ظلّوا إلى حدّ الآن متردّدين في اتخاذ مواقف واضحة من قطر التي تربطهم بها مصالح مالية واقتصادية. وفي لحظة تركيز أوروبي شديد على الإرهاب الدولي وداعميه أعقبت الهجوم الدامي في برشلونة بإسبانيا، تسرّبت معلومات عن وثيقة تستعدّ الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر بسبب دعمها للإرهاب، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، لتقديمها للدول الأوروبية ما سيجعل الأخيرة مضطرّة لمساءلة الدوحة مدفوعة -على الأقل- برغبة رأيها العام في معرفة من يقف خلف منفّذي العمليات الإرهابية في أكثر من بلد أوروبي ومحاسبته. وكان اسم قطر قد تمّ تداوله بقوّة في الإعلام الغربي إثر هجوم برشلونة الذي ذكّر الإسبان بقضية مراسل قناة الجزيرة القطرية تيسير علوني الذي أدانه القضاء الإسباني بربط صلات مع تنظيم القاعدة والتواصل مع كبار قادته. ومن شأن الوثيقة أن توجّه ضربة قاصمة لحملة العلاقات العامّة التي أطلقتها الدوحة بأقصى سرعة ووفرت لها غطاء ماليا ضخما، بهدف وقف التدهور الشديد في سمعة قطر وذيوع شهرتها كبلد راع للإرهاب على نطاق عالمي منذ أن أصبحت قيادة هذه الدولة الخليجية الغنية بموارد الغاز موضع اتهام صريح من قبل الدول الأربع المذكورة وعدّة دول أخرى بدعم الإرهاب وتهديد أمن المنطقة واستقرارها. ونشر موقع “إنتلجنس أون لاين” الإخباري الفرنسي وثيقة قال إنّ السعودية والإمارات والبحرين ومصر أعدّتها لتقدمها للدول الأوروبية، متضمنة ما وعدت هذه الدول بكشفه من تفاصيل بشأن ضلوع قطر في رعاية الإرهاب. وحسب الموقع الفرنسي، فإن الوثيقة المكونة من خمس وخمسين صفحة، ستدفع فرنسا لاتخاذ موقف أكثر وضوحا في الضغط على قطر، بالإضافة إلى احتمال تغيير الموقف البريطاني وذلك بما تكشفه الوثيقة من تفاصيل عن الدعم الذي قدمته قطر لمجاميع الإرهاب في سوريا واليمن، إضافة إلى المحاولات التخريبية التي رعتها الدوحة لقلب نظام الحكم في البحرين. وخلال السنوات الماضية نزلت قطر بثقلها المالي إلى الساحة الفرنسية من خلال استثمارات متعدّدة في عدّة مجالات لم تستثن قطاعات مثل السياحة والرياضة والثقافة، في ظاهرة يجزم الخبراء أن هدفها يتجاوز تحقيق الأرباح المالية والفوائد الاقتصادية، إلى توطيد العلاقات السياسية والدبلوماسية في عملية أقرب إلى “شراء حليف” من عيار كبير. لكن بعد سنوات من الإنفاق القطري السخي، لا تبدو النتائج مشجّعة، مع تعاظم الأسئلة داخل الأروقة السياسية الفرنسية وعلى منابر الإعلام بشأن جدوى المقامرة بالأمن والاستقرار مقابل جلب الاستثمار.انعكاس مباشر لأنشطة قطر في ليبيا وتشاد ومالي على مستوى الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية ويلفت قادة رأي أوروبيون إلى أنّ أنشطة قطر في دعم الجماعات المتشدّدة على الضفة الأخرى للمتوسّط في كل من ليبيا وتشاد ومالي، تنعكس بشكل مباشر على مستوى الاستقرار في أوروبا نفسها، مذكّرين، على سبيل المثال، بأنّ موجة الهجرة التي باتت تشكّل صداعا مزمنا للأوروبيين، ليست سوى نتيجة مباشرة لعدم الاستقرار على الضفة الجنوبية للمتوسّط. وتكشف الوثيقة التي أعدّها الرباعي المقاطع للدوحة كيف أن قطر كانت التزمت في عامي 2013 و2014، تجاه شركائها في دول مجلس التعاون الخليجي بالتوقف عن تمويل المجموعات الإرهابية، والعدول عن رعاية دعم عمليات الإخلال بأمن شركائها في مجلس التعاون، لكنها لم تف بتعهداتها، ومازالت حتى اليوم ترعى التنظيمات الإرهابية. كما تشير الوثيقة التي نشرت وكالة سبوتنيك الروسية على موقها الإلكتروني ملخّصها مترجما إلى العربية، إلى أن النهج الذي اعتمدته الدوحة في نكث الوعود مع جيرانها، أظهر للعالم أنه لا يمكن الوثوق بأي تعهد من طرفها بالتوقف الطوعي عن دعم الإرهاب. واستشهدت الوثيقة أيضا باعتراف ضابط المخابرات القطري حمد علي محمد الحمادي، مؤخرا، والذي قال إن دائرة الاستخبارات الرقمية في الجهاز القطري قامت ببناء وتشغيل مجموعة من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي “بأسماء وهمية”، بهدف مهاجمة دولة الإمارات، بالإضافة إلى المعلومات التي تبيّن أن قطر وفّرت المأوى والحماية لخالد الشيخ محمد، المخطط الرئيسي لهجومات 11 سبتمبر الذي نفذه تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة، ورفضت التجاوب مع جهود واشنطن لإلقاء القبض عليه قبل سنة من تنفيذ الهجوم. وأوردت الوثيقة أن نائب الوزير الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، آدم زوبين، وصف قطر رسميا بأنها “تفتقر للإرادة السياسية الحقيقية وللرغبة في تنفيذ التزاماتها القانونية بمحاربة الإرهاب”، مؤكدة تقديم شواهد على أن النظام القطري ومؤسساته وجمعياته الخيرية وفرت مقوّمات الحياة للمجاميع الإرهابية التي انتشرت عالميا، ومنها القاعدة وداعش وطالبان وجبهة النصرة وحماس والإخوان المسلمين. وتمّ إرفاق الوثيقة بكشف بالبنوك والمنظمات “الخيرية” والوكالات الحكومية، التي عملت على تمويل التنظيمات الإرهابية، وأبرزها “مركز قطر للعمل التطوعي”، وهو المركز الحكومي التابع لوزارة الثقافة والرياضة. وذكرت أسماء المسؤولين الذين تأكد ضلوعهم في شبكات تمويل القاعدة، ومنهم رئيس المركز يوسف علي الكاظم، وسعد بن سعد الكعبي، وعبداللطيف بن عبدالله الكواري، مشيرة إلى أن هذا المركز أسسه سعود بن خالد آل ثاني شقيق وزير الداخلية الأسبق عبدالله بن خالد آل ثاني وأن المركز يتولى تحشيد المتطوعين لدعم استضافة كأس العالم 2022. أما مركز “أبل الدوحة” للتكنولوجيا الإيجابية، فقد كشفت الوثيقة أنه المؤسسة الخدماتية التي تخصصت بتزويد تنظيمي القاعدة والنصرة بالتقنيات المتجددة التي تساعد على ترويج فكرهما وبياناتهما على وسائل التواصل الاجتماعي. وقام على هذا المركز كل من سعد الكعبي وعبداللطيف بن عبدالله الكواري المسجليْن في الأمم المتحدة باعتبارهما إرهابييْن.
مشاركة :