لماذا لا يوجد عندنا رأي عام مستنير - مقالات

  • 8/25/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا يوجد عندنا رأي عام مستنير نوعي يستند إلى حقائق ومعطيات ومعلومات دقيقة ومبني على دراسات جادة هادفة، والسبب في تقديري يرجع إلى أمرين اثنين: أسباب موضوعية وأسباب ذاتية: أما الأسباب الموضوعية فهي وجود الأنظمة الديكتاتورية القمعية التي حاربت توجهات الإصلاح الحقيقي في المجتمع، ولم تبرز أي صوت سوى صوت السلطة الحاكمة، كما ان وجود الأحزاب والشركات وتنافسها لمصالحها أثر سلباً على وجود رأي عام مستنير. أما الأسباب الذاتية فهي كثيرة ومتنوعة كانت ولا تزال تشكل عائقاً في طريق تشكيل رأي عام مستنير، ومنها على سبيل المثال: ثقافة الفرد والمجتمع، وهذه من معوقات تشكيل رأي عام مستنير، لأن ثقافة الفرد عندنا للأسف ثقافة مظاهر وكسل وخمول وبطالة، وثقافة المجتمع هي ثقافة استهلاك وضعف قيم العمل والإنتاج، وعدم اكتراث بالتحصيل العلمي والتفوق مما ينعكس سلباً على تكوين رأي عام مستنير، كما ان الظروف الطارئة واجواء الشحن السياسي، وعدم الاستقرار لا تساهم بصورة إيجابية بتكوين رأي ناضج وواضح. وللمزيد من الوضوح، أقول لماذا تحولت ألمانيا إلى النازية، وروسيا إلى الشيوعية؟ رغم أنهما لا تدينان بهذه الثقافة من قبل، لولا أجواء الشحن السياسي والاقتصادي التعبوي الذي مارسه الزعماء في ذلك الحين، بحيث تحولت هذه الشعوب تحولات جذرية، ثم انعطفت إلى ثالثة حديثاً، كما ان وسائل الاتصال الحديثة وما لها من تأثير سلبي على عقول الشباب، بتكريسها قيماً ومبادئ لا تتفق وصريح ثوابت الدستور، وهنا نجد الانعكاس السلبي في تكوين الرأي العام الهادف، الذي نسعى اليه جميعاً والذي يعزز سيادة الدولة لا يضعفها. تحدٍ عالمي أمام الإعلاميين اليوم من المهم ان ينعتق الاعلاميون من تبعات الماضي ومن لغة الأجندات وتصفية الحسابات إلى ما هو أهم وأجدى في نظري، وهو ضرورة تحديد أجندة بالقضايا الفكرية والثقافية والدينية ذات الصلة بالعالم العربي والإسلامي، والتي تتناولها الصحافة العالمية مع تحليل أساليب معالجة الصحافة لهذه القضايا. فإذا وصلنا هذه المرحلة، والتي ستوضح لنا الكثير من الأمور، وستحل الكثير من العقد التي لم نكن على معرفة سابقة بها، وهنا حينئذٍ نعرف الآلية التي تعمل بها عقلية الصحافة الغربية اليوم، والتي لا تختلف في تقديري عن سبب سجن الصحافية البريطانية سارة تيسدال، حيث إنها نشرت جزءاً من سياسة التاج الملكي في تكوين الرأي العام البريطاني وتوجيهه، وذلك عملاً بحرية الرأي ومبدأ الشفافية، الأمر الذي اعتبرته السلطات تعدياً على كامل السيادة في إدارة شؤون البلاد وتمَّ الزج بها في السجن لتقف مع غيرها على ذمة هذه القضايا.

مشاركة :