لازال يتبادر للأذهان حالة الخوف والهلع التي أصابت مجتمعاتنا من تفشي عدوى انفلونزا كورونا الشرق الأوسط في الأشهر الماضية، والتي ذهب ضحيتها عشرات المواطنين والمقيمين من الكوادر الطبية والتمريضية ومن المرضى في المستشفيات ومخالطيهم، وحالة الارتباك التي شهدتها المصحات في التعامل مع الحالات المصابة إكلينيكيا ووقائيا ومن الناحية العلاجية، لافتقار المؤسسات الصحية في ذلك الوقت لبروتوكولات واضحة للتعامل مع هذا المرض الجديد، فصارت الاجتهادات الشخصية هي السمة المميزة لتلك الفترة واستنباطات طبية مأخوذة من خبرات في معالجة إنفلونزا الطيور والخنازير للتعامل مع المرضى، أصابت في بعضها وأخطأت في بعضها الآخر، كان يخيل للمرء حينها أننا نمضي نحو المجهول مع هذه الجائحة الخطيرة، الجميع في حالة قلق وتوتر لسنا وحدنا فقط بل العالم ككل إذا لم أبالغ!. القيادة الحكيمة -يحفظها الله- تنبهت لهذا الخطر، فصار التغيير الواجب في قمة الهرم الإداري لوزارة الصحة، التغيير الذي أحدث حالة من الدهشة والترقب لدى الكثيرين، كيف لا وأن المسؤول المكلف لأكبر وزارة خدمية في الوطن هو مهندس وليس طبيبا، فهل يا ترى سينجح في هذه المهمة الصعبة!!. خادم الحرمين الشريفين - يرعاه الله- أدرك ببعد نظره وثاقب بصيرته ماهية الخلل في وزارة الصحة، وكان تكليف المهندس عادل فقيه بمؤهلاته الإدارية وشخصيته بداية فاعلة وحازمة للتعامل مع أزمة كورونا. لن أعدد ما قام به هذا المسؤول من إجراءات إدارية رائعة للتعامل مع هذه الأزمة، بدأت بتغييرات إدارية وفنية هامة في القيادات التنفيذية بوزارة الصحة والمستشفيات الأكثر تضررا بهذه العدوى، والاستعانة بالكفاءات الوطنية والعالمية الخبيرة بمثل هذه الجوائح التي قامت بجهود رائعة في رفع درجة التيقظ في المستشفيات لمكافحة العدوى. إن جميع الإجراءات التي تمت كانت بلا شك مؤثرة في تحجيم نشاط الفيروس وانتقال العدوى داخل المستشفيات، التي تعتبر البيئة الأكبر لانتقال الفيروس، بسبب عدم اتباع الكوادر الصحية القواعد الأساسية والمتعارف عليها لمكافحة العدوى، قلة في الوعي أوعدم انتباه أو تكاسل! منظمة الصحة العالمية أشارت في آخر تقرير لها إلى أن إنفلونزا - ميرس كورونا- لا تشكل طارئا لها بعد تقلص حالات الإصابة بشكل كبير، ووزارة الصحة السعودية تؤيد ذلك بالإحصاءات الجيدة التي تقدمها منذ أيام عدة والتي تثبت عدم تسجيل أي أصابة جديدة، بالرغم من تلميحات البعض إلى أن السبب قد يكون إلى دورة نشاط الفيروس التي تقل في أشهر الصيف. إلا أننا لابد أن نشكر الله سبحانه وتعالى أن آمنا من هذا الخوف، ثم قيادتنا الرشيدة التي دعمت المنظومة الصحية بسرعة وفاعلية، ووزير الصحة المكلف وجميع العاملين الصحيين الذين تنبهوا لحجم الخطر وتعاملوا معه بجودة واقتدار. لكن في المقابل يجب أن نبقى جميعا حذرين متيقظين من نشاط الفيروس، وأن تستكمل جميع الخطط الوقائية للتعامل مع الحاضنات الأساسية للفيروس من الحيوانات، والإبل ومخالطيها بشكل خاص، التي أثبت علميا أنها حاضنة أساسية للفيروس، فالوقاية دائما خير من العلاج. ولوزير الصحة أقول إن المسؤولية كبيرة، ووزارة الصحة تعاني مشكلات عميقة أكبر من كورونا، ولا شك أنك شخصتها بدقة خلال هذه الفترة القصيرة لتقوم بمعالجتها، بما يخدم تقديم رعاية صحية متكاملة وفائقة للمواطنين.
مشاركة :