كركوك (العراق) - على الرغم من أن معظم مناطق العراق بدأت تتنفس الصعداء جراء اضمحلال تنظيم الدولة الإسلامية إلا أن قلق الأجهزة الأمنية في كركوك بدأ بالازدياد من تحركات الخلايا النائمة للتنظيم المتشدد في المحافظة والتي تتجه إلى التصاعد. منذ ثلاث سنوات التنظيم يسيطر على قضاء الحويجة (55 كم جنوب شرقي كركوك) ونواحي الرياض والرشاد والعباسي التابعة له والتي تشكل 32 في المئة من أراضي محافظة كركوك، والآن وقد بدأ الجدل حول تحرير تلك المناطق يتوقع القادة الأمنيون والعسكريون في كركوك أن يلجأ التنظيم كورقة أخيرة إلى تفعيل خلاياه النائمة داخل كركوك. وتقول القوات الأمنية في كركوك إنها اعتقلت خلال المدة الماضية العديد من العناصر ضمن خلايا الدولة الإسلامية النائمة ولإثبات صحة تلك المعلومات سمحت لمراسل بالتحدث إلى احد أولئك المعتقلين والذي تم اعتقاله مؤخرا من قبل مديرية الشرطة العامة في كركوك. احد المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية في كركوك وهو شاب ثلاثيني اعترف بان التنظيم أرسله إلى داخل كركوك ليبقى فيها كعنصر لخلية نائمة والبدء بالعمل متى طلب منه ذلك. وحسب أقواله فانه دخل كركوك منذ شهر آذار مارس من هذا العام تحت غطاء النازحين واعتقل فيما بعد من قبل الشرطة وجهاز المخابرات العراقي في التاسع عشر من تموز يوليو. وقال عنصر الدولة الإسلامية المعتقل في سجن الشرطة حول عمله مع التنظيم المتشدد "قبل مجيء الدولة الإسلامية قررنا مع شخصين آخرين من أهالي ناحية الرشاد حيث عملنا في الفلاحة لفترة طويلة قررنا العمل لمصلحة الدولة الإسلامية في شؤون الزراعة وقد أرسلوا لنا أموالا في البداية اشترينا بها أراضي زراعية في قضاء الحويجة وناحية الرشاد وفق عقود". وحول كيفية تقاسم الأرباح مع التنظيم قال "كنا نأخذ 40 في المئة من الأرباح فيما تذهب نسبة 60 في المئة منها إلى الدولة الإسلامية، استمررنا على هذا النحو لمدة عامين ونصف، ولكن عندما بدأت الطائرات الحربية بقصف المنطقة لحقت أضرار بالغة بالمحاصيل الزراعية فأوقفنا العمل ثم طلب منا والي قضاء الحويجة دخول كركوك كنازحين والعمل هناك سرا وتحويل حصة الدولة الإسلامية من أرباح إلى أي عمل نقوم به". وأضاف "جئنا إلى كركوك في شهر آذار مارس من هذا العام واتفقنا مع فلاح من محيط قرية الملا عبد الله ليسلمنا الأراضي التي يملكها لكي نعمل فيها وقد عملنا هناك لمدة عدة أشهر ثم اعتقلتنا الشرطة". وأفاد المعتقل بأن الحياة في قضاء الحويجة أصبحت الآن صعبة وقل الغذاء كثيرا لذلك فكر التنظيم في طرق مختلفة للحصول على ثمن للغذاء والأسلحة عبر الخلايا النائمة وقيام تلك الخلايا بعمليات عسكرية متى ما طلب منها ذلك "وحتى لا يشعر الناس بضعف الدولة الإسلامية" بحسب قوله. ويؤكد إحصاء لمديرية شرطة الأقضية والنواحي التابعة لكركوك اعتقال 52 شخصا خلال الأشهر الستة الماضية كان معظمهم من المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية فيما تسلل بعضهم من المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية بوثائق مزورة في صفوف النازحين الهاربين ثم استقروا في الأحياء العربية ومخيمات النازحين. وقال العميد سرحد قادر مدير شرطة الأقضية والنواحي التابعة لكركوك "لقد استخدمت جماعات أنصار السنة والقاعدة المسلحة وصولا إلى مسلحي داعش الخلايا النائمة في محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى من اجل مواصلة أعمالها المتطرفة منذ عام 2004". وأضاف "اعتقلنا في الرابع من آب أغسطس الحالي إحدى اخطر الخلايا النائمة لداعش وكانت تتألف من ثلاثة أشخاص يعملون في تجارة الحنطة ويرسلون أرباح أعمالهم إلى داعش كما تم اعتقال امرأة في اليوم نفسه كانت تشغل منصب مسؤولة ديوان التعليم لداعش مع زوجها الذي كان يعمل كمسؤول للجناح العسكري لداعش في الشرقاط وقد دخلا إلى كركوك كنازحين". مدير شرطة الاقضية والنواحي التابعة لكركوك قال أيضا "يدخل مسلحو داعش الى كركوك بوثائق مزورة وتحت مسمى النازحين ولكن تم اعتقال الكثير من عناصر الخلايا النائمة لمسلحي داعش بفضل مصادر معلوماتنا وتعاون مواطني كركوك". الأجهزة الأمنية تدرك جيدا أن التنظيم يتربص بكركوك لان أية عملية يقوم بها التنظيم داخل المحافظة ستلقى صدى كبيرا كونها المنطقة الأبرز المتنازع عليها بين بغداد واربيل لذلك تتعامل الأجهزة بحذر اكبر من الماضي حسب قوله. وقال اللواء محمد حاجي قادر مسؤول المحور الخامس لقوات البيشمركة في كركوك خلال حديثه إن "قوات البيشمركة فهمت جميع مخططات داعش بالاعتماد على المعلومات الاستخبارية ما أدى إلى تعامل قواتنا بحذر اكبر مع الذين يفرون من سلطة داعش تحت مسمى نازحين ويدخلون كركوك". وأضاف "بعد إعلان قائد القوات المسلحة العراقية استعادة السيطرة على الموصل بدأ داعش في الحويجة ومحيطها يتخوف أكثر من انتهاء سلطته المتطرفة لذلك يلجأ إلى الخلايا النائمة". التوقعات والفرضيات هذه دفعت القوات الأمنية والاستخبارية إلى إلقاء ثقل كبير على كركوك حسب قولها وذلك لمنع تكرار الأحداث التي كانت تزعزع الاستقرار في كركوك. وقال ضابط في جهاز المخابرات العراقي في كركوك فضل عدم نشر اسمه لحساسية منصبه قال حول ذلك "كثيرا ما يتم اعتقال شبكات وجماعات مختلفة من قبل الأجهزة الأمنية بعضها تأتي تحت مسمى النازحين والبعض الآخر هم من المتعاطفين مع التنظيم داخل المدينة وتتمثل خطتهم في تشكيل شبكة واسعة من الخلايا النائمة داخل كركوك والقيام بهجمات في الوقت المطلوب". وبأخذ المخاطر الموجودة حاليا في كركوك بنظر الاعتبار يرى مسؤولو المحافظة أن الحل الوحيد يكمن في الإسراع في تحرير قضاء الحويجة حيث أصبح بؤرة رئيسية لتجمع مسلحي التنظيم في المنطقة. الدكتور نجم الدين كريم المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية في كركوك قال إن "داعش يخسر تدريجيا المناطق الخاضعة لسيطرته لذلك يجب الإسراع في استعادة قضاء الحويجة فبقاؤه تحت سيطرة مسلحي داعش يشكل خطرا على كركوك". وكما يقول محافظ كركوك حتى لو كانت للدولة الإسلامية عناصر داخل المدينة إلا أنهم متفائلون باعتقالهم لان "قدرة الأجهزة الأمنية وقوات البيشمركة هي الأقوى وان الجماعات المسلحة كانت لها دوما تاريخ اسود ولم تنل غير الهزيمة".(نقاش)
مشاركة :