أحمد عثمان (باريس) لم ينكر وليام فوكنر (1879-1962) في يوم من الأيام أنه شاعر رديء (له ديوان صدر عام 1924). وهكذا، ينضاف بؤس آخر على الأقل. روائي؟ كان عليه الانتظار، حتى عام 1931، موعد صدور «الحرم»، روايته السادسة، لكي يغادر دائرة الكتاب السريين. الشهرة الحقيقية أتته مع حصوله على جائزة نوبل للآداب في عام 1949. خلال هذه الفترة، كان الروائي يعمل بكد. إذا كانت «مناجم الملح» مكنته من إخراج رأسه من المياه (في الثلاثينيات والأربعينيات، كتب عشرين سيناريو تقريباً، من ضمنها «ميناء القلق»)، فإن نشر القصص في المجلات والدوريات ساعده على تسديد فواتيره. للمرة الأولى، هي مجمعة كاملة بين دفتي كتاب واحد، تقترب صفحاته من 1824 صفحة، تحت عنوان «قصص»، عن دار غاليمار، سلسلة البلياد، قبل ثلاثة أسابيع: ترجمتها تمت وقتما أصبحت ضرورية، والآلة النقدية الدقيقة المصاحبة سوف تسمح بالاقتراب من سياقها الابداعي. من قراءتها، نتحصل على شيئين: يتمثل الأول في أن فوكنر لا يمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال! كمثال: في عام 1933، انتهى من إرسال قصة «الفنان في بيته» (عن كاتب يواجه شاعر من أصدقائه يسعى إلى خطف زوجته منه) إلى مجلة «ستوري» مقابل مكافأة زهيدة تقارب الخمسة وعشرين دولاراً. الشيء الثاني، طيف فوكنر الإبداعي الكبير. رواياته تمتاز بوفرة أحداثها، مما تمنحه القدرة على إدراج طرق أدبية معقدة، لكن قصصه القصيرة مكتوبة بأسلوب بسيط، يقترب من الحكي الشفاهي. بعض قصصه كلاسيكيات حقيقية بمعنى الكلمة، مثل «وردة لاميلي» (نسخة من الجنوب الأميركي حسبما الطريقة الفلوبيرية، «قلب ساذج»)، «الدورادو» (رسم بالزاج للجحيم الكاليفورني، تدور أحداثها عن المال، الإخفاق والكحول)، «العم ويللي» (يوميات موت معلن). وهكذا، فوكنر يحب الحكي، كتابة السيناريو، ويجعل أبطاله يتحدثون – بطاقتهم الوراثية، لغتهم. حكاياته، سواء دارت في الجنوب الأميركي (حقيقة أو خيالاً) أو في أوروبا، تعتبر جواهر ثمينة تلمع دائماً، وتجهل تماماً مرور الزمن. .............................. (*) الكتاب: William Faulkner، Nouvelles، Collection Bibliothèque de la Pléiade (n° 620)، Gallimard، 2016.
مشاركة :