يرصد د. جابر عصفور في كتابه الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان «تحولات شعرية»، مراحل الشعر العربي في العصر الحديث، حيث تحول إلى إلهام ووجدان مع الحركة الرومانسية، فأصبح الشاعر أقرب إلى النبي المجهول الذي ينكره قومه، وكان على شعراء الستينيات وراثة ذلك كله، فمنهم من ذهب إلى العقلانية الشعرية التي أصّلها صلاح عبد الصبور، ومنهم من وجد هواه في الخرافة الشعبية التي لا يزال أدونيس يكتشف منها ما يستحق، ومنهم من جاوز النقيض إلى طريق ثالث، فوجد صوته الخاص في آخر الأمر، ولم يبرز في مصر من الستينيين سوى عدد لا يجاوز أصابع اليد الواحدة، لكن من ذا الذي يحسب اللحظة الشعرية بعدد الشعراء؟ كما يسأل عصفور، ويجيب: «إن القياس الأهم هو الإنجاز، وفي تقديري أن أهم ما أنجزته الستينيات هو شاعر القضية الذي يسطع فيه اسم محمود درويش عربياً، واسم أمل دنقل مصرياً، وبينهما تتراتب الأسماء».لكن أزمنة الشعر - حسبما يؤكد عصفور - لا تنقطع مع الستينيات، فهناك العقود اللاحقة التي وصلت بقصيدة النثر إلى «ذرى سامقة، وبشعر التمرد إلى حقول باسقة»، وطرحت شعرية المرأة بقوة لم يسبق لها مثيل.
مشاركة :