افتتح مساء اليوم بمتحف الفن الإسلامي معرض "البارود والجوهر: أسلحة إسلامية من مقتنيات فاضل المنصوري" بحضور عدد من مسؤولي متاحف قطر وعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة وجمع من المثقفين والفنانين. ويضم المعرض الذي يستمر حتى 12 مايو 2018 طيفاً واسعاً من الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء التي صُنعَ معظمها في تركيا وإيران والهند بين منتصف القرن السابع عشر وأواسط القرن التاسع عشر. وخلال حفل الافتتاح، اصطحب السيد فاضل المنصوري، وهو أول جامع مقتنيات قطري يُخصَّص لمقتنياته معرضا في متحف الفن الإسلامي، الضيوفَ في جولة داخل أروقة المعرض أطلعهم فيها على محتوياته التي تعكس المستوى الفائق من البراعة الذي وصل إليه فن صناعة الأسلحة في عهد الإمبراطوريات العثمانية والصفوية والمغولية، حيث قدم المعرض واحدة من أفضل مجموعات الأسلحة المتنوعة من حيث الشكل والخامات المستخدمة في صناعة الأسلحة وتزيينها كالعاج والذهب المرصّع والأحجار شبه الكريمة والخط العربي. وقال فاضل المنصوري تعليقا على تنظيم المعرض "مع اتساع حجم مجموعتي، أدركتُ أن تزيين الأسلحة في تركيا والهند وإيران كان متشابهاً في الشكل والذوق خلال فترة ما، وهو ما لفت انتباهي إلى التداخل الواضح بين هذه الثقافات برغم بُعدها عن بعضها البعض ومن هنا فإن هذا النمط الفني، وما له من قدرة على تجاوز الثقافات، يجب أن يُقدَّر ويُحتفى به". وأوضح في تصريحات صحفية حول توجهه لهذه الهواية واهتمامه بالأسلحة أن بداية هوايته جاءت من خلال الاطلاع والبحث عن القيمة التاريخية للحضارة الاسلامية في مجال صناعة السلاح، والتي لم تلق الاهتمام المطلوب سواء من المؤسسات المتحفية أو الأفراد في العالم العربي .. لافتا إلى أنه انطلق نحو تجميع هذه الأسلحة التاريخية معتمدا على استراتيجية خاصة تقوم على أساسين الأول هو التركيز على الجانب الجمالي للقطع المقتناة وخضوعها لمعايير خاصة من الناحية التاريخية، أما الثاني فهو التركيز على معدن "الجوهر" وهو مزيج من المعادن القوية كان موجودا تاريخيا ومعروفا لدى المهتمين، ويتم هذا بغض النظر عن حالة البندقية أو السيف أو الرمح. وأضاف المنصوري أن السلاح لم يقتصر على الجانب الوظيفي بل تعداه ليشكل قطعا فنية رائعة عكست المستوى المادي والمكانة الاجتماعية لحائزه، وتتجلى أهمية السلاح الاسلامي من خلال المجموعات المهمة التي تم جمعها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي تشكل أقساما مهما في أهم المتاحف في أوروبا والولايات المتحدة، مما استدعى إصدار الكثير من الدراسات والبحوث التي عنيت بالسلاح الإسلامي بشكل عام أو تخصصت في السلاح العثماني أو الهندي بشكل خاص، ومن هنا كان توجهي لاقتناء هذه القطع التي تمثل الحضارة من جانب، كما أنها تمثل عونا للباحثين والدارسين للتاريخ من جانب آخر، خاصة أن السلاح لعب أهمية كبرى في تغيير الخريطة الجيوسياسية في العالم الاسلامي. حول القطعة الأثمن فنيا وماديا في المعرض قال السيد فاضل المنصوري : "يضم المعرض 69 قطعة موزعة على قسمين: قسم البارود وفيه البنادق والأسلحة النارية، وقسم الجوهر وفيه السيوف والخناجر، وكل قطعة تحمل في طياتها شيئا يميزها، ولكن بالفعل هناك سيف عثماني كتبت عليه قصيدة بردة البوصيري في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنزيل الذهب وبخط جميل، وهو عثماني تم اقتناؤه عن طريق دار مزاد في بريطانيا وأعتقد أنه الأثمن". وردا على سؤال آخر لـ "قنا" حول هوايته بترميم الأسلحة وكيف اكتسب هذه الخبرة قال :" جاء الاهتمام بالترميم بعد الحاجة الماسة للحفاظ على هذه القطع، وإبراز الجانب الجمالي لها، وقد اتبعت أسلوبا نشر عنه متحف فكتوريا آند البرت في بريطانيا تقريرا عن ترميم إحدى الفؤوس الإيرانية، وقد اتبعت هذه الطريقة وكانت ناجحة، ثم استطعت تطوير مهاراتي واستخدام أسلوبي الخاص في الترميم". أما عن احتضان متحف الفن الإسلامي لمقتنياته في هذا المعرض فأوضح المنصوري ان هذه التجربة الأولى لاحتضان أعمال مقتنى قطري، وهي فرصة عظيمة بالنسبة لمقتنى أن يعرض في جهة مرموقة مثل متحف الفن الاسلامي .. مشيرا إلى أن الاعداد لهذا المعرض استغرق عامين ، وكانت هناك تحديات تمثلت في ضرورة أن ترتقي القطع المعروضة لمستوى المعروضات المتحفية ولابد أن تكون في حالة جيدة وتكون ذات قيمة تاريخية وفنية، وقال:" أشجع إخواني المقتنين لخوض هذه التجربة، كل في مجاله، لأن الاطلاع عن قرب على الممارسات المتحفية العالمية أمر مهم لأي مقتن". ويُعد المنصوري كذلك من أشد المنادين بالحفاظ على التاريخ، وهو ما دعاه لإلقاء محاضرات عدة في متحف الفن الإسلامي عن فن صناعة الأسلحة الإسلامية وخاصة معدن الجوهر، إلى جانب محاضراته عن الترميم. هذا وتقام على هامش المعرض مجموعة من البرامج التعليمية وورش العمل والأنشطة والفعاليات.;
مشاركة :