انطلقت منذ أسابيع، في العاصمة الفرنسية باريس، قافلة للتنديد بالإرهاب والدور القطري المشبوه في تمويله، متجهة نحو مدن وعواصم أوروبية عدة، بمشاركة نحو 160 من أهم أئمة مساجد فرنسا وكتّابها وشخصيات كبيرة. وتهدف القافلة - التي نظمها اتحاد أئمة مسلمي فرنسا - إلى إيصال رسالة إلى الشعوب الأوروبية، مفادها أن الجالية المسلمة في أوروبا، ترفض أن ينتمي إليها أي شخص يرتبط اسمه بالإرهاب، وأن العمليات الإرهابية التي ضربت أوروبا وأماكن عدة من العالم تعتبر انتهاكاً صارخاً لكل الديانات السماوية، والقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، وأن الدول الأوروبية مطالبة باتخاذ إجراءات صارمة للحد من التمويل القطري المشبوه للإرهاب. وقد قطعت القافلة - التي حظيت تحركاتها بتغطية إعلامية مكثفة من الإعلام الأوروبي - بالحافلات نحو 5000 كيلومتر، جابت خلالها دولاً عدة، منها ألمانيا وبلجيكا، إلى جانب عدد من المدن الفرنسية، وزارت مواقع شهدت تفجيرات واعتداءات إرهابية خلال الفترة الماضية. رسالة إلى الشعوب وقال رئيس اتحاد أئمة مسلمي فرنسا، حسن شلغومي، في تصريح له: «نحمل عبر هذه القافلة رسالة إلى الشعوب والدول الأوروبية، مضمونها إدانتنا الشديدة للإرهاب، ونحمل أيضاً لهم أسئلة في شأن صمت الدول الأوروبية عن بعض الدول التي تدعم وتموّل الإرهاب، وفي مقدمتها قطر.. ونريد أن نعرف، لماذا يصر القطريون على السير عكس التيار، ويصرون على احتضان تنظيم الإخوان المسلمين المتطرف، وكل التكفيريين؟»، وأضاف: «رسالتنا واضحة.. هذا الإرهاب من ينفق عليه.. ومن يقف وراءه؟ نحن نندد بكل دولة وبكل سياسة تساند الإرهاب، وللأسف الشديد من أوائل هذه الدول قطر، ولابد أن تحاسب وتوضع تحت المجهر. الدور القطري خطر جداً، لتمويله التنظيم الإخواني والفكر التكفيري، الذي ينتشر في كل العالم، بما في ذلك أوروبا.. هذه مسؤولية الجميع.. إلى متى يبقى عدد الضحايا يتكاثر؟ وإلى متى يتواصل هذا الشر؟ نحن نخشى أن يتسبب كل هذا في حروب أهلية، بسبب هؤلاء الإرهابيين، ومن يقفون خلفهم ويدعمونهم ويموّلونهم». من جهته، عبّر إمام وخطيب مسجد مدينة نيس الفرنسية، الشيخ حسين درويش، في تصريح، عن قلقه من التصرفات القطرية التي باتت حديث كل وسائل الإعلام في أوروبا، داعياً المسؤولين القطريين إلى مراجعة سياساتهم في دعمهم تنظيم الإخوان المسلمين وبقية التنظيمات المتطرفة، وقال: «كنت دائماً من المعارضين للسياسات والتصرفات القطرية». واختار منظمو القافلة الانطلاق من موقع مقتل شرطي فرنسي على يد داعشي متطرف، في شارع الشانزيليزيه وسط باريس، قبل يومين من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، على أن تتوجه من هناك إلى العاصمة الألمانية برلين، وتحديداً موقع دهس شاحنة حشداً من المارة في سوق لأعياد الميلاد، ما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً، وإصابة نحو 50 على الأقل. وتحولت وجهة القافلة بعد برلين نحو العاصمة البلجيكية بروكسل، التي هزتها ثلاثة تفجيرات؛ اثنان منها في مطار بروكسل، وثالث في محطة مترو مالبيك، ما أسفر عن مقتل نحو 30 شخصاً، وإصابة أكثر من 100 آخرين. إلى ذلك، نشر أحد الصحافيين، بالتعاون مع كاتب بريطاني، تحقيقات استقصائية وتقريراً عن الأدلة على مسؤولية الأجهزة البريطانية والتمويل القطري عن الخطر الإرهابي القادم من ليبيا، الذي كان وراء إقدام انتحاري ليبي على تفجير نفسه في قاعة «مانشستر أرينا»، ما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى. وفي تقرير بعنوان «نكسة تفجير مانشستر: أحدث الأدلة»، كتب نافيز أحمد ومارك كيرتس أن تفجير 22 مايو «يعد في جزء منه نكسة للمواطنين البريطانيين ناجمة عن الأفعال السرية والعلنية للحكومة البريطانية». ويعتمد التقرير في مادته على المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام الرئيسة وبعض المصادر الموثوقة التي تثبت معرفة الأجهزة البريطانية بعناصر «الجماعة الليبية المقاتلة» ـ تتبع تنظيم «القاعدة» ـ الموجودين في مانشستر. ولا يستبعد التقرير تواطؤ بعض الأجهزة، بعدما ثبت دعمهم لهذه الجماعة، وغيرها من الجماعات المتطرفة، التي تموّلها وتسلّحها قطر في ليبيا. ورغم التركيز على ليبيا كمصدر للإرهاب المحلي في بريطانيا، يعرّج التقرير أيضاً على الدور البريطاني في سورية والعراق بدعم من قطر وتركيا. وأفادت النتيجة التي توصلت اليها تحقيقات الفريق، والأدلة التي كشف أغلبها في العلن، بأن «العمل السري لبريطانيا في ليبيا في 2011 شمل الموافقة على دعم تسليح قطر ومساندتها للقوات المعارضة، بما فيها الجماعات المتشددة ما أدى إلى تغذية الإرهاب في ليبيا». ويضيف التقرير: «من بين الجماعات التي دعمتها وسلّحتها قطر كتيبة شهداء 17 فبراير، التي تقول التقارير إن رمضان عبيدي (والد انتحاري مانشستر) التحق بها في الحرب على القذافي». وحتى بعيداً عن ليبيا «وجدت شحنات السلاح القطرية إلى ليبيا في 2011 طريقها إلى المقاتلين الإسلاميين في سورية، بما فيها جماعات مرتبطة بتنظيمي (القاعدة) و(داعش)». ويخلص التقرير إلى أن «الأدلة تشير إلى أن الجماعة الليبية المقاتلة اعتبرت من قبل بريطانيا ميليشيا تقوم بالوكالة بتحقيق أهداف السياسة الخارجية للحكومة. كما اعتبرت الحكومة البريطانية قطر وكيلاً لتوفير الدعم على الأرض في ليبيا، حتى رغم مساندتها للجماعات الإسلامية المتشددة». وكانت وسائل الإعلام البريطانية شنت هجوماً على الأجهزة بعد هجوم مانشستر، وتكرر ذلك بعد هجوم لندن بريدج، والعثور على بطاقة هوية أيرلندية مع أحد الإرهابيين الذي قيل إنه من أصل ليبي. ولم يُعرف بعد إن كانت التحقيقات البريطانية طالت خالد الصلابي، الأخ الأصغر لعلي الصلابي القطري - الليبي الإخواني، وراعي جماعات الإرهاب في ليبيا.
مشاركة :