تونس – يزداد المشهد السياسي في تونس هذه الأيام التباسا بسبب حالة الغموض التي تكتنف التغييرات السياسية المرتقبة والتي لاتزال تراوح مكانها بين تعديل وزاري واسع أو تعديل لسد الشغور الحاصل في بعض الوزارات بالتزامن مع دفع في اتجاهين متناقضين من قبل الأحزاب بين الداعم لإجراء الانتخابات البلدية أو تأجيلها وتحذيرات من فشل هذا الاستحقاق. وتشكل كل تلك العوامل مجتمعة ضغوطا شديدة على رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وقد دعا رئيس مجلس النواب التونسي محمد الناصر الثلاثاء مكتب المجلس إلى عقد جلسة الأربعاء بقصر باردو لبحث تنظيم دورة استثنائية بعد عيد الأضحى. وقالت مصادر برلمانية إن الجلسة ستركز على بحث منح الثقة للحكومة الجديدة بعد التعديل الوزاري المرتقب. كما ستناقش مسألة سد الشغور الحاصل في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وملف المحكمة الدستورية ومشروع قانون المصالحة. وفي خضم هذا الحراك السياسي لم يتضح بعد ما اذا كان الشاهد سيلجأ إلى تعديل وزاري محدود يشمل سد الشغور في ثلاث وزارات هي المالية والتربية والاستثمار والتعاون الدولي، أم أن التعديلات ستكون أوسع. وبينما ترجح أوساط أن يلجأ الشاهد إلى تعديل لسد الشغور فقط، تطالب بعض الأحزاب السياسية بتعديل واسع يشمل تعيين وزراء تكنوقراط وسط انتقادات لأداء بعض الوزراء الحاليين. ويرى سياسيون أن البلاد بحاجة لحكومة كفاءات تقطع مع المحاصصة الحزبية والحسابات الضيقة لكل من حركتي نداء تونس والنهضة. وكان الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق قد حث الاثنين على اجراء تعديل وزاري يكون نابعا من رؤية وطنية شاملة مبنيّة على الكفاءات وعلى استراتيجية واضحة قادرة على اخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية. ويرى الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي من جهته أن التعديل الوزاري أصبح حتمية تمليها الشغورات في المناصب الوزارية الثلاث (المالية والتربية والاستثمار والتعاون الدولي)، لكنه أكد أنه لا يجب أن يقتصر التعديل على سد الشغور الحاصل. واعتبر أن التعديل الوزاري أمر ضروري لترميم بيت حكومة الوحدة الوطنية الداخلي وتقوية اداء الفريق الحكومي خاصة مع الحرب التي أعلنها الشاهد ضد الفساد، موضحا أن هذا الأمر يتطلب جهدا كبيرا لأنها حرب طويلة المدى. كما أشار في تصريحات سابقة إلى أن الشاهد بحاجة لضخ دماء جديدة في حكومته. وكانت حركة النهضة الشريك الرئيسي في حكومة الوحدة قد حثت على تعديلات محدودة تشمل سد الشغور فقط، معتبرة أن الظرف الحالي لا يسمح بتعديلات أوسع. وكان الحزب الجمهوري وأحزاب المسار والجبهة الشعبية ومشروع تونس وتونس أولا والبديل التونسي و حزب التكتل من أجل العمل والحريات قد أعلنت في وقت سابق أن الوضع الحالي لا يسمح بتنظيم الانتخابات البلدية، مطالبة بتأجيلها حتى يتسنى توفير مناخ انتخابي أفضل. وتجادل تلك الأحزاب التي تلح على تأجيل اجراء الانتخابات البلدية بأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ليست جاهزة لتأمين هذا الاستحقاق الانتخابي المهم. وحذرت مختلف تلك الأحزاب من أن التسرع في اجراء الانتخابات البلدية يعد مجازفة سيكون لها تداعياتها. ويعتقد البعض أن حركتي نداء تونس والنهضة الشريكان الاساسيان في الحكم يدفعان لإجراء الانتخابات البلدية لأنها النتائج قد تحسم لصالحهما. ويحق للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بعد التشاور مع مختلف المكونات السياسية والأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج وحتى تلك التي لم توقع عليها واذا كان ثمة توافق حول تأجيل الانتخابات، أن يصدر أمرا بتحديد موعد لاحق. والانتخابات البلدية التي من المقرر أن تجري في 17 ديسمبر/كانون الأول هي أول انتخابات محلية في تونس بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011. وكانت آخر انتخابات بلدية شهدتها تونس في 2010، وتهدف انتخابات 2017 لانتخاب أعضاء المجالس البلدية في بلديات تونس الـ350. كان من المقرر أن تجري في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016 ثم تم تأجيلها إلى 26 مارس/اذار 2017 قبل أن يتم تأجيلها مرة أخرى إلى 17 ديسمبر/كانون الأول 2017. وواجهت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تشرف على هذه الانتخابات واشرفت في السابق على الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2014، انتقادات من ضمنها عدم جاهزيتها لهذا الاستحقاق واتهامات بسوء ادارة الحملة الدعائية لحث المواطنين على تسجيل اسمائهم. وتشير آخر التقارير إلى عزوف كبير خاصة من قبل الشباب على التسجيل للاقتراع حيث أفادت الهيئة بتسجيل ما يقارب 590 ألف ناخب حتى أغسطس/اب.
مشاركة :