يبدأ أكثر من مليوني مسلم جاؤوا من جميع أنحاء العالم، الأربعاء 30 أغسطس/آب 2017، مناسك الحج في مكة المكرمة، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي ظل تهديدات أمنية وأزمات دبلوماسية تعصف بالمنطقة. ويقضي الحجاج يوم التروية، اليوم الأربعاء الموافق 8 ذي الحجة؛ اقتداءً بسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك قبيل توجههم للوقوف بجبل عرفة، الركن الأعظم للحج غداً. ويقوم الحجيج بين الحين والآخر بالتلبية خلال رحلة تصعيدهم من مكة إلى مشعر منى، مردِّدين بصوت واحد "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك". ويتدفق ضيوف الرحمن صباح غدٍ الخميس، إلى صعيد جبل عرفات على بُعد 12 كيلومتراً من مكة، ليشهدوا الوقفة الكبرى ويقضوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم ينفرون مع مغيب الشمس إلى مزدلفة.رمي الجمرات ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة لرمي جمرة العقبة (أقرب الجمرات إلى مكة)، والنحر (للحاج المتمتع والقارن فقط)، ثم الحلق والتقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة. ويقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاثة (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة (الكبرى)، ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكة لأداء طواف الوداع، وهو آخر مناسك الحج. وبعد عامين من حادث تدافع أودى بحياة أكثر من 2300 شخص، تؤكد السلطات السعودية أنها سخَّرت كل طاقاتها الأمنية والخدماتية في سبيل إنجاح موسم الحج والاستعداد لأي طارئ. ويتوجه الحجاج فجر الخميس إلى وادي منى، الذي يبعد خمسة كيلومترات إلى الشرق من مكة المكرمة، قبل أن يصعدوا إلى جبل عرفة لرمي الجمرات، في عملية ترمز إلى رجم الشيطان. يعود هذا العام إلى مكة الحجاج الإيرانيون، الذين غابوا عن شعائر السنة الماضية، بعدما أدى حادث التدافع في 2015 إلى وفاة 464 إيرانياً، تلاه قطع العلاقات بين المملكة السعودية وإيران، إثر مهاجمة السفارة السعودية في طهران، بعد إعدام الرياض رجلَ الدين الشيعي نمر النمر. استعدادات أمنية ويؤكد اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، أن "ضمان سلامة الحجاج أولوية" سلطات المملكة. وبحسب المتحدث، فإن أكثر من 100 ألف رجل أمن يعملون على تأمين الشعائر في مختلف مراحلها ومواقعها. كما تجري مناسك الحج هذا العام في خضم أزمة دبلوماسية كبرى في الخليج إثر قطع المملكة السعودية ودول أخرى علاقاتها مع قطر على خلفية اتهامها بالتقرب من إيران، الخصم الأكبر للرياض في منطقة الشرق الأوسط، وبدعم الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة. وتسبَّب قطع العلاقات مع قطر، والإجراءات العقابية التي اتَّخذتها السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بحقها، ومنها إغلاق الحدود البرية مع السعودية والمجالات الجوية أمام طائراتها، تسبب بتقليص أعداد الحجاج القطريين. وقبيل بدء موسم الحج، أعلنت السعودية فتح حدودها البرية مؤقتاً أمام الحجاج القطريين، إلا أن أعداداً قليلة فقط من هؤلاء عبروا نحو مكة المكرمة والمدينة المنورة، بحسب عضو في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الإمارة. وقال المسؤول الذي فضَّل عدم الكشف عن هويته "تقديراتنا تفيد بأن 60 إلى 70 شخصاً عبروا الحدود الأسبوع الماضي"، مشدداً على أن هذا العدد "ليس رسمياً بعد، فنحن ننتظر التقديرات الرسمية". في مقابل ذلك، أفادت وسائل إعلام سعودية أن أعداد الحجاج القطريين وصلت إلى أكثر من 1200 شخص. والعام الماضي أدى نحو 12 ألف قطري مناسك الحج، بحسب ما تفيد وكالة الأنباء الرسمية القطرية. كرسي نقال كما يجري التجمع المليوني الذي يعتبر أحد أكبر التجمعات الدينية السنوية في العالم، في ظل خسارة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف مناطق نفوذ مهمة له في سوريا والعراق، رغم أنه لا يزال يواصل مهاجمة أهداف في الشرق الأوسط وفي أوروبا. وإضافة إلى قيمته الدينية، يشكل موسم الحج مصدر إيرادات كبيراً للمملكة السعودية. وتتضمن خطة "رؤية 2030" الاقتصادية، والهادفة إلى التقليل من الاعتماد على النفط، إجراءات لدعم السياحة الدينية في السعودية. وبحسب السلطات، فإن أعداد الحجاج ارتفعت بشكل كبير هذا العام مقارنة بالسنة الماضية.
مشاركة :