البكتيريا في أمعائك... كيف تعتني بها؟

  • 8/31/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تقبع مستعمرات البكتيريا، التي تشكّل ما يُدعى «الميكروبيوم»، بهدوء في أمعائنا الدافئة، إلا أنها لا تعرف معنى الراحة: فهي تؤثر في كامل جسمنا، وخصوصاً دماغنا. يسهم هؤلاء العمال الصغار، الذي يبلغ عددهم 100 ألف مليار ويشكلون نحو كيلوغرام ونصف كيلوغرام من وزننا، في عملية الهضم، إنتاج الفيتامينات التي نعجز عن إفرازها، تطوير جهازنا المناعي، والتخلص من بعض السموم في عدد من الأطعمة التي نتناولها... ولكن ما السبيل إلى حماية هذه البكتيريا والحفاظ بالتالي على صحتنا عموماً؟ إليك بعض نصائح الخبراء. ضبط ميكروبيوم الجنين يجب ألا تتناول المرأة الحامل المضادات الحيوية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل لأن ذلك قد يحدّ من البكتيريا المفيدة ويحدث خللاً في التوازن القائم في الأمعاء. من الضروري أن تنقل الأم إلى طفلها عند الولادة ميكروبيوماً متوازناً. ولكن إن لم يكن من تناول المضادات الحيوية بدّ، ينبغي أخذ أدنى جرعة فاعلة لأقصر فترة ممكنة بغية الحفاظ على العدد الأكبر من البكتيريا المفيدة. تفادي الولادة القيصرية الاختيارية خلال الوضع، يحتك الطفل للمرة الأولى مع البكتيريا: تلك التي تنتشر في مهبل الأم وشرجها. وتنتقل هذه البكتيريا إلى جهازه الهضمي وتستقر فيه. ولكن في الولادة القيصرية، لا يتعرّض الطفل إلا للبكتيريا المنتشرة على بشرة أمه ومَن يتولون العناية به في المستشفى. الرضاعة بالغة الأهمية ساد الاعتقاد في الماضي أن حليب الأم معقّم. ولكن اتضح أخيراً أنه ليس كذلك. يستهلك الطفل، الذي يشرب 800 مليلتر من حليب أمه يومياً، نحو 100 ألف إلى 10 ملايين بكتيريا مفيدة تغني الميكروبيوم في أمعائه. كذلك يحتوي حليب الأم على أنواع سكر معقدة تساهم في تنوع البكتيريا. ولكن إن لم تستطع الأم الإرضاع، من الممكن إطعام الطفل حليباً اصطناعياً غنياً بالبروبيوتيك. ضبط ميكروبيوم عدم المبالغة في المضادات الحيوية تهاجم المضادات الحيوية البكتيريا الجيدة كما السيئة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الإفراط في تناول المضادات الحيوية إلى ظهور أمراض مقاومة للأدوية. وهكذا، يكون للمغالاة في استهلاك هذه المضادات تأثيرات سلبية في الإنسان على الأمد الطويل، وخصوصاً قبل بلوغه سنته الثالثة حين يكون الميكروبيوم غير ناضج. ومن الممكن لهذا الخلل في بكتيريا الأمعاء أن يزيد احتمال إصابة الولد بالسمنة، الربو، والحساسية في مراحل حياته الأولى ولاحقاً حين يصبح بالغاً. علاوة على ذلك، تسمح ظاهرة تُدعى «الرجوعية» للميكروبيوم باستعادة تركيبته السليمة بعد بضعة أسابيع من العلاج بالمضادات الحيوية، إلا أن هذه الظاهرة تفقد فاعليتها عند تكرار هذا العلاج. اتباع غذاء غني بالألياف من الضروري أن نتناول 5 حبات من الفاكهة والخضر يومياً. صحيح أننا نعجز عن هضم أليافها، إلا أن البكتيريا في أمعائنا تسعد بها لأن هذه الألياف تشكّل غذاءها الرئيس. تهضم البكتيريا أنواع السكر النباتية المعقدة هذه لتنتج في المقابل أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة تؤدي أدواراً بالغة الأهمية في جسمنا. ثمة قول يُنسب إلى تشرشل مفاده: «تفاحة في اليوم تبعد عنك الطبيب». ولا شك في أن تشرشل مصيب لأننا نكتشف كل يوم مزايا إضافية للتفاح وتأثيراته الإيجابية في الميكروبيوم، مع أن هذا لا يعني أن نكتفي بتناول هذه الفاكهة. يجب أن نعتمد على عدد من مصادر الألياف لأننا بذلك نحصل على مجموعة أكثر تنوعاً منها، ما يزيد بدوره تنوع البكتيريا، الذي يشكّل إشارة إلى صحة الميكروبيوم الجيدة. الامتناع عن تناول بدائل السكر أظهرت إحدى الدراسات أن الفئران تعاني تبدلاً في الميكروبيوم وتصبح أكثر عرضة لداء السكري، عندما تتناول بدائل السكر. ومن هنا تبرز أهمية تفادي هذه البدائل. بالإضافة إلى ذلك، عندما نقل الباحثون ميكروبيوم هذه الفئران إلى فئران نشأت في بيئة معقمة، صارت هذه الأخيرة بدورها أكثر عرضة لداء السكري. أما في حالة البشر، فتشير الدراسات إلى أن تناول بدائل السكر بكمياتٍ كبيرة يؤدي إلى تبدّل الميكروبيوم وإلى الإصابة بمقاومة الإنسولين. وإلى أن تقدّم لنا الدراسات معلومات أكبر عن هذه البدائل، من الأفضل تفاديها، وخصوصاً أن دورها في خسارة الوزن لم يُثبت مطلقاً. الحد من استهلاك اللحوم ومشروبات الطاقة تحتوي اللحوم وبعض مشروبات الطاقة على أحماض أمينية تحوّلها البكتيريا والكبد إلى منتجات سامة. وبغض النظر عن معدّل الكولسترول في الدم، تزيد هذه الأحماض احتمال التعرّض لمشاكل في الشرايين، ما يفاقم بدوره خطر الإصابة بأمراضٍ قلبية وعائية. تجنّب المنتجات الصناعية تؤدي المواد الملوِّنة، المضافة، والمنكِّهة الكثيرة، التي لا تخلو منها الأطعمة الصناعية، إلى خلل في بكتيريا الأمعاء. ومن هذه العوامل المستحلبات التي تبدّل لدى الفئران كثافة المخاط الذي يفصل البكتيريا عن جدران الأمعاء. نتيجة لذلك، تخسر طبقة المخاط هذه سماكتها، ما يزيد نفاذية الأمعاء ويفاقم احتمال التعرض لالتهاب القولون والداء السكري. وبما أنّ الأبحاث في هذا المجال لا تزال حديثة العهد، من الأفضل تجنّب هذه المواد الضارة. تناول البروبيوتيك إن لاحظت أي تراجع في صحتك أو في حالتك النفسية، لا تسارع إلى أخذ مضادات القلق أو الكآبة. لمَ لا تجرّب أولاً البروبيوتيك؟ صحيح أن تأثيراتها لم تُثبت علمياً بعد، إلا أنّ لا ضرر من اختبارها طوال أسبوع إلى ثلاثة أسابيع قبل اللجوء إلى علاجات أقوى.

مشاركة :