يحلّ عيد الأضحى المبارك على قطر بطعم الخسائر المتفاقمة على المستويات السياسية والاقتصادية، لا سيما على مستوى القطاع السياحي؛ حيث تشير التقارير إلى عزوف أعداد كبيرة من السياح الخليجيين والأجانب عن زيارة قطر بعد قطع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة، التي تصر على دعم الإرهاب وجماعاته، ومواصلة التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. ومثّل السياح الخليجيون سابقاً النسبة الأكبر من الوافدين إلى قطر، خاصة في المناسبات والعطلات الموسمية، وتشير التقديرات إلى أن 50 % من نسبة إشغال الفنادق القطرية كانت لأفراد سعوديين وإماراتيين. خسائر مليارية وسيتسبب عزوف السياح السعوديين الذين يتخطى عددهم المليون سائح سنوياً عن التوجه إلى قطر لقضاء العطل القصيرة في خسائر للدوحة تصل إلى 5 مليارات ريال سنوياً. ولا يمثل الكويتيون الذين يزورون قطر سوى 1% من الكويتيين الذين يسافرون للخارج وينفقون قرابة 20 مليار ريال، بينما لا يفضل العمانيون قطر وجهة سياحية لهم. وتفاقمت أزمة القطاع السياحي القطري مع غياب الزوار وتوقف حركة السياحة إلى الدوحة من الدول العربية المقاطعة والرافضة لسياسات قطر الداعمة للإرهاب ومع ترنح قطاع السياحة أصبحت استراتيجية قطر السياحية 2030 حلماً بعيد المنال. وفشلت الجهود والمحاولات القطرية في استجداء الزوار خلال فترة العيد، حيث يمثل عيد الأضحى أحد المواسم المهم للسياحة ووجهة للزوار سواء من الخارج أو على مستوى السياحة الداخلية، حيث تعاني الفنادق ومنشآت الضيافة حالة من الشلل نتيجة غياب الزبائن مما أضر بإيراداتها بصورة كبيرة وأصبحت عاجزة عن مواجهة التزاماتها وتدبير نفقاتها التشغيلية وتحمل مصارف المرافق مثل الاتصالات والكهرباء والمياه والغاز فضلاً عن أجور العاملين. اجازات إجبارية واضطرت العديد من منشآت الضيافة والفنادق «الخاوية» إلى إجبار العاملين على اجازات طويلة مفتوحة غير مدفوعة الأجر لحين تحسن الأوضاع وانتهاء الأزمة. وفشلت المحاولات المستميتة من جانب الحكومة في إعادة الثقة للزوار والسياح من الخارج واستعادة معدلات الإشغال الفندقي الطبيعية، كما فشلت في تنشيط السياحة الداخلية التي تأثرت بشدة من المشكلات الاقتصادية المتفاقمة وموجات الغلاء التي ضربت جميع القطاعات لترفع تكلفة المعيشة وتحد من القدرات الشرائية للقطريين والمقيمين الذين يتجهون إلى إجراءات تقشف غير مسبوقة في محاولة لترشيد الإنفاق لاسيما مع احتمالات تزايد أمد أزمة المقاطعة. وحول استجداء قطر للسياح الخليجيين لقضاء عطلاتهم بالدوحة، عبر برامج سياحية مجانية، قال الخبير السياحي عماري عبدالعظيم، رئيس غرفة السياحة والطيران في مصر، إن قطر تحاول إذابة الجليد بينها وبين الشعوب العربية الغاضبة، غير أنها لن تنال رضا تلك الشعوب ولن تغير موقف الحكومات المقاطعة لها طالما أصرت على اتباع سياساتها الداعمة للإرهاب. وتفاقمت مشكلات القطاع السياحي القطري خلال الأيام الماضية في ظل عدم مقدرته على الصمود أمام العقبات التي يواجهها مع تواصل أمد المقاطعة والتي دفع العديد من المستثمرين والشركات الأجنبية إلى إعادة النظر في الخطط الاستثمارية في سوق السياحة القطري نتيجة لتراجع الجدوى الاستثمارية في ظل فقدان السوق لأكثر من نصف أعداد السياح. استراتيجية 2030 وكشفت مؤشرات أولية عن أن الاستراتيجية القطرية لقطاع السياحة 2030 والتي تهدف إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي القطري الإجمالي لتصل إلى 5.2% خلال السنوات المقبلة بالإضافة إلى توليد 98 ألف فرصة عمل وتوفير أكثر من 63 ألف غرفة فندقية عبر استثمار ما يصل إلى 45 مليار دولار أصبحت حلماً بعيد المنال في ظل هروب الاستثمارات السياحية الأجنبية والعربية من السوق القطري، نتيجة تراجع مستوى الثقة بالاستثمارات التي كانت تعول على ضيوف كأس العالم 2022. وكشفت وكالة «بلومبرغ» أن مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وعلى رأسها الإمارات والسعودية والبحرين ومصر لقطر أدت إلى فقدان الأخيرة لنحو نصف قاعدة مستثمريها التقليديين. كما تؤكد المؤشرات هروب العديد من المستثمرين من غير دول المقاطعة نتيجة لفقدان الثقة بالسوق السياحي القطري الذي يواجه أصعب أزمة في تاريخه. فوائد مرتفعة وانعكس قرار المقاطعة على الاستثمارات الفردية والمؤسسية في قطر، وثمة توقعات بأن تواجه الشركات والمشروعات القطرية مزيداً من الصعوبات مستقبلاً، في ظل قرار المقاطعة وعزوف العديد من المؤسسات المالية عن تمويلات مشروعات سياحية وغير سياحية في قطر أو تمويلها بفوائد مرتفعة جداً الأمر الذي يفقدها القيمة الاستثمارية. وعلى الرغم من أن قطر تسعى لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 إلا أن هذه الفعالية بحسب مراقبين لن تتمكن، في حال أقيمت، من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب بهذا السوق، مع استمرار تنفيذ المقاطعة، أو تم توسيعها لتشمل آليات أخرى، حيث يرى خبراء أن تعثر المشروعات والشكوك بشأن تورط الدوحة في دفع رشاوى لاستضافة المونديال تهدد بسحب شرف تنظيم المونديال من قطر. وقال سعيد العابدي رئيس مجموعة العابدي القابضة إن الاستثمارات بشكل عام، سواء كانت فردية أو مؤسسية تبحث عن المناطق والمناخات التي يتوفر فيها الاستقرار والهدوء والأمان قبل النظر إلى معدل الأرباح الذي يمكن تحقيقه في هذه المنطقة، ومن دون عامل الاستقرار لا يمكن أن تنجح أي استثمارات، لا سيما إذا كانت استثمارات سياحية. الإقامات الدائمة وأكد خبراء فشل الدوحة في إغراء السائحين عبر إعفائهم من تأشيرات الدخول لاسيما مع تعدد وتنوع الخيارات بالنسبة للسائحين أفضل في الخدمات والتكلفة مقارنة بما هي عليه في الدوحة. وفي محاولة لاستجداء الزوار عبر منح إعفاء مجاني قررت الدوحة منح مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول لدى وصولهم لدولة قطر، حيث تنقسم الجنسيات إلى مجموعتين الأولى تتكون من 33 جنسية تحصل على إعفاء سارٍ لمدة 180 يوماً من تاريخ الإصدار ويسمح لحامل الإعفاء بالبقاء في دولة قطر لمدة 90 يوماً خلال زيارة واحدة أو عدة زيارات أما المجموعة الثانية: تتكون من 47 جنسية تحصل على إعفاء سارٍ لمدة 30 يوماً من تاريخ الإصدار وهو قابل للتجديد لمدة 30 يوماً أخرى ويسمح لحامل الإعفاء بالبقاء لمدة 30 يوماً من خلال زيارة واحدة أو عدة زيارات. نزوح الأموال وتتزايد عزلة قطر يوماً بعد يوم مع استمرار المقاطعة العربية للدوحة، حيث تترنح القطاعات الاقتصادية مع تواصل نزوح الأموال وتخارج الاستثمارات المباشرة وفي سوق الأوراق المالية. كما تعاني قطاعات الطيران والنقل الجوي من توقف الرحلات، حيث كانت دول المقاطعة تستحوذ على نحو 25 من رحلات «القطرية» فيما حذرت تقارير صحافية أميركية من محاولات قطر المستميتة لتملك حصصاً في الناقلات الأميركية. وقفزت تكلفة نقل الإمدادات ومواد البناء اللازمة لتطوير البنية التحتية الخاصة بمونديال كرة القدم 2022 إلى 200 مليار دولار جراء إغلاق الإمارات والسعودية والبحرين ومصر حدودها البحرية والبرية مع قطر لتتم عملية النقل عبر موانئ بعيدة بتكاليف مضاعفة مما يقوض فرص الدوحة في استضافة كأس العالم. ولفتت «بلومبرج» في تقرير لها إلى أن أحد السبل التي يمكن أن تلجأ لها الدول الأربع الداعية لمكافحة للإرهاب هو تخيير الشركات الدولية إما بالتخلي عن صفقات تجارية مع قطر لإبقاء العقود معها أو إلغاء تعاقدها معها في حالة عدم موافقتها على هذا المطلب. ركود عنيف ويأتي ذلك متزامناً مع تأكيدات اقتصاديين، بأن قطر على وشك أن السقوط في مستنقع ركود اقتصادي، عنيف مع زيادة الطلب على السلع الغذائية والتضخم العالي وتواصل فقدان الريال لقيمته، فيما توقف تدفق الودائع الجديدة على الاقتصاد القطري بعد التصنيفات الائتمانية الأخيرة المتراجعة ووضعها قيد المراجعة وتعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية. وبحسب بيانات إحصائية تفقد قطر المزيد من أموال الشركات والاستثمارات الخليجية والأجنبية بصورة يومية، وهناك نزوح متواصل للسيولة من سوق المال والسندات مع تفاقم الخسائر في كل القطاعات، حيث سيتسبب خروج الأموال والاستثمارات الخليجية والأجنبية من قطر، في المزيد من فقدان الثقة بالسوق القطرية، وسيترتب على ذلك تعويضات للشركات وإفلاسات وتأمينات ستتحملها الدولة بصورة إجبارية.
مشاركة :