أكد مثقفون أن الساحة الثقافية شهدت تراجعا في تفاعل المثقفين مع موسم الحج وضعف استثمار هذه المناسبة العظيمة في إثراء إبداعاتهم الشعرية والسردية، ودعوا وزارة الثقافة والإعلام الى الإكثار من المناشط الثقافية، وأن تكون نوعية لا تقليدية ويكون الإعداد لها قد أُنجز بعناية، وألا تكون مجرد نسخة مكررة من الأنشطة المعتادة في الوطن العربي.نوعي لا تقليدي الناقد د. حسن الفٓيفي قال: لم نشهد أي محافل ثقافية في موسم الحج ونأمل من الوزارة التنسيق مع وزارة الحج لتنظيم مناشط ثقافية يكون الإعداد لها قد أُنجز بعناية سلفا ومن التنسيق المقترح معرفة أعلام الثقافة العرب والمسلمين عن طريق السفارات السعودية وقنصلياتها في العالم الذين سجلوا لموسم الحج وحصلوا على الموافقة والطلب منهم إعداد أوراق وموضوعات تتناسب مع هذا الحدث الكبير تفاديا للعشوائية ومفاجأة الضيف بطلب لم يكن مستعدا له. لكن من وجهة نظري أن المنشط الثقافي في الحج ينبغي أن يكون نوعيا لا تقليديا أما إن كان كذلك فسيكون مجرد نسخة مكررة من الأنشطة الثقافية المعتادة في الوطن العربي.حضور مخجل أكد الشاعر د. احمد الطامي ان الحج أكبر وأقدس مناسبة دينية في العالم الإسلامي. وكان للحج حضوره الشعري لدى شعراء مكة خاصة. ومكة كانت منطلق نهضة الشعر العربي السعودي منذ أكثر من قرن. إن نظرة على كتاب (الحج في الشعر السعودي) للدكتور إبراهيم الدغيري يثبت هذا الحضور القوي وخاصة في القرن الهجري الماضي. ولكني لاحظت أن العقود الأخيرة شهدت خفوتا في تفاعل الشعراء السعوديين مع هذا الحدث الإسلامي الروحاني العظيم. أما الأعمال السردية فكان حضور الحج خجولا رغم أن الرواية أقرب إلى استلهام شعائر الحج لما تحتويه من تنوع وحركية ودرامية. تراجع ملحوظ وأرجع عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة الملك خالد د. يحيى الشريف، اسباب تراجع الحصاد الادبي الى غياب تقصي عنصر الدهشة في العصر الحديث فقد أصبح منظر المشاعر والمقدسات مشهدا بصٓريّا ألِفته العين والفؤاد وهذا خلاف ما كان عليه الحال قديما، فقد كان الإبهار حاضرا في المشهد فينعكس على الإبداع شعرا ونثرا ومن هنا فقدت التجربة قدرا غير يسير من وهجها. فعندما نجيل النظر فيما دوَّنه مثلا ابن جبير الأندلسي وابن بطوطة أو بعض المستشرقين فإن أغلبهم ربما واتته فرصة الحج مرة واحدة في حياته فكان ذلك دافعا قويا لتوثيق هذه الرحلة بتفاصيلها، أما من يتوقع تكرار الحج فدافع الكتابة في المرة الأولى أضعف والأمل في العودة قد يُغري بتأخير الكتابة وقِصٓر رحلة الحج، فهي الآن بضعة أيام، وهي غير كافية لإنضاج فكرة إبداعية قائمة على التفكّر والغوص في خبايا النفوس واستنطاقها.قصور غير مقصود ويقول الشاعر سعد الغريبي: الحج رحلة دينية إلى أفضل البقاع وأكثرها روحانية، وهي كانت وما زالت ملهمة للأدباء والمؤرخين والكتاب في كل أصقاع العالم وفي كل العصور. والمتتبع لأدب الرحلة يجد أن كثيرا من المؤلفات في هذا اللون قد اتخذت من الحج نقطة بدايتها كرحلتي ابن جبير وابن بطوطة، أما إن وجدنا تقصيرا اليوم في صفحات أدبنا السعودي أو أنديتنا الأدبية فنحن المقصرون وليس الحج، لأن كثيرا من القائمين على المؤسسات الصحفية والأندية الأدبية يعدون فترة الحج إجازة رسمية وكأنهم في مدارس أو جامعات، ولو صوبوا أنظارهم إلى وزارات الحكومة لوجدوا معظمها تعمل بجهد مضاعف لخدمة الحجيج. وأظن الحاج الأديب حين يأتي للحج لا يسقط من أهدافه ومخططاته الالتقاء ببعض رموز الأدب في بلادنا، ويمني نفسه بحوار صحفي أو استضافة في إحدى المؤسسات الأدبية، لكنه يعود أدراجه خالي الوفاض إلا من النفحات الربانية..
مشاركة :