أكد تقرير "شيب آند بونكر" الدولي المتخصص في شؤون النفط أن انخفاض أسعار الخام الذي حدث في أعقاب وقوع إعصار هارفي الأمريكي لن يستمر طويلا وأن أسعار النفط ستسجل ارتفاعات جيدة بفعل نمو الطلب المطرد على النفط في الأسواق العالمية.وأوضح التقرير أن سوق النفط يجتاز حالة من القلق والمخاوف المؤقتة مشيرا إلى أن الإعصار جاء عقب فترة من الانكماش في السوق مستمرة منذ ثلاثة أشهر بسبب زيادة المعروض مما ترتب عليه انخفاض الأسعار ولكن السوق تتجه الآن نحو استعادة التوازن بفعل انتعاش ملحوظ ومرتقب في مستويات الطلب.وأضاف التقرير أن الأسواق تستطيع تجاوز مرحلة الخطر بمساعدة السعودية وروسيا والصين، لافتا إلى أن تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا والعقوبات الأمريكية ستدفعان أسعار النفط إلى فوق 55 دولارا للبرميل مؤكدا أن صعود الأسعار سيستمر على الرغم من بقاء مستوى المخزونات الدولية مرتفعة ولكن وتيرة السحب ازدادات سرعة في الأسابيع الماضية بشكل ملحوظ.في سياق متصل، مالت أسعار النفط إلى تسجيل انخفاضات جديدة فيما واصلت أسعار البنزين في المقابل الارتفاع إلى مستويات قياسية هي الأعلى منذ عام 2015 بسبب التداعيات الواسعة لإعصار هارفي في الولايات المتحدة الذي قاد إلى ضعف الطلب على الخام وازدياد المخاوف من نقص الوقود مما ألهب أسعار البنزين.وتراجع الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع بينما تراجع خام برنت إلى أدنى مستوى في أسبوعين ويأمل المتعاملون في السوق سرعة تعافي المصافي الأمريكية مع اقتراب موعد انتهاء الإعصار.وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، إن ازدياد المخاوف من وقوع أزمة في الوقود هي أمر طبيعي يجيء مصاحبا لوقوع الكوارث أو أى مخاطر أخرى يتعرض لها القطاع النفطي ولكن الأزمة مؤقتة وفائض المخزونات الكبير يجعل من المستبعد عمليا - وبعيد عن تأثير العوامل النفسية الخاصة بالأزمات – وقوع أزمة في احتياجات الوقود على الرغم من ارتفاع أسعار البنزين لأعلى مستوى في عامين. وأضاف جرلاخ أنه في مقابل حالة المد والجذر في الإنتاج الأمريكي، تتحرك منظمة أوبك بخطى جيدة وثابتة نحو استعادة الاستقرار والتوازن في السوق لافتا إلى أن اجتماع وزراء الدول الأعضاء في لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج في فيينا يوم 22 سبتمبر المقبل سيكون محوريا ومؤثرا في دفع جهود التعاون بين المنتجين.وأشار جرلاخ إلى أن بعض التكهنات في الأوساط الاقتصادية تتحدث عن احتمال كبير لمد اتفاق خفض الإنتاج الذي سينتهي في مارس 2018 لمدة ثلاثة أشهر جديدة لتحسين فاعلية وكفاءة الاتفاق وانعكاساته الإيجابية على السوق متوقعا أن يتبلور القرار بشكل نهائي في الاجتماع الوزاري الموسع لدول أوبك وخارج أوبك في نوفمبر المقبل.ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، مارك رودلف مدير المنتجات النفطية في شركة "آى سي آي إس" البريطانية للطاقة، أن إعصار هارفي أدى إلى خسائر جسيمة في أنشطة المصافي وهو ما ترتبت عليه مخاوف كبيرة فيما يخص أمن الوقود وتأمين الاحتياجات من البنزين الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع قياسي لأسعار البنزين.وأضاف رودلف أن منتصف نوفمبر المقبل سيشهد انعقاد مؤتمر دولي متخصص في فيينا لمناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه المنتجات النفطية ومدى تأثرها بالكوارث الطبيعية وأيضا دور كفاءة الطاقة وتطويع التكنولوجيا في رفع مستوى الإنتاجية وتأمين احتياجات المستهلكين من جميع الزيوت والوقود من منتجات النفط الخام.وأشار رودلف إلى أن المؤتمر سيتطرق إلى معدلات النمو الاقتصادي في كل منطقة في العالم ونوعية المنتجات النفطية التي يزداد الاحتياج إليها في كل منطقة إلى جانب عرض توقعات سوق الطاقة في عام 2018 ومدى الاستعداد للتعامل الجيد مع المتغيرات المتلاحقة في سوق الطاقة خاصة في ضوء تقييد إنتاج كبار المنتجين وتسارع إمدادات النفط الأمريكي واستعراض البدائل المتاحة للمنتجات البتروكيماوية.ومن ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، أتاتيانا كودرياشوفا المحللة الروسية، إن مخزونات الوقود الأمريكية ستعوض أى نقص حالي جراء الاغلاقات والشلل الذي أصاب جانبا كبيرا من المصافي في الولايات المتحدة بسبب تداعيات إعصار هارفي. وترى كودرياشوفا أن السحب من المخزونات بوتيرة مرتفعة سواء من الخام أو الوقود سيدفع في اتجاه توازن السوق بعد التخلص التدريجي من الفائض في المخزونات وهو اتجاه بدأ يظهر تأثيره في الوضوح تدريجيا منذ بدء المنتجين في أوبك وخارجها بقيادة السعودية وروسيا في خفض الإنتاج وتقليص التخمة في المعروض النفطي العالمي.وأشارت المحللة الروسية، إلى أن وكالة الطاقة الدولية أكدت أن فائض المخزونات يحمي الأسواق وأن الأمر لم يصل بعد لحالة الأزمة في الوقود أو في الخام، مشيرة إلى أن الإنتاج الليبي الذي ساهم في تخمة المعروض في الأسابيع الماضية عاد مجددا إلى الانكماش بعد توقف ثلاثة حقول مهمة خفضت الإنتاج الليبي بنحو 360 ألف برميل يوميا.من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد تراجعت أسعار النفط الخام أمس بينما ارتفعت أسعار العقود الآجلة للبنزين إلى أعلى مستوى منذ منتصف عام 2015 حيث تسببت الفيضانات والدمار الناجم عن الإعصار هارفي في تعطيل خمس إنتاج المصافي الأمريكية تقريبا وهو ما أدى لتعثر الطلب على الخام وتصاعد المخاوف من نقص الوقود.وقال جولدمان ساكس إن مصافي تكرير تنتج 4.1 مليون برميل يوميا تعطلت عن العمل الثلاثاء وهو ما يعادل 23 في المائة من الإنتاج الأمريكي، وقد يتطلب الأمر أسبوعا أو أكثر لاستئناف العمل حتى في ظل أفضل الظروف.وبحسب "رويترز"، فقد تراجع سعر خام برنت 43 سنتا إلى 51.57 دولار للبرميل، ونزلت العقود الآجلة للخام الأمريكي 25 سنتا إلى 46.19 دولار للبرميل.وفي سوق المنتجات المكررة كانت حركة الأسعار أشد حدة، وقالت مصادر مطلعة على عمليات تشغيل المصافي إن أكبر مصفاة في الولايات المتحدة توقفت عن العمل بسبب الفيضانات، وزادت أسعار عقود البنزين الأمريكية الآجلة 2.8 في المائة إلى 1.8339 دولار للجالون. وقفزت الأسعار في وقت سابق إلى أعلى مستوى منذ تموز (يوليو) عام 2015 لتصل إلى 1.8422 دولار، كما صعدت العقود الآجلة لوقود الديزل 0.9 في المائة إلى 1.6805 دولار للجالون وبلغت في وقت سابق أعلى مستوى منذ يوم التاسع من كانون الثاني (يناير) عند 1.6966 دولار.وطغى تأثير العاصفة على أحدث بيانات أسبوعية بشأن إمدادات النفط الأمريكي التي يعلنها معهد البترول الأمريكي الذي أفاد أن مخزونات النفط الأمريكية تراجعت 5.78 مليون برميل في الأسبوع الماضي وذلك ما يوحي بتحسن تدريجي في سوق النفط الأمريكية، لكن هذه البيانات لا تعكس تأثير هارفي.وأظهرت الأرقام أن استهلاك الخام بمصافي التكرير زاد 28 ألف برميل يوميا، وزادت مخزونات البنزين 476 ألف برميل بينما توقع المحللون أن تنخفض 989 ألف برميل. وانخفضت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 486 ألف برميل مقارنة بتوقعات بأن تتراجع 846 ألف برميل، وتراجعت واردات الولايات المتحدة من الخام 49 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي إلى 7.470 مليون برميل يوميا.Image: category: النفطAuthor: أسامة سليمان من فييناpublication date: الخميس, أغسطس 31, 2017 - 03:00
مشاركة :