فرحة العيد لا تكتمل عند الأسر المصرية من دون أضاحيشهد سوق الأضاحي في مصر هذا العام حالة من الركود في ظل عدم قدرة الكثير من الأسر المصرية على شراء أضاحي العيد بسبب تدني مداخيلها، وسط جنون الأسعار الذي اجتاح كل السلع والخدمات.العرب [نُشر في 2017/08/31، العدد: 10739، ص(21)]جنون الأسعار يقلص الإقبال على شراء الأضحية القاهرة - تقول نوال محمد، ربة منزل، في محافظة كفر الشيخ بمصر “عيد الأضحى سيعقبه دخول المدارس هذا العام. زوجي يعمل موظفا بالمحليات، ونحن أمام معضلة حقيقية وحيرة من توفير احتياجات المدارس مع مصاريف العيد. لن نشتري لحوما كثيرة. سنكتفي باللحوم المجمدة أو لحوم وزارة التموين”. ولم تستطع سناء إبراهيم، ربة منزل من الفيوم في مصر، أن تخفي غضبها وهي تتحدث عن غلاء أسعار أضاحي العيد، حيث قالت “لا توجد أضحية هذه السنة.. فرحة العيد فقدناها.. الأسعار غير معقولة ونحن لسنا قادرين على تحمل هذا الوضع”. ويشكو العديد من المصريين من بين ملايين يعيشون تحت خط الفقر من أنهم قد لا يجدون قوت يومهم بعد القفزات المتتالية في الأسعار، بما في ذلك أسعار تذاكر مترو الأنفاق الذي يستخدمه الملايين من المواطنين، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر 1200 جنيه. لكن ما قد يمثل انفراجة لدى الطبقة المتوسطة في مصر، وهي الأكثر تضررا من الإصلاحات الاقتصادية، هو لجوء الحكومة لتوفير الأضاحي واللحوم المذبوحة والمجمّدة بأسعار منخفضة إلى حد ما في الكثير من أنحاء مصر عبر ألفي منفذ تتبع وزارة التموين. ويقول ممدوح رمضان، المتحدث باسم وزارة التموين، “الأسعار لدينا منخفضة جدا مقارنة مع أسعار القطاع الخاص، لذا نشهد إقبالا كثيفا على منافذنا”.ما قد يمثل انفراجة لدى الطبقة المتوسطة في مصر هو لجوء الحكومة لتوفير الأضاحي واللحوم المذبوحة والمجمّدة بأسعار منخفضة إلى حد ما في الكثير من أنحاء مصر عبر ألفي منفذ تتبع وزارة التموين وتابع قائلا “نمتلك رصيدا من اللحوم الحية يكفي احتياجات البلاد لمدة 3.5 شهر وطرحنا أكثر من 12500 أضحية كندوز سوداني بسعر 85 جنيها للكيلوغرام، ولدينا أيضا لحوم مجمّدة برازيلية بسعر 60 جنيها للكيلوغرام، كما وفرنا كميات كبيرة منها استعدادا للعيد”. وفي محافظة الشرقية يقول يوسف عبدالحميد، صاحب محل منظفات، “مصاريف إيجار الشقة والمحل ومدارس الأولاد تستنزف كل دخلي تقريبا. لا أشتري اللحوم البلدية (المحلية) نهائيا وأعتمد على لحوم القوات المسلحة ووزارة التموين”. وبدأت القوات المسلحة في مصر منذ نحو عامين بتوفير أعداد كبيرة من السيارات التي تجوب جميع أنحاء البلاد وخاصة المناطق الشعبية والفقيرة لتبيع اللحوم والدواجن والسلع الأساسية بأسعار مخفضة في محاولة لتخفيف العبء على المصريين. وقالت آية محمد من السويس “والدي كان يشترك مع بعض الأقارب في شراء أضحية العيد، لكن هذا العيد وبعد ارتفاع الأسعار بهذا الشكل سيكتفي بشراء لحوم مذبوحة”. ولجأ بعض المصريين هذا العام إلى شراء الأضاحي بالتقسيط أو بالمشاركة مع الأصدقاء والأقارب للتغلب على ارتفاع الأسعار والذي يتراوح ما بين 30 و50 بالمئة في بعض المحافظات. وقال رمضان فتحي من محافظة مرسى مطروح “العيد في مطروح هو الأضحية ودونها لا يفرح الأطفال.. يبدو أننا سنلجأ لشراء الأضحية بالتقسيط من أجل أطفالنا”. ورغم تحرك الحكومة لتخفيف وطأة الإصلاحات الاقتصادية بإجراءات من بينها زيادة الدعم لبطاقات التموين والمعاشات ومنح علاوات غلاء، فإن المصريين يطفحون بالشكوى من الغلاء الطاحن الذي يلتهم الدخل ويعجزون معه عن تدبير احتياجاتهم الأساسية. ويقول كريم الشرقاوي، تاجر ماشية من الفيوم، “الإقبال ضعيف للغاية. العام الماضي كنت أبيع من 10 إلى 15 رأس ماشية في الأسبوع، وهذا العام أبيع نحو 3 رؤوس فقط أسبوعيا. وأضاف قائلا “نعم هناك ارتفاع في الأسعار، لكن انظر أيضا إلى أسعار الأعلاف إلى أين وصلت؟”.يبلغ متوسط سعر الكيلوغرام من اللحوم الحمراء نحو 100 جنيه (5.67 دولار) ويرتفع إلى ما بين 140 و150 جنيها للحم الضأن لدى القصابين ويبلغ متوسط سعر الكيلوغرام من اللحوم الحمراء نحو 100 جنيه (5.67 دولار) ويرتفع إلى ما بين 140 و150 جنيها للحم الضأن لدى القصابين، ولكنه يصل في المجمعات التابعة لوزارة التموين ووزارة الزراعة وبعض المحافظات إلى ما بين 80 جنيها و100 جنيه للكيلوغرام. وقال محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية، “الإقبال على الشراء أقل من المتوسط.. التراجع بسبب قرب العام الدراسي الجديد ومصاريفه الكثيرة، لذا شراء اللحوم يأتي في أولوية متأخرة لدى المواطنين”. وأوضح أن “أسعار العجول وصلت إلى 60 ألف جنيه مقابل 40 ألفا العام الماضي ووصل متوسط سعر الخروف إلى 4 آلاف جنيه من 2500 جنيه العام الماضي”. وقال كريم قرني صاحب محل جزارة “الجزارون يتعرضون لخسارة بسبب حالة الركود. أغلقت محلي العام الماضي عقب عيد الأضحى لمدة ثلاثة أشهر”. وتقول رضا جمال، وهي سيدة مسنة تعيش في العاصمة المصرية القاهرة، “كل المستلزمات غالية الثمن إلا أن أسعار اللحوم أصبحت باهظة جدا ولا أستطيع أن أشتري أضحية هذا العام”. وفي سياق آخر قال فتحي النواوي، أستاذ الرقابة على اللحوم في كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، إن الأضحية تنقسم إلى قسمين: الأولى الأغنام وتشمل الضأن والماعز، والثانية الأبقار والجاموس. وأضاف أن القسمين يتطلبان شروطا عامة، أهمها أن تكون الأضحية سمينة ولا مشاكل خَلقية في مظهرها وخالية من العيوب التي تؤثر على وفرة لحومها وجودتها، وألا يكون الحيوان هزيلا.
مشاركة :