توقع تقرير لمؤسسة الأبحاث “Business Monitor International” حمل عنوان “تقرير النفط والغاز السعودي عن الربع الثالث لعام 2014” أن يبقى إنتاج السعودية من خام النفط خلال العام الجاري مرتفعاً عند المعدلات التاريخية، مستندا في ذلك إلى استمرار حالات التوقف والتعطل في بلدان أوبك، وعلى صورة ضعيفة أو أقل من عادية للإمدادات العالمية، إضافة إلى استمرار الزيادة في الاستهلاك المحلي، الذي يستخدم في قطاعي توليد الكهرباء والنقل، والطلب القوي من قطاع التكرير، وانتعاش الطلب العالمي المتوقع في المرحلة المقبلة. ورجح التقرير أن ترتفع احتياطيات الخام السعودي إلى معدل عال يصل إلى 273 مليار برميل بحلول عام 2017، لكنها ستنخفض لتصل إلى 265 مليار برميل بنهاية عام 2023. وفي أوائل عام 2013 أعلن المسؤولون السعوديون عن خطط لإضافة ما مقداره 160 مليار برميل من الاحتياطي الإضافي في السنوات المقبلة. يشار إلى أن السعودية حافظت على معدلات عالية في إنتاج وتصدير النفط بالمعدلات التاريخية في النصف الأول من العام الحالي. ويعزى هذا إلى عمليات التوقف المفاجئة غير المقررة، وإلى تحسن وضع الطلب الذي كان أفضل مما كان متوقعاً. وترى مؤسسة الأبحاث أن إنتاج النفط الخام والمواد الهيدروكربونية السائلة سيظل عند المستويات الحالية حتى نهاية عام 2014. وسيكون معدل الإنتاج بحدود 9.75 مليار برميل عن عام 2014، أي بزيادة مقدارها 1 في المائة عن إنتاج عام 2013، لكنه أدنى من المعدل القياسي الذي تم تسجيله في عام 2012. ومن المتوقع بحسب التقرير أن يشهد إنتاج النفط لعام 2015 تراجعاً يسيراً، ليصل في المتوسط إلى 9.8 مليون برميل في اليوم، ويستند هذا التوقع إلى الاتجاهات العامة التي تعتبر سائدة بالنسبة لعام 2014. وفي تعليقه على التقرير أوضح الدكتور راشد أبانمي، رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية، أنه من الصعب تأييد التوقعات النفطية على المدى البعيد أو الموافقة عليها، لأنها خاضعة للعديد من الأمور، خاصة للجوانب السياسية، لكن بشكل عام السعودية هي العضو الموازن للسوق النفطي العالمي. وقال “من الصعوبة التكهن بالعوامل السياسية على المدى البعيد، فمن الممكن أن تستقر الحالة السياسية في ليبيا وتعود معدلات الإنتاج الطبيعية إلى 1.8 مليون برميل يوميا، بينما في ظل الأوضاع السياسية الحالية لا تتجاوز نحو 300 ألف برميل يوميا، وذلك بلاشك يؤثر على معدلات الطلب في السوق النفطي”. كذلك في العراق تراجعت معدلات الإنتاج اليومي إلى نحو 1.8 مليون برميل يوميا، بعد أن بلغت في السابق نحو 3.5 مليون برميل يوميا، كما أن معدلات الإنتاج في إيران كانت نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، بينما الآن تنتج أقل من مليون برميل يوميا، بسبب المقاطعة، أيضا المشاكل الداخلية في نيجيريا واليمن والسودان وسورية انعكست على معدلات الإنتاج العالمية. وتطرق رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية، إلى البدائل في قطاع الطاقة، حيث من الصعب كذلك التكهن بالبدائل التي سيتم إيجادها بدلا من النفط، مثل الغاز الصخري والبدائل الأخرى. وحول استيراد السوق السعودي للغاز قال أبانمي “لا أعتقد أنه وارد لأن السعودية تنتج الغاز بكميات هائلة، إضافة إلى الآبار المستكشفة، ولدينا كذلك الكميات الكبيرة من الغاز المصاحب للإنتاج النفطي”. وتوقع في الوقت ذاته أن ترتفع قدرة الإنتاج النفطي للسعودية إلى نحو 13 أو 14 مليون برميل يوميا في 2016 أو 2017 تقريبا، نظرا للاستثمارات السعودية الضخمة في القطاع النفطي. من جهته أوضح الدكتور علي التواتي المحلل الاستراتيجي وأستاذ الاقتصاد والتمويل في كلية إدارة الأعمال في جدة، أن المتوقع في القطاع النفطي خلال الفترة القادمة انخفاض الطلب على نفط أوبك، التي تنتج نحو 30 مليون برميل يوميا بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها بعض الدول المنتجة مثل العراق، ليبيا، نيجيريا، والعديد من الدول المنتجة الأخرى. وأردف “جميع الظروف الاستثنائية، منحت المجال لأوبك لزيادة الإنتاج اليومي، الذي تسهم فيه المملكة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة تقريبا، ولكن يتوقع في الفترة القادمة أن يقل الاعتماد على نفط أوبك بعد تجاوز الظروف الاستثنائية، في ظل توافر بدائل للنفط”. وأشار إلى أن تراجع الاعتماد على نفط أوبك سينعكس على وفرة الإنتاج في السوق العالمية ووفرة الإمدادات من أوبك ومن خارج أوبك، وسيضغط ذلك على الأسعار في الأسواق العالمية مع استعادة التوازن في الأسواق. ونوه إلى أن توقف الولايات المتحدة الأمريكية عن الاعتماد على النفط وخروجها من السوق سيضغط كذلك على الأسعار بلاشك، وستصبح الخيارات أمام المستوردين أكبر وستؤدي جميع العوامل في نهاية المطاف إلى تراجع الأسعار، في ظل توافر الكميات. ولفت إلى أن المملكة لديها كميات كبيرة من الغاز المصاحب للنفط، وكذلك لديها حقول للغاز قابلة للزيادة، ورغم ذلك ستكون المملكة تحت ضغط الحاجة الملحة خلال سنتين إلى ثلاث سنوات مقبلة، وذلك للأغراض الصناعية، ولكن على المدى الطويل لدينا غاز صخري مكتشف، وحقول غاز جديدة، ولدينا حقول مشتركة يتم تطويرها مع الكويت، ولكن الأهم من ذلك التسريع في تنوع مصادر الطاقة في المملكة. وبحسب تقرير مؤسسة الأبحاث Business Monitor International تظل المخاطر أمام الآفاق هي على الجانب السلبي، حيث إن السعودية هي المنتج الذي يتدخل لتعديل وضع الإنتاج في حالات الاختلال، فإن نمو العرض القوي من بلدان أوبك والبلدان المنتجة من خارج أوبك سيؤدي إلى أن تقوم السعودية بتخفيض معدلات الإنتاج من أجل حماية الأسعار. وتظل آفاق الغاز مقيدة، وفقاً للتقرير، بمعنى عدم وجود كميات وافرة، رغم الخطط الطموحة للاستفادة من المصادر غير التقليدية، ومن رأي المؤسسة أن ارتفاع الاستهلاك وتعثر الإمدادات يمكن أن يجعل المملكة تفكر بصورة جدية في النظر في الاستيراد.
مشاركة :