محمد حنفي | مازالت حياة الروائي التشيكي فرانز كافكا حافزا لكثير من الكتابات النقدية وتلك التي تتناول سيرته الذاتية، سواء تلك التي تتصل بعلاقته المتوترة بالأب الذي مثل سلطة ضاغطة، أو بالمرأة. ومازالت رسائله ويومياته تلقى قبولا واسعا رغم السوداوية التي تتخللها، وذلك نظرا لقدرتها على استبصار أزمة الفرد في المجتمع الحديث، وتحت قهر السلطات المتعددة للمدينة، مؤسساتها وأعرافها، وضآلة الفرد قبالة النظام الآلي الجبار للقوانين التي تبدو له خالية من المعنى. هنا 9 معلومات مثيرة عن كافكا تستعيد بعضا من المفارقات المحيطة به وبكتاباته. شعور دفين بعدم الانتماء ولد فرانز كافكا في 3 يوليو 1883 في مدينة براغ التشيكية، ولد لتاجر يهودي من الطبقة الوسطى، كان الأكبر بين ستة أبناء، عاش كفرد ضمن أقلية (الجالية اليهودية)، ورغم معرفته الكاملة بالثقافة التشيكية فقد عاش ينتابه شعور دفين بعدم الانتماء والاغتراب النفسي، وقد انعكس ذلك على أبطال قصصه الذين كان معظمهم من المنبوذين. علاقة عاصفة مع الأب كان والده التاجر اليهودي مصدر أكبر إحباط له، كان رجلا ناجحا في عمله يتمتع بقوة الشخصية والهيمنة، وكان كافكا يرى فيه شخصية مستبدة، بينما كان ابوه ينظر إليه على أنه ولد ضعيف غير صالح للحياة، وقد انعكس هذا الصراع بينه وبين أبيه على كتاباته الأدبية، وقد كتب وهو في سن الـ36 رسالة مكونة من 100 صفحة يتحدث فيها عن هذه العلاقة المتوترة. حاصل على الدكتوراه في القانون تعلم كافكا في مدارس براغ وقد عانى في المدرسة الثانوية، ولجأ مع بعض زملائه إلى رشوة حارس منزل استاذه اليوناني من أجل سرقة الاختبار، وبعد المرحلة الثانوية دخل الجامعة لدراسة الكيمياء لكنه اتجه لدراسة القانون الذي حصل فيه على درجة الدكتوراه، وعمل لمدة عام في المحاكم من دون أجر لتطبيق قانون الخدمة الإلزامية. علاقات نسائية بلا زواج رغم علاقته المتوترة بوالده، عاش كافكا في كنف اسرته حتى وصل إلى سن الـ31، ورغم علاقاته النسائية المتعددة فانه لم يتزوج ابدأ، كان ممتلئا بالخوف من الفشل الجنسي مما جعل من الصعب عليه الالتزام حتى النهاية في علاقاته الكثيرة. اخترع خوذة العمال رغم أن كافكا اعتبر أن الكتابة شيء مهم جدا في حياته، فانه قرر العمل في شركة للتأمين ضد حوادث العمل، وهي وظيفة تركت له كثيرا من وقت الفراغ للكتابة، وقيل إنه خلال عمله في مجال التأمين اخترع الخوذة التي تقي العمال في البيئات الصناعية من حوادث الرأس، لكن هذه المعلومات لا تدعمها أي وثائق رسمية. حرق %90 من أعماله كتب كافكا غالبية أعماله بالألمانية، ورغم أنه نشر بعص الأعمال خلال حياته، ومنها رواية «المسخ» او «التحول»، فانه لم يجن شهرة كبيرة أثناء حياته، لكن شهرته العالمية جاءت بعد وفاته، والفضل يعود لصديقه وزميله في دراسة القانون ماكس برود، كان كافكا قد أحرق %90 من أعماله وترك مهمة حرق أعماله غير المنشورة لصديقه برود وأوصاه بحرقها والتخلص منها بعد وفاته، ولحسن الحظ أن برود لم يفعل، ونشر برود هذه الأعمال ومنها رواياته الثلاث الشهيرة «المحاكمة» و«القلعة» و«اميركا». عاش نباتياً وترعبه الفئران عاش كافكا نباتيا لا يأكل اللحم لأسباب أخلاقية وجمالية، لكن لم يكن يعاني سوء التغذية، فقد وصف بأنه الشخص الذي يحافظ على جسده في حالة جيدة وكان يمارس الرياضة، ومن المفارقات ان كافكا الذي كانت كتابته مثيرة للقلق ووصفت بالكابوسية والسوداوية كان يصاب بالرعب من رؤية الفئران رغم اعترافه بأنها مخاوف عير عقلانية. مات من الجوع في عام 1917 اكتشف كافكا إصابته بالسل وتقاعد من عمله في شركة التأمينات، وفي سنواته الأخيرة اشتد المرض عليه، واصاب حنجرته مما جعل من تناوله الطعام عملية مؤلمة، ولذا قيل ان الجوع كان سبب موته، فلم تكن حقنة التغذية قد ظهرت، وتوفي كافكا في 3 يونيو عام 1924 في إحدى مصحات فيينا وعمره لم يتجاوز 41 عاما ودفن في براغ. حاول الهجرة إلى فلسطين من أكثر الاشياء جدلا التي اثيرت حول كافكا علاقته بإسرائيل والصهيونية، فقد ولد يهوديا لكن بعض النقاد يشيرون إلى أنه رغم إدراكه التام ليهوديته فانها لم تترك أثرا في أعماله وانه كان غير مستقر مع التراث اليهودي، بينما يرى نقاد آخرون أن الصهيونية لعبت دورا محوريا في حياته، وكان كافكا في آخر حياته يفكر بالهجرة إلى فلسطين وأرسل لأحد أصدقائه بطاقة بريدية يطلب فيها استضافته، ولكن الصديق رد بالرفض خشية أن يصاب أطفاله بالسل.
مشاركة :