كافكا.. السوداوية المفرطة

  • 7/4/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يرى الكثير من نُقاد الأدب أن الكاتب الألماني فرانتس كافكا هو واحد من أهم الكتاب في القرن العشرين، فهو رائد "الرواية الكابوسية" في الأدب العالمي، فلقد اهتم بالكتابة النفسية والغرائبية لدرجة كبيرة، وظهرت شخصياته غريبة الأطوار لأبعد حد ولدرجة مرعبة ومفزعة كثيرا، وتنوعت أعماله الإبداعية ما بين القصة والرواية والشعر والسيناريو، ولقبه البعض بـ "دانتي القرن العشرين". كافكا، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم السبت، ترك تأثيرًا عميقًا على مسيرة الأدب والفن بشكل عام، حيث تأثر به كبار أدباء وفلاسفة القرن العشرين، مثل جان بول سارتر، وجابريل جارسيا ماركيز، وتناولت كتاباته العديد من المواضيع من أهمها البيروقراطية وتأثيرها على حياة المواطن، ولولا أن صديقه "ماكس برود" خالف وصيته التي تقتضي بحرق جميع أعماله بعد موته، وأن بعض مذكراته ومسوداته حفظتها إحدى عشيقاته ما كانت أعماله لتصل إلى القارئ. ولد كافكا بالقرب من ساحة المدينة القديمة في العاصمة التشيكية براغ في 3 يوليو عام 1883، والتي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية، وكان ابنًا لعائلة ألمانية من الطبقة الوسطى تنحدر من أصول يهودية؛ عاش طفولته وحيدا وتأثر بشدة بشخصية والده الاستبدادية، ويظهر تأثير شخصية والده كما وصفها واضحًا في أعماله، بينما كانت والدته هادئة وتتصف بالخجل.ارتاد مدرسة ابتدائية ألمانية للبنين، إلى جانب تلقيه دروسًا دينية يهودية انتهت ببلوغه الثالثة عشرة، بعدها التحق بمدرسة ثانوية أكاديمية داخل قصر كينسكي في ساحة المدينة القديمة في براغ، وكانت الألمانية هي لغة التدريس، ومع ذلك كان قادرًا على التحدث والكتابة بالتشيكية، وظل يدرس في الثانوية لمدة 8 سنوات؛ ثُم درس بجامعة شارلز- فيردناند الألمانية في براغ، وبدأ بدراسة الكيمياء، ولكنه سرعان ما تحول إلى دراسة القانون بعد أسبوعين، وبرغم أن المجال لا يريحه لكنه فعلها حسبما أراد والده، وكان يدرس بالتوازي فصولا في تاريخ الفن والدراسات الألمانية.انضم كذلك إلى نادٍ طلابي عُرف باسم "قاعة قراءة ومحاضرات الطلاب الألمان"، والذي عمل على تنظيم عدد من النشاطات الأدبية. مع نهاية العام الأول في الدراسة كان "كافكا" قد التقى ماكس برود، زميله في دراسة القانون الذي سيصير فيما بعد صديقه المقرب مدى الحياة، والذي عندما لاحظ نهم صديقه للقراءة طوال حياته، قاما بقراءة حوار "بروتاجوراس" من تأليف بلاتو بلغته الأصلية الإغريقية تحت اقتراح برود، وكذلك رواية الفرنسي جوستاف فلوبير "التربية العاطفية"، وأيضًا روايته الأخرى "تجربة القديس أنطونيوس"، واعتبر كافكا كلًا من فيودور دوستويفسكي، جوستاف فلوبير، فرانس جريلبارتسر، هاينريش فون كلايست وكأنهم إخوته بالدم"، كذلك اهتم "كافكا" بالأدب التشيكي، وأولع بأعمال يوهان جوته؛ في الوقت نفسه أكمل دراسته وحصل على درجة الدكتوراة في القانون، واضطر لمدة سنة على العمل بدون أجر كخدمة إلزامية في المحاكم المدنية والجنائية. وبعد خدمته الإلزامية، عمل في شركة تأمين إيطالية في مكتبها في براغ، غير أنه خلال هذه الفترة كان من الصعب عليه التركيز على الكتابة التي ازداد اهتمامه بها، وأدى ذلك في النهاية إلى استقالته من العمل لينتقل إلى "مؤسسة التأمين على حوادث العمال"، والتي كانت مواعيدها تسمح له بممارسة الكتابة بحرية. ثم بعد ذلك أصابه المرض وازدادت حالته سوءًا، فعاد إلى براغ بعدما كان موجودًا في برلين، حيث قامت عائلته، خاصة أخته أوتلا، بالاهتمام به ورعايته. ومن ثم ذهب كافكا للعلاج إلى مصحة بالقرب من فيينا، وتوفي هناك في 3 يونيو عام 1924 وهو يقترب من سن الحادية والأربعين، وبعد وفاته نُقلت جثته إلى براغ حيث دُفن هناك كما ولد. تُعد رواية "المُحاكمة" هي أشهر وأهم أعمال كافكا، والتي تحكي قصة شخص يدعى "جوزيف كي" الذي يستيقظ ليجد بالباب رجلين يخبرانه بأنه مطلوب للمحاكمة، ولكنهما لم يبينا له نوع جريمته التي يستوجب عليها المحاكمة؛ وتتطور الأحداث ليحاول بشتى الطرق أن يحصل على حكم ببراءته، سواءً بنفسه أو من خلال محاميه ولكن دون أن يعرف تهمته، وتتحرك عجلة الأحداث بشكل سريع ومتواصل؛ حيث كان كافكا من خلال كتاباته يُقّدم منظورًا جديدًا كليًا، من خلال منظور مُميز.

مشاركة :