يجدر بنا عند تحليل المسألة التربوية أن نأخذ في اعتبارنا ثلاثة محاور أساسية وأن نسعى إلى تحليل طبيعة العلاقة القائمة بين هذه المحاور: أولاً: المربون وهذا يعني جملة القائمين على العملية التربوية من آباء وأمهات ومعلمين. ثانياً: المتربون ويمثلون مجتمع الأطفال والناشئة والشباب وكل هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة من أجل نموهم وتكيفهم. ثالثاً: الوسط ونعني به العمليات التي تجري بين المربي والمتربي كالوسط العائلي والوسط المدرسي، فالوسط هو الإطار الذي يحتوي أيضًا كل ما يمكن مشاهدته ولمسه أي كل ما يجري تحت بصر الأطفال وسمعهم في الشارع وفي المنزل وفي المدرسة. فالعملية التربوية هي لقاء تفاعل بين هذه العناصر المختلفة، والمربون يعملون على مساعدة المتربين في الوصول إلى حالة التكيف التي يقتضيها الوسط الاجتماعي، وهم يتبنون لتحقيق ذلك أنماطًا من الفعاليات التربوية والثقافية التي تعلموها أيضًا في إطار حياتهم ووسطهم الاجتماعي. إن الطرائق التربوية التي يعتمدها المربون في عملهم غالبًا ما تنتمي إلى الأطر المرجعية الثقافية التقليدية لعهد طفولتهم وصباهم، وهي في أكثر الأحيان تتسم بكونها طرقًا وأساليب تقليدية لا تنسجم مع طبيعة العصر وطبيعة التغيرات الجارية فيه. وهنا تكمن عقدة المسألة وذلك عندما يعتقد هؤلاء المربون بكفاية الطرائق القديمة، وعندما لا يأخذون بعين الاعتبار آثار وتنوع التغيرات الاجتماعية الجارية على حياة الأطفال التربوية والفكرية. لماذا نربي؟ ما غايتنا التربوية؟ ما وسائلنا؟ أسئلة يجب أن يطرحها كل مربٍ، ولكن السؤال الحيوي الذي يطرح نفسه بقوة هو: كيف نحقق الانسجام بين الغايات والوسائل؟! وفي الوقت الذي نستطيع فيه أن نجد الإجابة الموضوعية الواعية على هذه التساؤلات يمكن لنا أن نمضي من أجل التكيف في دفع العملية التربوية نحو تحقيق التكامل والازدهار في شخص الأطفال والناشئة. د. محمود أحمد البرم
مشاركة :