الدوحة - الراية: أكدت الملازم أول نورة اليهري، أول طبيبة شرعية قطرية، أن مجال الطب الشرعي يلائم المرأة ولا حرج فيه، مشيرة إلى أن الطب الشرعي يجمع ما بين العلم والدين والواقع والخيال، كما أن الطبيب الشرعي يخدم المجتمع ويحقق العدالة، فالطب مهنة سامية والتشريح هدفه إظهار الحقيقة، داعية القطريات إلى التوجّه للاختصاصات العلمية والطبية. وقالت الملازم اليهري في حوار مع مجلة «الشرطة معك» التي تصدرها إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية، إن خبرتها كطبيبة باطنة سهّل عملها في الطب الشرعي وأنه لا تواجه صعوبات في عملها والجميع يساندها ويشجعها، كما أن أسرتها تعشق التعليم ودعمتها بدراسة الطب الشرعي، لافتة إلى أن الحالات الأسرية الأكثر تأثيراً بها وتعمل على حلها والحدّ منها. • حدثينا عن رحلتك مع الطب وكيف جاء التحاقك بالطب الشرعي؟.-التحقت بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان عام ١٩٩٩ لدراسة الطب وتخرجت سنة ٢٠٠٧ بحصولي على شهادة بكالوريوس علوم صحيّة ودكتور في الطب بعدها التحقت للعمل في وزارة الصحة بعد تخرجي مباشرة كطبيب باطنة منذ سنة ٢٠٠٧ وبقيت أمارس عملي كطبيب حتى عام ٢٠١٢ وطوال هذه الفترة يراودني حلم العمل كطبيب شرعي وبعد رحلة من البحث من أجل تحقيق حلمي كانت وزارة الداخلية وجهتي، فالتحقت بوزارة الداخلية وتمّ ابتعاثي للمملكة الأردنية الهاشمية للحصول على تخصص الطب الشرعي في سنة ٢٠١٢ بعد تقديم استقالتي لوزارة الصحة، درست في جامعة العلوم والتكنولوجيا وتخرجت في ٢٠١٦ وحصلت على درجة الامتياز في الاختصاص العالي للطب الشرعي والسموم وحصلت على البورد الأردني. (وقد درست خلال فترة الابتعاث علم تشريح الأعضاء، علم التشريح المرضي، علم الأنسجة مادة السموم، أخلاقيات الطب والقوانين الطبية، الطب الشرعي). • ما هو سبب توجهك لدراسة الطب الشرعي؟-أعجبت بتخصص الطب الشرعي منذ أيام دراستي للطب حيث يجب على طلاب الطب خلال سنوات الدراسة التدريب والمرور والممارسة والتطبيق على جميع الاختصاصات الطبية بشتى أنواعها انبهرت بجمال هذا التخصص الذي يختص بالعلم والدين والواقع والخيال وهو في العادة يفسر ويشرح مواقف صامتة بأسس علمية وأبني عليها افتراضات منطقية علمية بحتة، اقتنعت بهذا التخصص الذي يسخر علوم الطب لخدمة المجتمع بمختلف أفراده وطبقاته، أحببته لأنه يساعد المظلوم ويحقق العدالة، وهنا حصل التعارف مع التخصص وأصبح في مخيلتي ولم أبح بإعجابي أظن منذ تلك اللحظة اقتنعت أنني لن أكون سوى طبيبة شرعيّة. دعم عائلي• ماذا عن موقف الأسرة عندما علمت برغبتك؟-ما زلت أتذكر تلك اللحظة عندما أخبرت والديّ برغبتي في اختصاص الطب الشرعي، أصابتهما الدهشة لفترة، ومن ثم احترما توجهي وسانداني، أما بقية أفراد الأسرة فكانت ردة فعلهم تتسم بالاحترام والتقدير، وربما يكون ذلك لأن أسرتي تقدّس التعليم وتحترمه. • إلى أي مدى يناسب عمل الطب الشرعي المرأة؟- كل تخصص طبي ينفرد بسماته وطبيعة عمله وكل تخصص يحتاج لوجود المرأة من خلاله لكي تستطيع مساعدة وتوفير الرعاية حسب التخصص لتقدّمه للمرأة التي تمثل نصف المجتمع نحن في مجتمع مسلم عربي يتسم بمحافظته على عاداته وتقاليده ويتحلى بتعاليم الدين الإسلامي تلك هي الركيزة الأساسية من هنا أستطيع أن أقول إن الطب الشرعي يحتاج ويتوافق عمله مع المرأة ولا حرج في ذلك، صحيح كل عمل فيه صعوباته لكن بروح الفريق يتم تذليل الصعاب والمشقات والمرأة قادرة على العطاء طالما المجال يسمح لها بذلك وربما الفكرة السائدة عن الطبيب الشرعي وما يتعامل معه من مواقف صعبة لها علاقة بالحوادث والأموات جعل الناس تعتقد أن هذه المهنة صعبة على المرأة.أعتقد أن تلك النظرة تشمل الكثير من المجالات ولا تقتصر على عمل المرأة في مجالات الطب الشرعي فالطبيب الشرعي يتعامل مع حالات الإصابات والاعتداءات والحوادث وغيرها ومنها حالات الوفاة، وبوجهة نظري للموت رهبة ولذكره تأثير على النفس فلذلك يظن بعضهم بأنه أمر غير عادي أن تتعامل المرأة مع هذا المجال القاسي. أصعب المواقف• ما هي أصعب المواقف التي تعرضتِ لها خلال دراستكِ للطب الشرعي، وما هي ردة فعلك عند التعامل مع أول حالة؟ -خلال دراستي للطب والتي تتميز بأنها كانت مشواراً طويلاً للمثابرة والاجتهاد والإصرار لا أتذكر أني واجهت مواقف صعبة لكن ربما خلال دراستي للطب الشرعي كان أصعب المواقف تجتاحني هو تعريفي وإبراز شخصيتي ومهنتي وحضوري أمام جهات العمل من أطراف أمنية قضائية طبية، حيث كنت أشارك في نشاطاتهم ومهامهم وأشارك في نقاشاتهم فكانت تلك اللحظات صعبة، وجودي ضمنهم كان غريباً بعض الشيء خاصة مشاركتي للنقاش في مختلف القضايا لكنني استطعت إثبات حضوري وإقناعهم بمدى كفاءتي وأصبح حضوري ومشاركتي جزءاً لا يتجزأ من طبيعة العمل، أما ردة فعلى عند التعامل مع أول حالة أتذكر أثناء الأيام الأولى لدراسة الطب الشرعي كلفني أستاذي بالتوجّه إلى المشرحة للتعامل مع حالة وفاة وكان لا بد من تشريح الجثة لا شك أن الموقف كان يمكن أن يكون صعباً ومؤلماً لكن السنوات التي قضيتها كطبيب باطنة في مستشفى حمد ساعدتني كثيراً في السيطرة على مشاعري كما أن خبرتي أعطتني القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة وبالفعل أمسكت الأدوات وبدأت أتعامل مع الجثة وتمّت عملية التشريح. أما الحالة الثانية فكان الموقف مختلفاً حيث كانت لجثة طفل توفي في حريق والجثة تكاد تكون متفحمة وعندما بدأت عملي أصابتني الدهشة وكدت أتراجع خاصة أنها كانت في الأيام الأولى لدراستي لكن أساتذتي في الكلية شجعوني ومنحوني الثقة وتعاملت مع الحالة وبعد ٤ سنوات من الدراسة شاهدت الكثير وتعاملت مع الكثير من الحالات وأفادتني هذه السنوات في اكتساب الخبرة الكافية فالتحقت بمركز الطب الشرعي بوزارة الداخلية وأنا أمتلك أدواتي ومهاراتي. •ماذا يمثل لك الالتحاق للعمل بوزارة الداخلية؟- شرف لي بأن أعمل في وزارة الداخلية خاصة في ظل توجّه الوزارة نحو منح الكوادر القطرية الفرصة لإثبات وجودهم وإعطاء الفرصة لي شخصياً لكي ألتحق بهذا المجال الفريد،حيث حققت أمنيتي من خلال ابتعاث وزارة الداخلية لي وأتمنّى أن أكون عند حسن الظن وأن أقدّم ما يليق بوزارة الداخلية والعمل بها. خدمة العدالة• هل ما يقدّمه الطبيب الشرعي يتجاوز مجرد عمل طبي خدمة للعدالة وللمجتمع؟- الطبيب الشرعي يخدم المجتمع ويخدم العدالة: أنا أعتمد على دلائل علميّة لبيان الحقيقة من أجل خدمة العدالة فعمل الطب الشرعي ينقسم إلى جزءين، جزء يختص بالأحياء بفحص حالات الاعتداء الجسدية وحالات العنف لبيان ما بها من إصابات وتحديد عمرها الافتراضي وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة، أما الجزء الآخر فيختص بالتعامل مع حالات الوفيات في الحالات الجنائية كالقتل أو الانتحار أو غيره أو الوفيات الفجائية لبيان سبب الوفاة أحياناً، وفي حالات الوفيات الفجائية الطبيب الشرعي يكتفي بالكشف الظاهري ولا يتطلب الأمر التشريح كل حسب معطيات القضية. • ما العقبات التي تواجهك في عملك؟- لا أجد عقبات بل إنني أرى وأشعر بأن الأوضاع جيدة وكل الصعوبات يتم تذليلها والجميع يقوم بمساندتي وتشجيعي. • ما هي الحالات التي تتعاملين معها وتترك أثراً في ذهنك؟- تلك الحالات التي تختص بالأسرة لأن الأسرة هي لبنة المجتمع وأساسه فيحزن قلبي عندما أشاهد تلك الأمور ويظل فكري وذهني شارداً أفكر بكيفية المساعدة وتقليل تلك المشكلات والوقوف على أسبابها حتى يتسنّى علاجها والحدّ منها. • ما هو شعورك عندما تقومين بعملية التشريح؟- أنا أمارس مهنتي وهي مهنة سامية فمهنة الطب مهنة إنسانية من الدرجة الأولى والطبيب الشرعي يعتبر نفسه جزءاً أصيلاً في تحقيق العدالة في المجتمع فهو يقدّم تقريره للجهات المختصة وبالتالي يسهم في تحقيق العدل من خلال إشهار الحقيقة أو المساعدة في إظهارها وفقاً للأسس العلميّة لذلك شعوري عندما أتعامل مع أي حالة سواء تشريح أو غيرها هو شعور الباحث عن الحقيقة والعدالة وفقاً لما خوله القانون وهو شعور نفسي يجعلك تدرك أن العدالة هي أسمى ما نصبو إليه. • هل هناك كلمة تودين توجيهها للفتيات القطريات؟- أدعو الفتيات للتوجّه للاختصاصات العلمية والطبية ومن ضمنها الطب الشرعي حيث تشجع الدولة الكوادر القطرية للتوجّه ودراسة التخصصات العلمية النادرة لتبني هذا الوطن بسواعدها لأن بالفعل قطر تستحق الأفضل من أبنائها. • ما هو طموحك؟- لديّ طموحات كثيرة بعض منها على المستوى الشخصي والآخر على المستوى العام.الشخصي أطمح في استكمال دراستي والحصول على الماجستير والدكتوراه لأن علوم الطب الشرعي بحر لا ينضب. أما على المستوى العام فأطمح بأن يكون مركز الطب الشرعي مركزاً كاملاً وجاهزاً بكوادره الوطنية لخدمة بلدنا المعطاء ويصبح مركزاً معتمداً عالمياً لما في ذلك من مردود جيّد في رفع شأن الدولة في المحافل العلميّة.
مشاركة :