فيما بدأ مستوى مياه الفيضانات في هيوستن بالتراجع، لا تزال العديد من الطرق والأحياء السكنية الواقعة على مقربة من سدود أو بحيرات غارقة في المياه، ما يعني أن آلافا من ضحايا العاصفة هارفي لا يزالون في حاجة إلى أماكن تأويهم. وعلى غرار العديد من المراكز الدينية في المنطقة، فتحت عدة مساجد أبوابها للمنكوبين موفرة لهم ملاجئ ومساعدات مختلفة. وأفادت وكالة أسوشييتد برس بأن مسلمي هيوستن الذين يقدر عددهم بحوالي 200 ألف شخص فتحوا مراكزهم وأرسلوا مئات المتطوعين لتقديم الطعام للمحتاجين وتوزيع المساعدات. مركز تشامبينز الإسلامي، أصبح ليلة عيد الأضحى مأوى لـ15 من ضحايا الفيضانات بينهم مسلمون وغير مسلمين. الأفرشة غطت قاعته الرياضية، فيما وضعت صناديق المساعدات التي تبرع بها مواطنون وتشمل مواد غذائية وملابس رهن من يحتاجها. وأكد المركز المعروف أيضا بمسجد السلام، أن استضافة صلاة العيد وترقب وصول مئات المسلمين لن تؤثر على ضيوفه من منكوبي هارفي غير المسلمين وأنهم سيظلون حيث هم. ضحايا الإعصار أولوية وقال رئيس الجمعية الإسلامية في منطقة هيوستن الكبرى أم جاي خان أن ضحايا الإعصار هم الأولوية ولن يتم إزعاجهم أو نقلهم إلى أي مكان آخر. وأكد أن المصلين سيقيمون صلاة العيد في موقف السيارات إن استدعى الأمر ذلك. وتسير الجمعية الإسلامية عدة مساجد في منطقة هيوستن الكبرى بينها مركز تشامبينز الإسلامي. وقالت كاثرين ماككسكر التي لجأت إلى مسجد السلام لوكالة أسوشييتد برس إن "المسلمين مثل غيرهم من الناس، محبون وأسخياء"، مضيفة أنها "محظوظة لأنهم فتحوا المركز". متطوعون فتحوا أبوابهم لضحايا الفيضانات وفي أحد المساجد التابعة للجمعية الإسلامية يلعب الأطفال بألعاب تبرع بها مواطنون من مختلف الأديان للمركز، فيما لا يخفي البالغون قلقهم إزاء العودة إلى منازلهم والأحوال التي سيجدونها عليها. لكن أحدا لا يعلم متى ترفع السلطات الأمر الإجباري بإخلاء المناطق التي أغرقتها فيضانات الإعصار. وذكرت إذاعة صوت أميركا أن هناك فقط بضع عائلات في المسجد لأن بعض متطوعيه قرروا استضافة ضحايا الفيضانات في منازلهم. وذكرت سارة العزت (19 عاما) التي قدمت من السعودية قبل أربعة اشهر فقط إن قضاء وقتها في الملجأ الذي وفره المسجد ليس بالأمر السهل، مضيفة أن ما عاشته في هيوستن قد غير حياتها. تكافل المجتمع وقال إلياس شودري المتحدر من أصول باكستانية لإذاعة صوت أميركا، إن متطوعين فتحوا منازلهم لضحايا الفيضانات، مضيفا أن هناك إحساسا بالإخوة في المجتمع "لم أكن أدركه". وتبرع سكان محليون يعيشون قرب المسجد بمساعدات للضحايا الذين لجأوا داخله. وقالت جينا مانديل وهي متطوعة توقفت في المسجد لمعرفة إن كان لا يزال يقبل مساعدات، "لم أدخل مسجدا من قبل، وقد كنت قلقة بعض الشيء لكنني التقيت شابة في موقف السيارات وساعدتني". وتضيف مانديل أن زيارتها للمسجد ساعدت في تبديد أفكار سابقة كانت لديها. وقالت العزت إن ما يشهده المسجد وتدفق غير المسلمين عليه بالمساعدات، جعلها تكون "وجهة نظر مختلفة عن الولايات المتحدة"، مغايرة عما تتداوله نشرات الأخبار. ويؤمن المتطوعون بأن كسر الحواجز والعمل المشترك سيجعل مجتمعهم أكثر قوة في وقت يعيدون فيه بناء مدينتهم. "خير تعبير عن الإسلام" وقال أستاذ الإسلام العالمي في جامعة ماكماستر في أونتاريو ليفاكات تاكيم إن ما تشهده تكساس الآن هو خير تعبير عن الإسلام وهو أهم أمر في هذا الدين. وأضاف أن المسلمين جزء من المجتمع الأميركي وعليهم أن يساهموا فيه بأي طريقة كانت. وعلى غرار كوارث سابقة مثل عاصفة ساندي في 2012 وإعصار كاترينا في 2005 وهجمات أيلول/سبتمبر الإرهابية في 2001، كان الأميركيون المسلمون بين الضحايا وبين من هب لتقديم المساعدة.
مشاركة :