أتوقع لو طرح السؤال التالي على الناس كاستفتاء «هل تثق في نظافة المطاعم؟» لكانت أغلب الإجابات وبنسبة 90% (كلا) ومع هذا حينما يريد أحدٌ أن يذهب بأسرته إلى المطعم ليضيّفهم على وجبة بمناسبة نزول الراتب ضيفاً على بيت الحساب، ولن يطول مكثه، لما وجد مكاناً من شدة الزحام عليها، ولتعيّن عليه وأسرته الوقوف في «الطابور» لساعات طوال، الغريب العجيب، أن ذلك العشق الذي يحمله بعضهم لأكل المطاعم، الذي لم يعد عشق «العزابية» وحدهم، لو نقص الملح في وجبة بيتية، لأقام الدنيا ولم يقعدها، وقد يغضب، وقد يرسل «الزوجة» إلى بيت أهلها سريعاً على أقرب «فيدكس» من أجل عيون الملح! بينما في المطاعم، لا يسأل كيف تصنع الوجبات، ولا يدري كيف تحفظ الأطعمة واللحوم والخضراوات، ولا عن مستوى نظافة الطباخين أو «الشيفه» بلغة أجيال اليوم «العربليزية» ولا يهمه زاد الملح أم نقص، ومع هذا تجده يأكل الوجبة باستمتاع «يممممم» وفوق هذا يدفع فلوساً «ريالاً ينطح ريالاً»! بالمناسبة وأنا أفكر لكم في سطور هذا المقال، وبعد ليلة ساخنة من الحديث مع أصدقاء حول أكل المطاعم، وأكل البيت، وقد انقسم المجلس إلى فريقين «مع وضد» وكالعادة في حواراتنا، إن لم تقبل رأيي فأنت عدوي، وأنا في طريقي للبيت، شاهدت «فأراً» أمام أحد المطاعم، وهو ينسل من تحت إحدى السيارات الواقفة أمام هذا المطعم الشهير! وتهيأ لي كما لو كان يجر عباءة، فقد كان يمشي بخطوات ثابتة، فيها تبختر وعجب، ثم انعطف يساراً دون إشارة «كبعض سائقي السيارات في شوارعنا (ليدلف) بل (ليدخل ) فجيل الحاسوب قد تبدو عليهم كلمة يدلف غريبة! من باب خلفي للمطعم الشهير، وأقول الشهير، لأن البلديات كرسّت فينا هذه المفردة، والحمد لله أن بلدياتنا استيقظت بعد «نوم طويل» وبدأ مفتشوها يستخدمون مهارات «شارلوك هولمز» أو المحقق «كونان»، وكثفت حملاتها للكشف عن المطاعم «التي» تكره النظافة، لكن بقيت مصيبة عدم ذكر اسم المطعم المتلبس بالفساد «ولا أدري لمَ لا تعلن صحفنا أسماءها، بينما تعلن أسماء المصابين من ضحاياها؟! على كل حال، أعود لفأر المطعم الشهير، الذي دعاني مشهده للوقوف لمراقبته، فما إن دخل المطعم عبر باب الطباخين، حتى عاد سريعاً ليخرج؛ ويبدو لي أنه رأى أحد «الأشياف» الطباخين، وهو يحمل «كبشة» وظن أنه يريده لعلقة ساخنة، أو سيسدد بها ضربة ثم يعيدها في القدر، سؤال ما الكبشة؟ جواب: لا ندري، كان سؤالاً وجهه أحد «جيل الطيبين» لثلة من الجيل الجديد في مجلس!! أو أن الفأر أحسّ بالاختناق من رائحة الزيوت التي فقدت لونها الذهبي من كثرة الاستعمال حتى تحولت لبقعة نفط! أو أنه خشي الوقوع في قعر قدر مكشوف، وقد امتلأ بالحساء، فلا يقوى على الخروج، فخرج ليأخذ كمية مناسبة من الأوكسجين، ليتنفس قليلاً، وقد يعود إلى حيث سينام الليلة في مخدعه، ومخدعه هنا مطعمه تحت أكياس الأرز، أو في داخل أحد القدور «والفأر يحب خناقة»! بقي أن أقول لكم إن الفأر في لحظة خروجه، التقى صدفة، بقط لونه ميال..على، لا، حتى لا يتهمني ناد ما بأني أشّبه شعاره بالقط! خاصة أن الأجواء في ميدان الرياضة كلها (أقدح من رأسي، ومن فوق خشمك) وما بين الرأس والخشم ضاعت لحى، حقيقة حين شاهدت العدوين اللدودين، ذكراني بـ «توم وجيري» اللذين أشغلانا لسنوات طوال، ونحن نجري معهما وهما في مطاردة مثيرة! يلتقيان، قلت «بس» داحس والغبراء، ستكون أمامي في مشهد لن يتكرر، وسأراها بأم عينيّ، عياناً بياناً «وليس من رأى كمن سمع!» ورددت بيت الشعر للداهية زهير بن أبي سلمى: «وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتم.. وماهو عنها بالحديث المرجّم» فكانت المفاجأة، حينما التقى عدوا الأمس بالرؤوس، وقبّلا بعضهما بعضاً، وبدا لي أنهما تبادلا السؤال، عن الأحوال، وأخبار «التسمين» عند مكبّات النفايات، وحكايات السرف السعودي! الذي لا ينتهي، مع مناسبات الأعين، لا البطون، فاستغربت، لكن حالة تعجبي، زالت سريعاً حينما تذكّرت المثل القائل «ألا صداقة إلا بعد عداوة» وسبحان الله مغيّر الأحوال.
مشاركة :