في استعادة معنى الثورة السورية‬ | د. وائل مرزا

  • 8/3/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة ارتباطٌ عميق بين أفعال البشر ومواقفهم وبين نظام المعاني التي تدلُّ عليها تلك المواقف والأفعال. ينطبق هذا على الأفراد، لكن قيمته الكبرى تظهر حين يتعلق الأمر بالجماعات البشرية. ومن المؤكد أن الثورة السورية كانت ولاتزال حالةً نموذجية في هذا المجال. فقد جاء اشتعالُها تعبيراً عن نظامٍ من المعاني الإنسانية النبيلة، على المستوى المحلي، عاشه السوريون لشهور طويلة. لكن مالم يكن في حسبان السوريين أن نظامهم الجديد هذا يحمل في طياته خطراً حقيقياً على نظامٍ دولي وإقليمي تحكمه شبكةٌ معقدة من المصالح الأنانية التي تتمحور حول السيطرة والنفوذ والقوة والهيمنة على مختلف المستويات. وهي شبكةٌ تضم أفراداً وجماعات ودولاً وتنظيمات، قد يبدو أحياناً أنها مُختلفةٌ ومتصارعة، لكن وجودها، وتحقيق مصالحها، كان مضموناً دائماً بمنظومة توازنات مرنة، تفسح المجال لإظهار الاختلاف والصراع للشعوب وعامة الناس علنياً من ناحية، لكنها تسمح، من ناحية ثانية، لمختلف الأطراف بالحفاظ على وجودها ومصالحها تحت سطح (الأخبار) وبعيداً عن عالم الإعلام. كان الأمرُ أشبه بمعادلةٍ دقيقة هددت حساباتها الثورة السورية، وتحديداً بنظام المعاني الذي لم تُظهر فقط إمكانية وجوده، بل إمكانية اقتباسه وتعميمه. لهذا تحديداً كان ضرورياً أن يتم (اغتيال) نظام المعاني المذكور، وأن يحصل هذا بشكلٍ ساحق، وبأسرع وقت ممكن، وباستعمال كل الوسائل والأساليب. ذلك أن المسألة أصبحت مسألة وجود بالنسبة للآخرين، ولم تعد حتى مسألةَ حفاظٍ على المصالح. وفي غضون أشهر من بداية الثورة، استعاد النظام بعض أنفاسه، وأدرك تلك الحقيقة التي كان الآخرون يحاولون إفهامهُ إياها منذ البداية، فبدأت العملية الكبرى والأساسية لوأد الثورة السورية من خلال قلب نظام المعاني الذي خَلَقتهُ رأساً على عقب. ومع صمود الشعب السوري، بات واضحاً أن العمل في الداخل السوري لم يعد يكفي لنجاح عملية الاغتيال المذكورة، فصار مطلوباً توسيعُ نطاقها من خلال تعميم الفوضى وخلط الأوراق في المنطقة بأسرها. يعلم هؤلاء أن الثورة لايمكن أن تموت رغم كل الصعوبات والأخطاء إلا في حالة واحدة: حين يغيب المعنى الحقيقي لها في قلوب أهلها وعقولهم. فإذا مات المعنى هناك ماتت الثورة، ولو بقيت مظاهرها. وإذا بقي المعنى بقيت الثورة واستمرت رغم كل شيء. من هنا تأتي الضرورة القصوى والأساسية لاستعادة معنى الثورة السورية بين السوريين، لأنها مفرق الطريق. هل يحصل هذا؟ نعم. لكن من يقوم به ليس أبداً تلك الجهات التي يُفترض بها أن تقوم بتلك المهمة. بل إن الهيئات الرسمية التي يُفترض بها أن تفعل ذلك تساهم، ولو عن غير قصد، في قتل نظام معاني الثورة السورية بممارساتها. أما (المثقفون) فقد تجد فيهم من يحاول، وهؤلاء قلائل جداً، ثم إن خطابهم (النخبوي) لايصل إلى جمهور الثورة الواسع. تبقى النماذجُ التي أوجَدَها، للمفارقة، نظام معاني الثورة السورية نفسهُ، ممن يمارسون هذا الدور بلغةٍ هي أقرب لمشاعر الناس. ثمة نماذج عديدة على ذلك، ولايمكن ادعاء الكمال في نشاطها وخطابها، لكنها أقرب لمن يؤدي هذه المهمة الحساسة. في السطور التالية، ونستميح العذر في نقلها كما هي وبالعامية، يُعبِّر أحد هؤلاء، زياد الصوفي، عن كل ماتحدثنا عنه أصدق تعبير: "حالة من اليأس تجتاح صفوف السوريين المؤيدين للثورة نتيجة الإحساس المتزايد يومياً بفقدان قدرتهم على التغيير..‬هالشيما اجا نتيجة لقوّة الاسد او قدرتو على إسقاط الثورة،ولكن هالشعور اجا كنتيجة طبيعية لاحساسنا بعدم امتلاكنا اي اداة من أدوات التغييراللازمةلإسقاط الاسد..‬ ياجماعة ..‬مابحياتها كانت الثورة لاسترداد أراضي محتلة،او تحرير أراضي وبسط السيطرة عليها..‬‬ ماخرج الشعب السوري للشوارع ونادى ‬في بدايةالثورة" الشعب يريد استرداد دمشق".طلبنا وشعارنا كان واضح وبسيط، "حرية وبس"..‬ شعارالحرية خوّف الجميع، من اقرب جار الى ابعد صديق..حاربنا نفوسنا لتطلع كلمة الحرية من صدورنا،وواجهنا كل صنوف الحقد لاستجرارأنفاس الكرامة من قلوبنا.. اللي كان معتقد انو تمن الحرية للشعب السوري رح يكون رخيص،فهاد إما انسان رومانسي او انسان مابيفهم بالسياسة،اوالاثنين معاً.. خمسين سنة والنظام عم يحبك كل المؤامرات لمواجهة مطلب الحرية..خمسين سنة والمجتمع الدولي عم يمررأخطاء النظام الواحد بعد الاخر بحجة دعم الاستقرار في منطقة تعج بالمتناقضات.. منشان حرية سوريا.شفنا المجازر والبراميل والكيماوي،وحضرنا تلاتة فيتو واجتماعين دوليين في جنيف وشهدنا على وجود حالش وداعش .. منشان حرية سوريا.شفنا العراق عم يتفكك،واليمن كيف صار اتنين،ولبنان اربعة ومندون رئيس .. منشان حرية سوريا.شفنا بوتفليقة رجع يحكم الجزائر،وانقلاب بعد التاني في ليبيا،ووحل سياسي في شوارع اسطنبول.. منشانحريةسوريا.شهدناولادةالخلافةبالأنابيب،تقهقُرالاميركانقدّاممفترقالانسانية،وانهيارمؤسسةمجلسالأمن،وتخبّطمؤسساتالاممالمتحدة.. منشان حرية سوريا.خسرنا مليون شهيد،ومتلهون معتقل ومفقود،واتشردعشرة مليون عن بيوتهون.. منشان حرية سوريا.انهار مفهوم العروبة،وانمحت مرتكزات القومية العربية،وتعرّت المؤسسات الدينية ورجالها.. منشان حرية سوريا.اكتشفنا انو في سوريين مو سوريين،وعرب موعرب،ومسلمين ما بيتبعوا رحمة الاسلام،ومسيحيين بعيدين عن سلام المسيح.. منشان حرية سوريا..انهارت مفاهيم المقاومة،وهرّت ورقة توت الممانعة،وانتست القضية المركزية.. ياابن بلدي.. لاتيأس.. فحريتك الغالية عم تحاربها كل قوى العالم،لأنهون ببساطة بيعرفوا شو يعني يكون السوري حر..بيجوزتقلّي صارو تلات سنين ونص ولسّا النظام ما سقط،بس رحجاوبك فوراً ومن دون تردد،صارو تلات سنين ونص والعالم ماقدر يكسر إرادتنا..حرية وبس.." انتهى النقل، ويبقى مطلوباً من السوريين الذين يُعجَبون بهذا الكلام بالآلاف..ألايقف (فِعلُهم) عند هذا الإعجاب.. waelmerza@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (80) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :