يتعرض الأطفال في الأشهر الأولى بعد الولادة إلى كثير من الأمراض والمشاكل الصحية؛ نتيجة بعض العوامل والأسباب، بعضها يتعلق بضعف المناعة، وبعضها بسبب مشاكل طبية معتادة في هذه المرحلة. المهم أن تكون لدى الأم ثقافة طبية وصحية عامة، تمكّنها من معرفة ما هو طبيعي، ويحدث لدى غالبية الأطفال، وما هو غير طبيعي ويدخل في إطار الضرر على صحة الصغير، والقلق لابد أن يكون موجوداً عند الأم بشكل يحرّكها باستمرار، خوفاً على مستقبل طفلها الصحي، والمقصود بالقلق هنا، القلق المتوسط وليس القلق الذي يسبب توتراً مستمراً ويُفقد الأم قدرتها على تمييز المواقف وتقدير الخطرإن توافر الخبرة والمعرفة للأم نوع جيّد من القلق الإيجابي، والمبني على معلومات وأعراض لاحظتها على صغيرها فأحست بالقلق، وسارعت إلى الطبيب تخبره بما تعلّمته من ثقافة طبية، وطبّقته على حالة الطفل. وبالتالي تصبح عوناً للطبيب وتنفّذ النصائح والإرشادات الطبية بدقة. وليس عيباً أن تحصل الأم الحديثة على دورات متخصصة في تربية ورعاية الصغير في مختلف المناحي، وهذه الدورات متوافرة الآن في كثير من المراكز الطبية بمختلف الدول العربية، وهي التي تقدّم معلومات طبية مبنيّة على معلومات حقيقية، وتوفّر على الأم كثيراً من الجهد والعناء، وفي هذا الموضوع سنتناول مرض الفتاق الذي يصيب الصغير، نتيجة بعض الأسباب التي سنوضحها، ونقدم بعض النصائح والإرشادات للأم بخصوص هذه الحالة، والمضاعفات التي يمكن أن تحدث.السري والإربييصاب عدد كبير من الأطفال بمرض الفتاق في جميع أنحاء العالم، خاصة الأطفال الذين يولدون قبل إتمام الفترة الطبيعية داخل رحم الأم. ويعرّف الفتاق على أنه بروز يظهر في منطقة السرة وحولها في بطن الطفل، وبالتحديد عند الجزء المتبقّي من فتحة الحبل السري، ويُطلق عليه الفتاق السري، وهذا النوع يصيب غالبية المواليد الجدد، ويتعافى منه الطفل خلال 12 يوماً، وأحياناً يصل إلى 15 يوماً. ولابد أن تقوم الأم بدورها في تنظيف وتطهير مكان السرة، باستخدام بعض المطهّرات الطبية حتى تتساقط أجزاء الحبل السري المتبقّي من تلقاء نفسها، وبذلك تستطيع الأم أن تحمي صغيرها من الإصابة بكثير من المضاعفات إذا تطور الفتاق السري. أما في حالة ظهور التورّم في أعلى منطقة الفخذ إلى أسفل البطن، فيسمى ذلك الفتاق الأربي، وهو يبدو مثل الانتفاخ في أسفل البطن. وفي بعض الأوقات ينزل إلى كيس الصفن لدى الأطفال الذكور حديثي الولادة، ويختلف مرض الفتاق السري والإربي من طفل لآخر حسب شدة الفتاق ودرجته.الحاجز العضلييحدث مرض الفتاق السري أو الإربي بسبب عدم اكتمال نموّ عضلات بطن الطفل بصورة كافية، ما يسبب ضعف هذه العضلات، وعدم قدرتها على حجز الأعضاء الداخلية بالبطن مثل الأمعاء، فهي تعمل كحاجز قوي يمنع بروز هذه الأحشاء الدخلية وخروجها عن الحاجز العضلي، وفي حالة إصابة الطفل بالفتاق يصبح جزء من هذا الجدار الحاجز العضلي ضعيفاً ومرناً ومترهلاً، بما يمثّل وجود فجوة ضعيفة في هذا الجدار، ويؤدي ذلك إلى بروز جزء من الأحشاء الداخلية، سواء كانت الأمعاء أو بعض الأنسجة والسوائل من خلال هذه الفجوة. وسرعان ما تلاحظ الأم هذه البروزات غير الطبيعية في أسفل بطن الطفل، والتفسير العلمي لذلك هو أن الطفل أثناء فترة الحمل تتكون عنده فجوة كبيرة في عضلات البطن بشكل طبيعي، ومع مرور الوقت تُبنى هذه العضلات وتكتمل الفجوة، ويمكن أن يولد بعض الأطفال قبل اكتمال هذه الفجوة وأثناء فترات الحمل، فيولد الطفل بهذه الحالة ويصبح مصاباً بمرض الفتاق.وتكون هناك نسب مرتفعة لظهوره لدى الأطفال المولودين قبل الأجل الطبيعي، نتيجة عدم اكتمال بعض الأعضاء بشكل كامل، وهناك بعض العوامل الأخرى التي يمكن أن تسبّب إصابة الطفل بالفتاق، مثل إصابته بالتهاب حاد في السرة بعد الولادة، وعدم الوصول إلى درجات الشفاء التامة من هذه الالتهابات، وأيضاً إصابته بالتهاب رئوي حاد، ينتج عنه سعال شديد، ومستمر يؤدي إلى ارتفاع الضغط على جدار بطن الصغير، الذي لا يتحمّله فيحدث الفتاق في الجزء الضعيف من عضلات البطن، وكذلك يمكن لحالات الإمساك المستمر أن تسبب حالة الفتاق، كما يوجد دور لعامل الوراثة في الإصابة بهذا المرض.حبس الأمعاءتظهر بعض العلامات والأعراض على الأطفال المصابين بالفتاق، ومنها البكاء الشديد الذي يسبّب حالة من الالتواء للصغير مع حدوث التقيؤ، ما يزيد الضغط على جدار البطن، فيزيد ضعف العضلات ويتسع الفتق أكثر، ويخرج بعض أجزاء من داخل البطن من خلال الفجوة الضعيفة في جدار عضلات البطن. ويبدو ذلك في صورة ورم وانتفاخ بسيط أو كبير حسب حجم الأحشاء التي خرجت عبر الفجوة، ومن مضاعفات هذه المشكلة المرضية حدوث ضغط على جزء من الأمعاء بسبب الفتاق، وبالتالي يصاب الطفل بحالة من حبس وانسداد الأمعاء، ما يؤدي إلى فقدانها جانب من وظائفها بشكل جزئي مع الإحساس بكثير من الألم، وهذه الحالة تعد من الحالات الطبية الطارئة، والتي تتطلب تدخلا عاجلا وسريعا سواء بالجراحة أو بأي وسيلة أخرى لإعادة أحشاء البطن إلى الداخل، وعند إصابة الطفل بهذه الحالة سوف تلاحظ الأم ظهور أعراض شديدة، مثل البكاء بشدة وتألم وخوف الطفل الشديد عند لمس الأجزاء البارزة من فجوة الفتاق، ويظل الجزء البارز على وضعه حتى بعد توقف الطفل عن البكاء، ويصاب الطفل بحالة حادة من التقيؤ، ففي هذه الحالات يجب الذهاب للطبيب المختص ليحدد الخطوات اللازمة، ويقرر ما إذا كان هناك ضرورة لعملية جراحية سريعة، تعيد الأمعاء إلى داخل البطن في مكانها المحدد، وعمل شبكات تقوية للمنطقة الضعيفة من عضلات البطن، من أجل عدم حدوث الفتاق مرة أخرى وخروج الأحشاء الداخلية بنفس الطريقة، والفتق الإربي يسبب كذلك الضغط وحبس جزء من الأمعاء، ويحتاج إلى عملية جراحية تعيد الأمور إلى طبيعتها في بطن الصغير. الجراحة والنظافةتشفى معظم حالات الإصابة بالفتاق السري دون تدخل جراحي إلا في حالات قليلة، ومنها إذا كان الفتاق كبير الحجم ويزيد مع الوقت، أما الفتاق الإربي هو الأكثر تأثيرا لأنه يحبس جزءا من الأمعاء، فيحتاج إلى تدخل طبي عاجل قبل حدوث تفاقم ومضاعفات للحالة، والتدخل الجراحي عملية سهلة وقصيرة، حيث يقوم الطبيب بفتح شق صغير في قاعدة السرة وإعادة الأحشاء إلى داخل البطن، ثم يقوم بربط الفتحة في جدار البطن بخيوط قوية، وغالبا ما يعود الصغير إلى البيت في نفس يوم الجراحة، ولا تسبب هذه الجراحة حدوث ألم وليس لها مضاعفات، وفي حالة إجراء جراحة للفتاق السري أو الإربي لابد للأم أن تحمي طفلها من الإصابة بالسعال والإمساك والتحرك لعلاجهما بسرعة، حتى لا يحدث ضغط على عضلات البطن، ويعوق ذلك عملية التئام جرح الفتاق، كما يجب الاهتمام بنظافة السرة باستمرار باستخدام البيتادين والكحول، كما لا تستمع الأم للنصائح المنتشرة بوضع عملة معدنية فوق السرة أو تلبيس الصغير حزام السرة، فكلها أساليب غير طبية وغير علمية وتسبب أضرارا للطفل. الذكور أكثر من الإناث تشير الدراسات الحديثة إلى إصابة حوالي 11% من الأطفال حديثي الولادة بمرض الفتاق بدرجات متفاوتة، غير أن دراسات أخرى كشفت ارتفاع نسبة إصابة الأطفال بالفتاق السري إلى 25% من عدد المواليد الجدد، وينتشر مرض الفتاق بين الأطفال الذكور أكثر من الإناث، وفي أغلبية الأطفال المصابين بهذا المرض يتماثلون للشفاء من دون الحاجة إلى تدخل جراحي، وفي حالة استمرار الفتاق يتطلب ذلك إجراء عملية جراحية للصغير في سن تسمح بذلك، ويفضل بعد اكتمال الطفل 3 أعوام كنوع من الاطمئنان، وتشكل العوامل الوراثية حوالي 18% من أسباب الإصابة بهذه المشكلة الصحية، ويسهل على الأم أن تعرف حالة إصابة صغيرها بعد الولادة، وفي بعض الأطفال يلاحظ الفتاق بعد مرور من 25 إلى 50 يوماً بعد الولادة، وهناك توجه عالمي بعدم استخدام أي وسائل علاجية لإصلاح الفتاق السري، وذلك مرور 12 شهراً من عمر الصغير، وفي حالة عدم اكتمال الفتاق من نفسه خلال 24 شهراً يجب التدخل جراحياً لإصلاح الفتاق، وأيضاً عند ملاحظة أن حجم الفتاق كبير ويزداد اتساعاً مع الوقت، ففي هذه الحالة لابد من اللجوء السريع للعلاج الجراحي قبل إتمام الطفل السنتين.
مشاركة :