قال رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل، إن العالم فقد السلام، وإن الفوضى والفراغ السياسي هما أخطر التهديدات التي يواجهها المجتمع الدولي حاليا، وهما التهديد الأبرز للاقتصاد العالمي. وأشار الفيصل في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمنتدى أمبروستي في إيطاليا، إلى أن الأزمة النووية التي تمثلها كوريا الشمالية وخلافات الهند والصين والصراعات بالشرق الأوسط، فضلا عن تهديد الإرهاب لأوروبا، تؤكد حاجة النظام الدولي لإعادة هيكلة شاملة، وأن السعودية ستقدم الدعم اللازم في هذا المجال. أكد رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل، أن أي تحولات كبيرة عبر التاريخ تحمل معها المخاطر والفرص للأفراد والدول والمجتمعات والمجتمع الدولي بأسره، وأن الفوضى والفراغ السياسي هما أخطر التهديدات التي تواجه عالمنا اليوم، حيث كانت الحروب الكبيرة نتيجة طبيعية لهذه الحالات والفشل في التصدي للتحديات التي تواجه البشرية. وأشار إلى أن العالم وحده، ومن خلال الحكمة والتعاون والقيادة الدولية، سيتصدى للتحديات الهائلة التي تواجهنا في هذه المرحلة لتفادي الكوارث والمخاطر، مؤكدا أن النظام الدولي يحتاج إلى إعادة هيكلة لكي يكون عادلا وشاملا يعكس الواقع الدولي، وأن المملكة العربية السعودية ستقدم الدعم اللازم في هذا المجال. جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية لمنتدى أمبروستي السنوي في مدينة سيرنوبيو في إيطاليا، والمنعقدة خلال الفترة من الأول إلى الثالث من سبتمبر الجاري، والذي جاء بعنوان: «الاستخبارات في العالم وأوروبا وإيطاليا». تعدد الأزمات تطرق الفيصل في كلمته خلال الجلسة التي جاءت تحت عنوان: «تأمل في حالة عالمنا»، إلى الأزمات التي تهدد العالم حاليا، وقال إنها تقبع في كل زاوية على خريطة العالم دون أفق واضح للحلول الحقيقية، مشيرا إلى الأزمة النووية في الشرق الأقصى التي تمثلها كوريا الشمالية وخطر المواجهة مع الولايات المتحدة، وليس بعيدا عنها أزمة الحدود في جبال الهيمالايا، التي وضعت مؤخرا الجيش النووي الهندي والجيش النووي الصيني في حالة استعداد للمواجهة العسكرية. وأوضح أن هذه الأزمات ليست خطرا على الشرق الأقصى فقط ولكن على العالم بأسره، فالسلام والأمن اللذان سمحا لليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وحتى الصين وبقية آسيا بالازدهار اقتصاديا خلال العقود الستة الماضية أصبح مهددا الآن، ونتيجة لذلك سيعاني الاقتصاد العالمي أكثر من غيره، كما أن العلاقات السيئة في جنوب وغرب آسيا بين الهند النووية المتصاعدة ومحركها القومي المتطرف وباكستان النووية، تمثل وضعا يحمل معه خطر الانفجار في أي وقت إذا لم يعالجه الطرفان والسلطات المعنية على محمل الجد. صراعات وحروب استعرض الفيصل واقع الصراعات والحروب في مناطق أخرى من العالم، في أفغانستان التي تتواصل فيها الحرب ويغيب فيها السلام وتغيب معه الحلول السياسية منذ الغزو السوفيتي في عام 1979. وفي غرب آسيا، أو في الشرق الأوسط تحديدا، حيث لا يزال الوضع معقدا بسبب الحروب الداخلية المستمرة في العراق وسورية واليمن والتي تهدد هذه الدول كدول قومية ذات سيادة. وكذلك صعود المنظمات والكيانات غير الدولية وغير الحكومية في بعض الدول، مثل حزب الله في لبنان، والتهديدات الإرهابية المتزايدة، وانقسام المجتمعات، والسلوك العدواني لبعض الدول الإقليمية. التدخلات الخارجية وأشار الفيصل إلى التدخلات الخارجية في المنطقة مثل التدخل الروسي في سورية والأزمة الدبلوماسية بين قطر وأخواتها: السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر، والتي تهدد وحدة وبقاء مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية موحدة، كذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المطول الذي يزيد من تعقيد الصورة، وسيكون مصدرا لزعزعة الاستقرار في المنطقة، و انتشار التطرف والإرهاب. وأضاف أن الوضع في شمال إفريقيا لا يختلف عن بقية أنحاء الشرق الأوسط، حيث الفوضوية هي سيدة الموقف في ليبيا. والإرهاب يزعزع الاستقرار في مصر وليبيا وبقية دول المغرب العربي، مبينا أن تمدد هذا الاضطراب وعدم الاستقرار سيؤثر على باقي إفريقيا من خلال انتشار الإرهاب، وعلى أوروبا من خلال طوفان اللاجئين. تهديد الإرهاب لأوروبا قال الفيصل إن أوروبا، التي كان ينظر إليها على أنها مهد الاستقرار على الساحة العالمية غير محصنة حاليا ضد الإرهاب والذي بات يضرب في العديد من المدن الأوروبية؛ مبينا أن انقسام المجتمعات واضح مع تزايد الاتجاهات الخطيرة مثل اليمين المتطرف، والخوف من الإسلام، ومعاداة الأجانب، ومعاداة الهجرة، فضلا عن التساؤل حول مستقبل الاتحاد الأوروبي والناتو، ومستقبل العلاقات بين روسيا وتركيا، كذلك تحديات الأزمة الأوكرانية، وخروج بريطانيا من المنظمة الأوروبية. وأضاف أن الولايات المتحدة، التي تعتبر قائد العالم، وينتظر منها الكثير، تسودها حالة من القلق وعدم اليقين، وهناك في أميركا اللاتينية تبرز الأزمة الفنزويلية، مشيرا إلى أن ما ذكر آنفا يؤكد أن عالمنا المعولم والمترابط حاليا في مأزق، يمكن أن تتحول كل مسألة إلى قضية عالمية تهدد الجميع وتعرض جميع الإنجازات البشرية للخطر، في جميع الميادين، بما في ذلك العولمة نفسها. مخاطر جيوسياسية أكد رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن جميع القضايا المذكورة في كلمته هي مخاطر جيوسياسية، وأنها أعراض للمشاكل الهيكلية العميقة في النظام الدولي، والناجمة عن فشل مجتمعنا العالمي في الارتقاء إلى مبادئ الحكم العالمي الجيد على النحو المحدد في ميثاق الأمم المتحدة قبل سبعين عاما، مضيفا أن النظام الدولي الذي تصوره المنتصرون في الحرب العالمية الثانية للحفاظ على «السلام والأمن في العالم» أصبح الآن في أزمة ولا يستجيب للأزمات والمخاطر التي تواجه البشرية. عقلية 1945 شدد الفيصل على أن عالمنا المعولم والمترابط المعتمد بعضه على بعض ليس عالم عام 1945، ولكن لا تزال تديره عقلية هذه الحقبة والحرب الباردة، مبينا أن النظام الدولي يحتاج إلى إعادة هيكلة لكي يكون عادلا وشاملا يعكس الواقع الدولي، حيث العديد من من الدول والمجتمعات تتقاسم القوة بكافة أشكالها، لافتا إلى أنه بدون إعادة الهيكلة هذه، ستستمر زيادة المخاطر الجيوسياسية في تهديد السلم والأمن العالميين. وكما نراه في الأزمة السورية، فإن فشل المجتمع الدولي وخاصة فشل الدولتين الكبيرتين، الولايات المتحدة وروسيا، في معالجة هذه القضية منذ البداية وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، أدى إلى المواجهات الدبلوماسية والبلاغية الحالية، التي تهدد السلم والأمن العالميين. تلافي حرب ثالثة حذر الأمير تركي الفيصل من أن العالم لا يحتاج إلى حرب عالمية من أجل إقامة نظام عالمي جديد لإثبات أن الأنظمة العالمية على مر التاريخ هي نتاج للحروب الكبرى، مؤكدا أن الإصلاح يتطلب من النظام الدولي الحالي تفكيرا جديدا يشارك فيه جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن. وقال«إن العالم يدرك عدم عدالة هذا النظام، ويرى أنه هيكل عفا عليه الزمن، ولا يستطيع أن يعالج قضايا اليوم. كما أنه لا يمكن أن يحافظ على السلم والأمن في العالم، ويواجه التحديات والتهديدات الملحة التي تواجه البشرية، والعودة إلى نمط سياسة القوة في إدارة الشؤون العالمية ليست حلا. ويتعين على قادة العالم أن ينظروا إلى الصورة الكبرى للعالم ومستقبله. وإذا لم يتمكن العالم بعد من الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب، فكيف سنعالجه بفعالية». وأضاف أن على أوروبا، وهي ضحية التغيرات التاريخية في الأنظمة العالمية السابقة، أن تتحمل مسؤولية إقناع بلدان العالم بهذه الحاجة قبل فوات الأوان، مؤكدا أن السعودية ستقدم الدعم اللازم لهذا الدور، من أجل إعادة هيكلة النظام العالمي الراكد. من كلمة تركي الفيصل المخاطر تقبع في كل زاوية على خريطة العالم الفوضى والفراغ السياسي هما أخطر التهديدات الحروب نتيجة للفشل في التصدي للتحديات التي تواجه البشرية بالحكمة والتعاون والقيادة الدولية سنتصدى للتحديات الهائلة أبرز التحديات خطر مواجهة كوريا الشمالية والولايات المتحدة أزمة الحدود بين الهند و الصين الصراعات في منطقة الشرق الأوسط تهديد الإرهاب لأوروبا وصعود اليمين المتطرف
مشاركة :