صحيح أن تراكم الدهون في الجسم يجلب سلسلة من المشاكل والمصاعب البدنية والصحية التي تنغص على الشخص حياته اليومية، لكن تلك المشاكل تكون أكثر وطأة عندما يتعلق الأمر بدهون البطن ومحيط الخصر تحديداً. فإلى جانب العبء الذي تفرضه تلك الدهون على القلب وعلى الصحة العامة، نجدها تخلق تشويها في شكل الجسم الذي يصبح صاحبه في معاناة دائمة سواء عند الجلوس أو الانحناء أو النهوض من مقعد أو من الفراش أو حتى عند البحث عن ملابس تتناسب مع شكل جسمه بحيث تخفي تلك «التضاريس» الدهنية المحرجة التي تصل في بعض الأحيان إلى الترهل المثير للخجل. من هذه الزاوية، نستعرض في حلقة اليوم ما يمكن أن نعتبرها «استراتيجية» متكاملة يمكن انتهاجها سعياً إلى إحراق أكبر قدر ممكن من دهون الجسم الزائدة عموما، ودهون البطن ومحيط الخصر على وجه الخصوص. وتتميز هذه الاستراتيجية بكونها لا تعتمد على إجراءات عنيفة أو حادة أو سريعة لإحراق الدهون الزائدة، بل تعتمد على تكتيكات معتدلة وهادئة وتدريجية على أمد ممتد زمنيا. لذا، اشتهرت هذه الاستراتيجية بكونها تتميز بأنها تعمل على إحراق دهون الجسم الزائدة «على البارد». لكن قبل البدء في استعراض بنود تلك الاستتراتيجية المقترحة، من المهم التنبيه إلى أمر مهم جدا ألا وهو أن نجاح المهمة يعتمد على مدى العزيمة ووضوح الهدف، كما يحتاج إلى كثير من الصبر والمثابرة لأن النتائج لا تظهر إلا بعد مرور بضعة أسابيع مع مواصلة الجهود على أكثر من صعيد في آن واحد معاً. فإلى عناصر الاستراتيجية التكاملية المقترحة: حدّد هدفاً واضحاً... بالسنتيمتر في بداية مشوار سعيك إلى إحراق دهون البطن والخصر، من المهم جدا أن تحدد بوضوح عدد السنتيمترات التي تريد إنقاصها من محيط البطن والخصر، مع مراعاة أن يكون المستهدف في متناول قدراتك وقابلا للتحقق كي لا يتسلل اليأس إلى نفسك في ظل غياب هدف أو في ظل كون الهدف أصعب من أن تصل إليه. وبتعبير آخر، فإنه من المهم تحديد «هدف» واضح المعالم كي تتحرك في اتجاهه. فمن بين فوائد تحديد هدف أنه يكون بمثابة معيار مرجعي لقياس مدى تقدمك إلى جانب أنه يمنحك الرغبة في إنجاز مهمتك من خلال حصرها بين خط بداية وخط نهاية. احمل ماء أينما ذهبت في رحلة إحراق دهون البطن وما حول الخصر، من الحيوي أن تحافط على خلايا وأنسجة جسمك رطبة مرتوية. لذا احرص دائما على أن تحمل قنينة ماء للشرب أينما ذهبت، بحيث تشرب رشفة بين الحين والآخر حتى إذا لم تكن عطشان. فلشرب الماء فوائد عدة، من أهمها منحك شعورا بامتلاء المعدة وبالتالي تقليل احتياجك إلى تناول الطعام واحتساء المشروبات الغازية. ومن الثابت أن قلة السوائل في الجسم واصابته بالجفاف هو أمر يعرقل عملية حرق الدهون. ولهذا السبب تحديدا، فإن شرب كميات كبيرة ومنظمة من الماء والشاي الأخضر يساعد الجسم على سرعة حرق الدهون. زيّن طعامك... بألوان الطيف كلما تنوعت الألوان الطبيعية في وجبتك، كلما كانت صحية وأكثر قدرة على مكافحة تراكم الدهون. لذا، احرص على أن يحوي طبق طعامك تشكيلة متنوعة من ألوان الطيف الطبيعية التي تصطبغ بها الخضراوات والفواكه والبيض وغير ذلك من الأغذية. ومن المفيد أن تتنوع الألوان في طبقك بين أصفر في الجزر والبيض، وأخضر في الفلفل والخصراوات الورقية، وأحمر في الطماطم وأبيض وأسود في الباذنجان، إلى آخر قائمة الأسماء. «السريعة» و«الغازية»... خط أحمر لن تستطيع التخلص من دهون بطنك وخصرك بينما تواصل الاستسلام لإغراء تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية التي تعتبر من أوائل مسببات السمنة بسبب احتوائها على مستويات عالية جدا من السعرات الحرارية التي تتسبب بدورها في تراكم الدهون. لذا، فمن الضروري لك في رحلتك أن تضع خطا أحمر عريضا بينك وبين الوجبات وأن تمتلك العزيمة والإرادة الكافيتين لعدم تجاوز ذلك الخط، مع الاستعاضة عنها بأغذية صحية. واصل التقدم... بثبات كلما نجحت في التقدم خطوة على الطريق نحو هدفك المنشود، احرص على أن تتخذ من تلك الخطوة حافزا يشجعك على مواصلة المسيرة بإصرار وثبات. فتحقيق جزء من هدفك لا يعني أن تتوقف عن انتهاج استراتيجيتك التكاملية، بل ينبغي أن يكون حافزا على المواصلة حتى لا تخسر ما حققته ثم تضطر لاحقا إلى أن تبدأ مجددا ولكن ليس من نقطة بل من نقطة أقل منها. لا تتضوّر جوعاً يخطئ كثيرون عندما يتصورون أن الحرمان من الطعام إلى درجة التضور جوعا هو أمر يساعد على تسريع عملية حرق دهون الجسم الزائدة. فهذا التصور ليس سوى وهم لا أساس له ولا جدوى من ورائه فضلا عن أن التجويع الشديد ينطوي على مخاطر على الصحة العامة. والحقيقة هي أن الطريقة السليمة لإحراق السعرات الحرارية والدهون يجب أن تكون بطريقة متوازنة تجمع بين استبعاد مسببات تراكم الدهون وتناول الطعام بشكل مدروس وممارسة التمارين وتعديل نمط الحياة بشكل عام. كافئ نفسك... بـ «ممنوع»! الالتزام بحمية غذائية صارمة لا يعني الحرمان الكامل من الملذات المحظورة والممنوعة. فمن المفيد أن تكافئ نفسك بتناول أحد تلك «الممنوعات» كلما حققت نتيجة ملموسة، شريطة أن تكون تلك المكافأة في أضيق الحدود حتى لا تضيّع كل ما حققته من خلال إكسابك كل السعرات والدهون التي خسرتها بصعوبة. لا تيأس مطلقاً مهما حصل، لا تسمح لليأس بأن يتسسلل إلى نفسك فربما يمر أسبوعين أو أكثر من دون أن تلاحظ فقدانا ملموسا لدهون بطنك وخصرك. يجب أن تدرك أن هذا البطء في خسارة الدهون ليس مسوغا للاستسلام، بل عليك الموصلة والمثابرة إلى أن يكسر جسمك حاجز العناد وتبدأ دهونه في الذوبان. وبمجرد أن يكسر جسمك تلك النقطة، فإن التقدم يبدأ في التزايد بشكل ملموس. لا تركز على منطقة واحدة قد يكون هدفك الأساسي هو إحراق دهون البطن والخصر تحديا، لكن من الخطأ أن تركز كل اهتمامك طوال الوقت على هاتين المنطقتين، بل ينبغي أن تكون جهودك موزعة على كامل الجسم مع منح اهتمام خاص بالتمارين التي تحرك عضلات البطن والخصر. وإذا صادفت إعلانات عن أي أجهزة أو مستحضرات تقدم وعودا بإحراق دهون منطقة محددة في جسمك فاعلم أنها اعلانات تنطوي على احتيال وتدليس لأغراض تجارية لا أكثر، إذ إن مسألة إحراق الدهون هي عملية شاملة تتكامل فيها مجموعة من العوامل بما في ذلك العامل النفسي. وبشكل عام، يستحسن ألا تهتم اساسا بإعلانات مستحضرات وخلطات إحراق الدهون، فهي ليست سوى دعايات ليس لها اي هدف سوى جني الأرباح من جيوب الناس. 5 صغيرة... أفضل من 3 كبيرة عوضا عن أن تتناول 3 وجبات كبيرة على مدار يومك، من الأفضل أن توزعها بحيث تكون 5 وجبات صحية صغيرة على النحو التالي: وجبة إفطار خفيفة، ثم وجبة خفيفة في منتصف الصباح، ثم جبة غداء خفيفة، ثم وجبة خفيفة بين العصر والمغرب، ثم تختتم بوجبة عشاء متوازنة قبل موعد النوم بساعتين على الأقل. وتتميز هذه الطريقة بكونها تساعد على التخلص من الدهون الزائدة من دون الحاجة إلى تضحية كبيرة أو التضور جوعا. لكن من المهم أن تضع جدولا زمنيا منتظما للوجبات الخمسة بحيث يصبح ذلك الجدول نظاما غذائيا شبه ثابت. اكتب ملاحظاتك كي يبقى هدفك ماثلا نصب عينيك، احرص على تدوين ملاحظاتك في سجل أو دفتر خاص بحيث ترصد كل شيء يتعلق بالمهمة التي أنت بصددها، بما في ذلك المشاكل التي تواجهها والنجاحات التي تحققها. فهذا الأمر كفيل بالحفاظ على حافزيتك واستمراريتك حتى إذا كان تقدمك بطيئا نسبيا، ناهيك عن أن تلك الملاحظات يمكن أن تفيد كمرجع إذا راجعت اختصاصي تغذية أو طبيب تخسيس. تخلص من «هوس» الميزان صحيح أنه لا بد من استخدام الميزان لمعرفة كم فقدنا من أوزاننا، لكن من غير المفيد أن تحتفظ بميزان إلى جوارك طوال الوقت وترتقيه يوميا لتتابع كم نقص وزنك. فذلك «الهوس» بمتابعة الوزن يتحول عادة إلى عبء نفسي يجلب الشعور باليأس لا سيما أن كثيرين لا يدركون أن السبب الكامن وراء كون أوزانهم لا تقل بشكل ملموس هو أن جزءا كبيرا من دهونهم يتحول إلى عضلات. لذا فإن النصيحة الأنسب هي أن تتجاهل الميزان ولا تستخدمه إلا على فترات متباعدة نسبيا، أي بمعدل مرة كل أسبوعين تقريبا لتكتشف كم خسرت من الوزن مع مراعة أن جزءا من الدهون قد أصبح عضلات. اقرأ المكونات الغذائية عند الذهاب للتسوق، يجب أن تحرص على قراءة بيانات المكونات والمعلومات الغذائية المدونة على علب الأطعمة والعصائر قبل أن تشتريها. فكثير من تلك الأطعمة والمشروبات قد تحوي نسبا عالية من السعرات الحرارية والاضافات الغذائية والمواد الحافظة التي تتسبب في تراكم الدهون الزائدة. استشر متخصصين على طريق للتخلص من دهون البطن والخصر، من المهم الاستعانة بمتخصصين – وليس بهواة أو بممارسين - في مجالات الطب والتغذية والتمارين الرياضية. وقبل البدء في أي ريجيم صحي يهدف إلى إحراق الدهون، من الأنسب أن تستشير طبيبك، ولا سيما إذا كنت مصابا بأي مرض مزمن، بما في ذلك أمراض السكري والقلب وضغط الدم، أو أي اضطرابات في الجهاز الهضمي. استعض عن الحلويات يعاني معظم أصحاب دهون البطن والخصر من مشكلة عدم القدرة على الاستغناء عن تناول الحلويات. وعادة، يقف ذلك الإغراء عقبة في طريق إكمال مسيرة إحراق تلك الدهون. لكن الحل يكمن ببساطة في حيلة جيدة تتمثل في الاستعاضة عن الحلويات التقليدية ببدائل صحية ومغذية مثل التوت الطازج، والخوخ، والعصائر من دون سكر، والفواكه المجففة الخالية من الاضافات. فجميعها تمنح نفس اشباع الحلويات، وفي الوقت ذاته لا تحوي نفس الكم الهائل من السعرات الحرارية الزائدة الذي تحويه الحلويات. لا تتجاهل وجبة الإفطار يعتقد البعض أن تفويت وجة الإفطار يساعد على إحراق الدهون الزائدة، لكن حقيقة الأمر هي أن تخطي تلك وجبة هو أحد الأسباب الرئيسية لتراكم دهون البطن والخصر تحديدا. فعدم تناول وجبة الافطار بعد ساعات النوم الطويلة نسبيا يعطي الجسم اشارة توحي إليه بأنه قد بدأ «مجاعة»، وهو الأمر الذي يدفع الجسم غريزيا إلى خفض وتيرة عملية التمثيل الغذائي والتوقف عن إحراق السعرات الحرارية مع محاولة الاحتفاظ بالدهون كمخزون للطوارئ. لذلك يوصي جميع أطباء وخبراء التغذية بالمواظبة على تناول وجبة افطار خفيفة ومتكاملة غذائيا في إطار اي برنامج جمية يهدف إلى التخلص من الدهون الزائدة. ركز على «حارقات الدهون» ربما تستغرب إذا علمت أن هناك أغذية معينة تساعد الجسم على إحراق الدهون من خلال تحفيز وتنشيط عملية التمثيل الغذائي. ومن أهم تلك الأغذية: الأرز البني، والحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه الطبيعية الطازجة، والحليب منزوع الدسم، ولحوم الدواجن قليلة الدسم، واللحوم الحمراء، والأسماك، والبيض، والتوابل، والأعشاب الطبية، والشاي الأخضر. تناول طعامك ببطء يلعب تناول الطعام ببطء مع مضغه جيدا دورا مهما في تسهيل عملية حرق السعرات الحرارية وبالتالي في منع تراكم الدهون أساسا، إذ إنه يمنع الافراط في كميات الطعام وتسريع الشعور بالشبع إلى جانب تحسين أداء الجهاز الهضمي. ولأن المخ يحتاج عادة إلى 20 دقيقة على الأقل قبل أن يعطي إشارة الشبع والامتلاء، فإنك ستشعر بالشبع إذا مضغت جيدا ولم تبتلع كمية كبيرة من الطعام خلال هذه المدة الزمنية تحديدا، وستكون النتيجة النهائية هي عدم تراكم الدهون. خذ كفايتك من النوم قد يبدو الأمر غريبا، لكن الحقيقة هي أن النوم يلعب دورا مهما في إحراق الدهون الزائدة في الجسم. فبحثيا، اتضح أن قلة النوم هي من أهم العوامل المسببة للسمنة وزيادة الوزن، كما أن النوم الكافي بمعدل 7 إلى 8 ساعات كل ليلة يسهم في تنظيم آلية التمثيل الغذائي في الجسم بما يسمح بإحراق الدهون الزائدة عن حاجة الجسم. اطرد التوتر من المهم ايضا أن تطرد التوتر النفسي من حياتك قدر استطاعتك. فلقد اتضح من خلال نتائج أبحاث أن التوتر النفسي هو أحد مسببات تراكم الدهون في الجسم. والواقع أن هذا الأمر ليس مرتبطا فقط بأننا نميل إلى الإكثار من تناول الطعام عند الشعور بالتوتر، بل مرتبط ايضا بكون التوترات والضغوط النفسية والعصبية تدفع الجسم إلى الإفراط في إفراز هورمونات معينة تؤثر بشكل سلبي على عملية منظومة التمثيل الغذائي بما ينعكس بدوره على إحداث اضطراب يفتح الباب أمام تراكم السعرات الغذائية وتحولها إلى دهون.
مشاركة :