بعد سيطرة النظام وأعداء الثورات على معظم المناطق السورية ماذا بقي من الثورة؟ سؤال مشروع، وقد يطرحه البعض على أنفسهم قبل أن يناقشوه فيما بينهم، والجواب بسيط وبديهي على كل مشكك بأنّ الثورة قد انتهت وولّى عهدها. بدأت الانتفاضة السورية وكانت سوريا بالكامل تحت سيطرة النظام المجرم، وحين كانت المظاهرات في أوجها، وكان الحاضنة الشعبية في ازدياد، كانت فكرة حماية المظاهرات مقبولة نوعاً ما لدى معظم السوريين، إلى أن بدأت قصة التحرير المزعوم والمناطق المحررة، والهيئات المدنية والمنطقة الآمنة فيها. وهي أكبر كذبة وخدعة أراد العالم من خلالها ليس فقط القضاء على الثورة وحسب، بل تدمير سوريا وبنيتها التحتية. استفاد الأسد ونظامه من كل ذلك، وراح يصدّر الخونة والمنافقين عن طريق الانشقاقات المزيفة، وخريجي العفو العام، من عدرا إلى صيدنايا؛ ليصل هؤلاء المجرمون إلى قياداتها ويعيثوا فساداً فيها، من متطرفين علمانيين وإسلاميين بشعارات وأجندات لا تمتّ للثورة بصلة. وكان للدول الداعمة للثورة الصلة المباشرة بكل ذلك، وكان الكثير من الثوار ضحية تلك الوعود الزائفة والكاذبة، حتى بات الاتكال عليها كلياً، وهو الخطأ الفادح الذي وقعنا به ونتحمل مسؤوليته جميعاً. أما اليوم وقد باتت المناطق السورية تحت سيطرة وحوش العسكر، لم يبقَ لنا حول ولا قوة إلا بهذه الأمور: - الصمود وتحدي كل أشكال الظلم والقهر من كافة الأطراف المسيطرة. - المظاهرات السلمية الحاشدة والمطالبة بالرجوع إلى أهداف الثورة الأولى. - العمليات النوعية في قلب المناطق المحتلة وهز أركان الطغمة الحاكمة. - تكثيف جهود السوريين في المغترب ودول اللجوء واستمرار أنشطتهم السلمية والاحتجاجية لتشكيل ضغط كبير ضد كل مَن يحاول حرف مسار الثورة السورية، ورفض كل أشكال دعم التطرف والانفصاليين في سوريا. تبدو هذه الخيارات الوحيدة للسوريين في الداخل والخارج، وعلينا العمل عليها جميعاً، ومَن يشكك في ذلك ويقول إن الثورة انتهت، فليعُد إلى أحضان النظام، أو يتبرأ من الثورة ومؤسساتها فهو أكبر عدو لها، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الصبر والثبات على مطالبنا وحرّيتنا المسلوبة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :