بريطانيا تدخل مخاض التراجع عن الطلاق الأوروبي بقلم: سلام سرحان

  • 9/4/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حزب العمال البريطاني المعارض وأشعلت الجدل بشأن انحسار زخم البريكست في الساحة السياسية والشعبية البريطانية. وبدأت أصوات من داخل حزب المحافظين الذي تتزعمه تيريزا ماي تكشف عن تحفظها على الانفصال. ويقول محللون إن استدارة الحكومة البريطانية بدرجة 180 درجة وتراجعها عن الانفصال أمر ممكن في نهاية المطاف، وهو ما تنبأ به الكثير من المسؤولين الأوروبيين وخاصة دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي. لكنهم يقولون إن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتهيئة الرأي العام لمثل هذا الانقلاب، الذي بدأت بوادره في الانتخابات العامة في يونيو حين خسر حزب المحافظين أغلبيته في البرلمان وبدأت بعض الأصوات مثل وزير الخزانة فيليب هاموند تطالب بفترة انتقالية وتحذر من تداعيات الخروج من السوق الأوروبية الموحدة. وبادرت الاتحادات الممثلة للمصارف والمؤسسات المالية في حي المال في لندن وهو الأكبر في العالم بلا منازع، بتقديم اقتراحات للاحتفاظ بالجواز المالي الذي يسمح لها بالتعامل داخل الاتحاد الأوروبي كي لا تضطر لنقل عملياتها إلى داخل أوروبا وما يترتب عليه من تكاليف باهظة. وحدث الزلزال الأكبر حين تمكن معارضو الانفصال في حزب العمال المعارض من إقناع زعيم الحزب جيرمي كوربن المشكك بالاتحاد الأوروبي، بتغيير موقفه والإعلان بأن الحزب أصبح يريد بقاء المملكة المتحدة في السوق الموحدة الأوروبية لفترة انتقالية بعد البريكست. ويرى مراقبون أن ذلك الموقف يمثل مجرد البداية وأنه يمكن أن يتحول في نهاية المطاف إلى المطالبة بعد الخروج من السوق الأوروبية، فيما دعا مصدر حكومي الاتحاد الاوروبي إلى “عدم المماطلة” في مفاوضات الخروج. وكتب كير ستارمر مسؤول عملية بريكست في حزب العمال، في مقالة نشرتها صحيفة الأوبزرفر إن حزب العمال كان سيسعى لو كان في الحكم “إلى اتفاق انتقالي يحافظ على الشـروط الأسـاسية نفسهـا التي نستفيـد منهـا في الوقت الراهن في إطار الاتحاد الأوروبي”. وأضاف أن “ذلك يعني أننا سنسعى للبقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي وداخل السوق الموحدة خلال تلك الفترة… وأننا سنحترم قواعد” هذين الكيانين، ما يعني استمرار العمل بحرية تنقل الأفراد والبضائع خلال هذه الفترة الانتقالية. ويأتي اتساع الجدل بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وأعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أن المفاوضات لم تتح إحراز “أيّ تقدّم حاسم حول القضايا الرئيسية”. وسرعان ما امتدت التصدعات إلى داخل حزب المحافظين، وتحدثت الصحف عن أن عددا كبيرا من نواب الحزب يمكن أن يصوتوا ضد أي مقترح من قبل رئيسة الوزراء بشأن الانفصال التام والقاسي عن الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن يأتي شرارة انقلاب بريطانيا على البريكست من داخل الاتحاد الأوروبي بعد أن أيّدت ألمانيا جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإصلاح قوانين العمل الأوروبية من أجل الحد من إغراءات انتقال العمال من شرق أوروبا إلى غربها.مارتن فانسلبن: الشركات الألمانية في بريطانيا قلقة للغاية من الآثار السلبية الكبيرة للبريكست وتتيح قواعد حركة العمالة في الاتحاد الأوروبي حاليا إمكانية انتقال الأشخاص للعمل من دولة إلى أخرى في نطاق الاتحاد الأوروبي دون أي قيود. وتسعى مقترحات ماكرون لمكافحة إغراق الأجور في دول الاتحاد الأوروبي من خلال وضع تشريعات تزيل الإغراءات والحوافز التي تدفع العمال للانتقال من بلدان شرق أوروبا إلى بلدان غرب أوروبا مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا للحصول على أجور أعلى. وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل وهو نائب المستشارة الألمانية، عقب لقائه ماكرون في باريس الأسبوع الماضي إنه يتعيّن على دول الاتحاد الأوروبي أن تصبح أكثر عدلا. وأكد أن ألمانيا “تدعم أيضا بشدة مقترح الإصلاح الفرنسي بشأن قواعد انتقال العمالة داخل الاتحاد الأوروبي”. ومن المتوقع أن يؤدي تقليص إغراءات انتقال العمال إلى تعمّق الجدل في بريطانيا وإطفاء هواجس مؤيدي البريكست من تبعات الهجرة الكثيفة إلى بريطانيا وخفض قاعدة مؤدي الانفصال. ويمكن أن يتصدع جدار البريكست بشكل أكبر مع تكشف المزيد من تفاصيل الثمن الباهظ للانفصال، بعد أن اتسعت موجة إعلان الشركات والمصارف عن خططها لما بعد الانفصال. ففي الأسبوع الماضي أكد اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية أن كثيرا من الشركات الألمانية بدأت في نقل استثماراتها من بريطانيا توقعا لزيادة العراقيل التجارية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وقال مارتن فانسلبن الرئيس التنفيذي للاتحاد “الشركات قلقة للغاية من أن يكون للبريكست تأثير سلبي كبير” قد يتمخض عن مزيد من البيروقراطية وزيادة فترات الانتظار وتشديد القيود على الحدود بما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف. وكانت الحكومة اليابانية قد أشارت منذ العام الماضي إلى أن الشركات اليابانية في بريطانيا التي يصل عددها إلى ألف شركة وتستثمر نحو 40 مليار دولار يمكن أن تغادر البلاد إذا خرجت من السوق الأوروبية المشتركة.

مشاركة :