عادت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس ليوم 29 يوليو/تموز الماضي بمناسبة عيد العرش، عندما تطرّق في جزء منه إلى احتجاجات الريف، إذ قالت إن "إشادة الملك اللامشروطة بقوات الأمن، رغم الادعاءات ضدها، ستؤدي فقط إلى تكريس الاعتقاد بأن من يسيء إلى المحتجزين لن يواجه أي عواقب". وطالبت المنظمة، اليوم الثلاثاء، من مقرها في تونس، ملك المغرب بـ"الضغط لإجراء تحقيقات فعّالة في مزاعم تعذيب الشرطة المغربية لمتظاهري حراك الريف"، لافتة أن خطاب العاهل المغربي "تجاهل تقارير لأطباء شرعيين فحصوا مجموعة من المحتجزين الذين أوقفوا بسبب مظاهرات الريف، ووجدوا إصابات قالوا إنها متطابقة مع شهادات المحتجزين على عنف الشرطة"، وعادت المنظمة إلى تقرير مسرب من طبيبين كلفهما المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية)، بالتحقيق في مزاعم تعذيب عدد من معتقلي الريف، وقد أورد التقرير أن عددا من شهادات الموقوفين بشأن تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة خلال التوقيف والاعتقال في مراكز الأمن بالحسيمة "لديها مصداقية عموما بالنظر لانسجامها وتماسكها ووجود أعراض جسدية ونفسية"، كما أبرز أن هناك احتمالا، في عدد من الحالات، لـ"خرق الضمانات الدستورية والقانونية التي يفترض أن يتمتع بها الموقوفون". ويوجد وراء القضبان، حسب معلومات هيومن رايتش ووتش، 216 ناشطا من الريف، بينهم 47 في سجن عكاشة بالدار البيضاء، على ذمة المحاكمة، و169 آخرين في سجن الحسيمة بمنطقة الريف، وقد أدين بعضهم، وينتظر بعضهم الآخر المحاكمة أو استئناف الأحكام. وعادت المنظمة إلى الفصل 22 من الدستور المغربي الذي يؤكد أن "ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون"، كما أشارت أنه بموجب المسطرة الجنائية المغربية، "لا يُسمح بقبول أقوال تعدها الشرطة كأدلة إذا كانت قد انتُزعت بالإكراه أو العنف"، غير أنه في الواقع، "عادة ما تقبل المحاكم اعترافات مشكوك في صحتها، وتبني أحكامها عليها، دون فتح تحقيقات في مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة". وعلّقت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة: "قال الملك محمد السادس في عيد العرش إن من حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم. ألن يكون المغاربة أكثر افتخارا إذا فُتحت تحقيقات جادة في ادعاءات انتهاكات الشرطة، وإذا رفضت المحاكم الإدانة بناء على اعترافات مشبوهة؟". وبدأت المظاهرات في منطقة الريف شمال المغرب بعد مقتل بائع سمك في شاحنة نفايات نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، وطالب المحتجون بتنمية أكبر للمنطقة، كما قدمت السلطات وعودا بالاستجابة لجلّ المطالب، قبل أن تأخذ الأحداث منحى آخر نهاية ماي/أيار المنصرم إثر مباشرة حملة اعتقالات واسعة، وقد وُجهت لعدد من المعتقلين تهمًا متعددة منها إهانة القوات العمومية وتلقي تمويلات أجنبية بغرض زعزعة ولاء المواطنين للدولة. وكان الملك محمد السادس قد قال في خطاب العرش إن القوات العمومية قد وجدت نفسها في الحسيمة وجها لوجه مع الساكنة نتيجة عدم قيام الأحزاب بدورها، مشيدا بعمل الأجهزة الأمنية بالقول إن عناصرها "يقدمون تضحيات كبيرة"، منتقدا كذلك أفكارا ترّوج بوجود مقاربة أمنية، إذ أشار إلى أن المغرب ملتزم بتوجه واحد هو "تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم"، وأنه "من واجب المغاربة الافتخار بأمنهم". ولم يصدر أيّ تعليق من المغرب حول البيان الجديد لهيومن رايتس ووتش.
مشاركة :