في 23 مارس 1983 أعلن الرئيس ريجان في خطاب مبادرة الدفاع الاستراتيجي (حرب النجوم) لاستخدام النظم الفضائية لحماية أميركا من هجوم بالصواريخ الباليستية النووية السوفييتية، فانهار الاتحاد السوفيتي لعدم قدرته على مجاراة النظام المزمع إنشاؤه، رغم أن المشروع لم يكن قد تم. وقبل أسبوعين واصل ترمب تغريده «بغضب» ضد بيونج يانج على موقع «تويتر»، فأطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً فوق اليابان، رداً على حزم ترمب اللفظي. وإذا كانت النزعة الفوضوية في الدوائر السياسية في واشنطن قد طغت، فالأمر لم يكن كذلك لدى المراقبين العسكريين ومراكز الابحاث الاستراتيجية، حيث يتفقون أن الصاروخ الكوري قد تحدى ترمب، وكسر حاجز الردع الأميركي، وفشل واشنطن ستكون له كلفة باهظة سياسياً ودبلوماسياً، حيث لم يتعد دفاعها عن اليابان -التي مر الصاروخ فوقها- سوى ببثّ رسالة من القمر الصناعي الأميركي لليابانيين بالاحتماء في الملاجئ. فلماذا لم تعترض وتسقط واشنطن الصاروخ! لم تُجب قيادة القوات الأميركية بوضوح، واكتفت ببيان مقتضب كبيانات وسائل الإعلام العسكرية العربية، وفيه «قررنا أن الصاروخ المنطلق من كوريا الشمالية لم يشكل تهديداً (لأراضي) أميركا الشمالية»، مما دفع ببعض المراقبين للتشكيك في الجاهزية العسكرية الأميركية، مستشهدين بقول رئيس الأركان الأميركي في 22 يونيو 2017: «لم نصل لمرحلة التيقّن من القدرة على اعتراض الصواريخ»، بل إن البنتاجون صرح بالقلق من حجم التكلفة الباهظة لبرنامج الدفاع الصاروخي الأميركي البالغة 40 مليار دولار»، دون نتائج مُرضية. وجدوى نظم الدفاع الصاروخي الأميركي الذي كان مصدر التهديد فيه إيران في عصر بوش وأوباما، كما أن من مسببات القلق قصور الرصد الأميركي عن معرفة إن كان الصاروخ الكوري متوسط المدى «IRBM»، أو بعيد المدى عابراً للقارات «ICBM»!! والأهم كشف الحدث مواطن ضعف عقيدة سلاح البحرية الأميركية، ومهامها خارج أميركا. أما المراقب الخليجي فأزعجه تدني منسوب القلق لدى صانع القرار السياسي الخليجي حيال الصاروخ الكوري الشمالي، وتفشي مناخ تحدي أميركا وكسر حاجز الردع. فإيران بعد الاتفاق النووي غير إيران قبله، حيث علّق القيادي في الحرس الثوري مجتبى ذو النور: إن شرط طهران للقبول بالاتفاق النووي كان إغلاق ملفها العسكري، ورفض المطالب الأميركية بتفتيش مواقع صواريخها الباليستية. بالعجمي الفصيح الغاية من هذه القصدية العالية في إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي ليس إثارة إعجاب الشعب هناك بزعيمه الذي يتحدى العالم، بل لأن بيونج يانج تخاف من واشنطن، ولا سبيل للحفاظ على نظامها السياسي إلا بالاعتراف بكوريا الشمالية كقوة نووية. ومثلها طهران.; —————————————————————————- دكتور ظافر محمد العجمى
مشاركة :