من الاعتقادات المغرقة في عدم الإنصاف القول إن جوزيف ناي قد صاغ مفهوم القوة الناعمة «Soft power». والذي يضاده مفهوم القوة الصلبة»Hard power «، الذي تبناه بوش الابن فدمر العراق وأفغانستان، وخرج من كلا البلدين وكأن غزواته إثبات لفشل القوة الصلبة لوحدها في العلاقات الدولية. ثم جاء الرئيس أوباما لينخرط في تنفيذ القوة الناعمة بإفراط معيب، وكأنه أراد إثبات عدم جدواها منفردة أيضاً. وقد ساعد تعامله مع سوريا وإيران وكوريا الشمالية في تكريس هذه الصورة. فقد عرفت الكويت القدرة على الجذب دون الإكراه منذ 1958 حين أصدرت مجلة العربي التي وزعت بسعر رمزي في كل العالم العربي، كمجلة شهرية ثقافية عربية مصورة، ومعها العربي الصغير، حيث سوقت اسم الكويت بصورة إيجابية في كل قرية عربية نائية. لدسامتها، ورشاقة محتواها، حيث كتب فيها أبرز الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين العرب. وحين توقفت بسبب الغزو العراقي سبعة أشهر، تحرك كل متابع للعربي يطالب بتحرير الكويت. كما كان من أذرع القوة الناعمة الكويتية وفي نفس الفترة الزمنية، ذراع الهيئة العامة للخليج والجنوب العربي كأول مؤسسة تنموية في الشرق الأوسط، وأصبحت الكويت بها رائدة للعمل التنموي على المستوى الدولي بأسره، فقد أقيم من صندوق الهيئة التي رأسها أحمد السقاف وتتبع وزارة الخارجية عشرات المدارس والكليات والمراكز الصحية. كما كان هناك رجال بحجم مؤسسات منهم عبد الرحمن حمود السميط مؤسس جمعية العون المباشر، ولجنة مسلمي إفريقيا أكبر منظمة عربية إسلامية عاملة في إفريقيا، كما أسس جمعية الأطباء المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت، واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة، وهو عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضو في جمعية النجاة الخيرية الكويتية. وباسم الكويت تم إنقاذ أكثر من 320 ألف مسلم من الجوع والموت في السودان وموزمبيق وكينيا والصومال وجيبوتي خلال مجاعة 1984، وأسلم على يديه 11 مليون شخص في إفريقيا، وخلال ربع قرن في إفريقيا لم يأت للكويت إلا للعلاج. أما عبد العزيز البابطين فقد سخر جهده وماله عبر مجموعة البابطين للإبداع الشعري لدعم ونشر الثقافة العربية في مجالات الأدب والثقافة والتعليم، في العديد من الدول والمحافل الثقافية والفكرية العربية والدولية. بالعجمي الفصيح لكل دول مساحة تحددها الخرائط، لكن هناك ما يعرف بالمجال الحيوي، وهو مساحة الدولة الجغرافية «اللائقة بها» ولغياب القوة العسكرية والأساطيل الضخمة تصبح القوة الناعمة الأداة المناسبة لدول الخليج لتخلق لها مجالاً حيوياً، وحتى تكون لاعباً مهماً في العلاقات الإقليمية والدولية وليس مشاهداً للأحداث.; ————————————————————————————————————————– د.ظافر محمد العجمي
مشاركة :