طائفية - مقالات

  • 9/7/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا تعني الطائفية لغوياً؟ وماذا تعني عملياً؟ طاف يطوف طواف طائف، أي تحرك الجزء من الكل من دون أن ينفصل عنه. تتعالى الطائفة على الهوية والانتماء لأي شيء آخر وتتقاطع معها. وفي معجم اكسفورد، الطائفي: يعني الذي يتبع بشكل عمياني متعنت طائفة معينة، والطائفية تُسبب التمييز في العمل والدخل. يولد الإنسان بتقدير من رب العالمين، إما في أسرة مسلمة سنية أو شيعية أو غيرها، وللعلم المذاهب الإسلامية تزيد على ثمانية. أو يولد في أسرة مسيحية، وللعلم كذلك الفرق المسيحية تزيد على ثمانية. أو يولد في أسرة بوذية أو هندوسية أو يهودية أو غيرها، ويعيش الفرد ضمن مجتمع له أعرافه وقوانينه، ولكن بمجرد أن يتحول المجتمع إلى طائفي حتى تبدأ الكراهية تتغلغل في نفسه تجاه كل من ينتمي إلى الدين أو الطائفة الأخرى، وتؤدي إلى تعرض أي فرد للقتل بمجرد الهوية التي تثبت الانتماء إلى الطائفة الأخرى. والطائفي هو الذي يرفض الطوائف الأخرى، ويغمط حقوقها، تعاليا عليها، وتجاهلا لها، وتعصبا ضدها. ومن الطبيعي أن من حق كل إنسان الانتماء إلى دين أو مذهب أو طائفة، لكن بشرط ألا يدعو هذا الانتماء إلى الأذى والإجرام بحق الآخرين. الطائفية تجعل الفرد مؤهلا للحصول على وظيفة وسكن ودخل وتسهيلات بسبب انتمائه إلى الطائفة المرضي عليها والمفضلة لدى قوى السلطة المهيمنة. فهل أصبح هذا وضع الحال في أغلب الأقطار العربية؟ عندما يحدث مكروه لفرد من طائفة دون الأخرى، فإن طائفته تصدق كل ما يقال عن أسباب ما أصابه، في حين أن الطائفة الأخرى تكذب كل شيء. عندما يصبح البكاء والحزن على فقدان فرد من طائفة بهجة وفرح عند الطائفة الأخرى، وعندما تصبح آلام الضعفاء ألعوبة بيد الأقوياء. عندما يصبح الفرد من الطائفة لا يطيق أن يكون زميله في العمل من الطائفة الأخرى. عندما يصبح الطالب في المدرسة من طائفة معينة يتقاتل يوميا على أتفه الأمور مع رفيقه الطالب من الطائفة الأخرى. عندما يصبح الجميع -المثقف والجاهل- من طائفة معينة يصدقون كل ما يقال لهم عن الطائفة الأخرى ويحملونها وزر جميع الخطايا. عندما يلتقي شخص من طائفة معينة إنسان يعرفه لكنه يصد عنه ويقاطعه ولا ينبس حتى بالسلام لأنه من الطائفة الأخرى. عندما يتعرف الشخص على شخص آخر ويسترسل في الحديث معه، وفي اليوم التالي يلتقي به، فإذا بمن تحدث معه بالأمس يُعرض عنه بسبب تشويه سمعة الشخص الأول وإعطاء فكرة خاطئة عنه للشخص الثاني من قبل شخص ثالث ويكفي أنه قال عنه: «انه منهم»، ويعني بذلك أن موقفه مع تلك الطائفة ضد الأخرى. عندما كل طائفة تهدر دم أفراد الطائفة الأخرى بلا ذنب سوى إنهم من تلك الطائفة. عندما تصبح قيمة الإنسان لا تساوي نكلة، وعندما يصبح سفك الدم لطائفة كما الماء، عندما يسيل الدم من طائفة فتهلل الطائفة الأخرى فرحا، عندما يصبح العنف سيد الموقف في كل حين، عندما لا يتحمل الشخص من طائفة معينة كلمة أي فرد من الطائفة الأخرى، عندما ترقص الطائفة على دماء أبناء الطائفة الأخرى، وتطرب على صرخات والآلام الطائفة الأخرى، عندما يكون الاسم جريمة، عندما يكون الانتماء لمذهب معين جريمة، عندما يكون الملبس جريمة، عندما تكون منطقة السكن تهمة، عندما يُقتل الفرد على الهوية، عندما تصبح كل طائفة لا تود أن يعيش بينها أفراد من الطائفة الأخرى وتتمنى رحيلها إلى كوكب آخر، بل تتمنى الطائفة إبادة الطائفة الأخرى من على وجه البسيطة! آنذاك ستكون لكل طائفة مدارسها الخاصة وبيوتها الخاصة ومنطقة سكنها الخاصة، ويُحرم على طائفة أن تسكن في منطقة الأخرى أو تتعلم في مدارس الطائفة الأخرى أو تعمل في أماكن عمل الطائفة الأخرى، فالأطباء من طائفة ما لا تعالج إلا المرضى من الطائفة نفسها، والمعلمون لا يعلمون إلا طلبة الطائفة نفسها، وتصبح بعض مؤسسات العمل حكرا على طائفة معينة. آنذاك نقول، ما رأيكم لو انشأتم وزارات خاصة تخدم طائفة معينة لا غير؟ ما رأيكم لو انشأتم أقساما في المؤسسات الحكومية والخاصة، كل قسم يخدم طائفة معينة، بحيث يتم ضمان ألا تحتك أي طائفة بالأخرى ولا يرى أي فرد احد من الطائفة الأخرى؟ تصبح لهم شوارعهم ومواصلاتهم الخاصة ومدنهم وقراهم الخاصة ومدارسهم الخاصة وبيوتهم الخاصة وأشغالهم الخاصة، وأي طرف يجرؤ على كسر القاعدة يصبح خائنا في نظر الطائفة الأخرى! فهل وصلت شعوب بعض أقطار الوطن العربي إلى هذا الحال والمآل؟ مرحى مرحى! aalsaalaam@gmail.com

مشاركة :