تغريد البقشي: المشهد التشكيلي «فوضوي»

  • 9/7/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

للوحات التشكيلية السعودية هوية خاصة، يكفي أن تلمح لوحة تظهر فيها شخصيات مجسمة بشكل طولي، لتعرف أنها لتغريد البقشي، التي ترى بأن "كاركتر" لوحاتها دفع البعض لمحاكاة هويتها الفنية المستلهمة من الأرض (نخيل الأحساء). معتبرة أنها صنعت مدرسة فنية خاصة بها, البقشي التي انطلقت في عالم الفن التشكيلي عام 1999، لتقيم معرضها الأول عام 2001، تلاه العديد من المعارض الشخصية بدءاً من مدن المملكة وصولا إلى عواصم أوروبا والعالم، حاصدةً العديد من الجوائز المحلية والعربية. وحول قضايا تمس جوانب من تجربتها الفنية، بعد معرضها الأخير (خمس تقاطعات)، ورأيها في ما يحدث في الساحة التشكيلية، جاء هذا الحديث معها: يبدو أن المشهد التشكيلي لدينا صار كثيفا ومتداخلا ومتبدلا في آن, كيف تنظرين لهذا المشهد؟ ألاحظ كما ذكرت أن ثمة كثافة غير طبيعية لمرتادي هذا الفن التشكيلي. في السابق كنا نبحث عن هؤلاء. الآن، صار العدد كبيرا جدا خصوصا في الأحساء. عندما بدأت لم يكن هنالك أحد، كنت أبحث عن فنانين للتواصل معهم، كان ذلك يحدث بصعوبة. اللوحات الجدارية عالم قائم بذاته بخصوص الأعداد المتزايدة، ربما الأمر لا يقتصر على الأحساء وإنما في عموم المملكة؟ أجل، بشكل عام، هنالك أعداد متزايدة من مرتادي الفن التشكيلي. أي من أولئك الذين يريدون أن يطلق عليهم وصف "فنان". لكنهم لا يعرفون ما الوسائل والطرق للوصول إلى الفن. كل هؤلاء متشابه. ويستخدم أسلوبا واحدا هو الرسم والنقل من الصورة. هذا يعتبر نوعا من الدخول لعالم الفن التشكيلي ولكني أعتبره، مثل الفخ، من يدخل منه، صعبٌ أن يخرج. لأنه يصبح مقيدا داخل حدود هذه الصورة. في حين ما نريده هو ابتكار لوحة وليس النقل. إذاً ربما لديهم مشكلة في فهم الفن نفسه؟ نعم. هناك من لديه القدرة على الرسم والنقل, ولكن ليس إبداع لوحة تشكيلية تمثل الفنان نفسه. كأن نعرف فنانا ما من لوحته، هذا لا يوجد!, أو أن نجد فكرة مبتكرة أو مستلهمة من الفنون الحديثة. لكن أعتقد أن مسألة أن يبتكر الفنان ويحصل على هوية خاصة للوحته، أمرٌ يحتاج لتجربة ووقت؟ أعتقد أن على الفنان نفسه أن يقرر إذا كان يريد أن يكون هو أو أن يكون كالآخرين. بأن يقرر أن يكون لديه رسالة وهدف، وأن يتجلى ذلك بشكل واضح في أعماله، عندها سوف يتمكن من انتاج لوحته الخاصة. المشهد بشكل عام متشعب لكن فيه فوضى وفوضى شديدة وغير موجهة, لدرجة أن كلما ذهبت إلى معرض وجدت أن طريقة العرض سيئة وطريقة تقديم الفنان سيئة جداً، حتى الامكانات الموجودة في هذه المهرجانات و"البازارات" لا تقدم للفنان المبتدىء الشيء الذي يحتاجه. تقصدين المعارض التشكيلية التي تقام على هوامش المهرجانات الصيفية؟ بالطبع, لأن ليس هنالك صالات ولا جهات ترعى هذه المجاميع، وتدعمها. لذلك يلجأ الفنان المتبدئ إلى أي شيء، المهم أن يعرض لوحاته. أي الأكثر في التواجد، التشكيليات أم التشكيليون؟ الاثنان.. كلاهما يريد أن يكون موجوداً. هذا التواجد، جميل سواء كان للذكور أو للإناث. والفن لا يخدم جنسا بل يخدم أفكاراً. على ذكر "التواجد"، هل تعاطي الفنان مع الفن هو حقا مسألة "تحقيق وجود" فقط؟! الفن ليس تحقيق وجود. الفن عليه أن يضع في داخله أهدافا. أولاً الفن رسالة, رسالة نشر الوعي. وضمن هذا الفعل يتكون (يتحقق) ذلك الوجود، وجود الفنان. الفن رسالة عالمية، هذا يستوجب أن أشرك جميع الجهات الموجودة حولي، لا أن أكون فردانية وبنفسي فقط. هل الفن حقا رسالة أو هو شيء آخر؟ أي فعل لدى الإنسان موجه للعالم هو رسالة. عندما يكون الأمر بداخلك، هذا شأنك، ولكن عندما تقرر تخرج هذا الفعل ووفق صيغة فنية (رسما كان أو شعراً..الخ)، فهذه رسالة. كل عمل، يتضمن فكرا وحديثا موجها لشريحة من الناس هو رسالة , ولابد أن يكون محملا بالقيم والمعاني. معرضك الأخير (خمس تقاطعات) احتوى على جداريات بالكامل. لو تحدثيني عن هذه التجربة ومسألة التعاطي مع اللوحات الجدارية مقارنة باللوحات الصغيرة؟ فقط دعني أنوه بداية، إلى أن الحجم لا يقاس بنسبة الوقت. بعض اللوحات الصغيرة، تستهلك وقتا أطول من اللوحة الجدارية. المسألة متعلقة بالروح. لهذا السبب، عندما تمرّ من أمام لوحة ما، تستوقفك. فنيا، اعتبر الجداريات عالما قائما بذاته داخل هذا القماش. وهذا العالم يمكن لك أن تضع فيه خلطة من روحك وعقلك ودمك وقلبك وذاتك. وهذا ينطبق على كل اللوحات، صغيرة أو كبيرة. ما يجذبني للأعمال الكبيرة، هو الحرية في حركة جميع أجزاء الجسد. الاندفاع والانفعال الجسدي والروحي والعقلي يكون بشكل مشترك.نعرف أن الشخصيات ذات التجسيم الطولي في لوحاتك مستلهمة من الأرض (النخيل والأحساء)، هل يمكن أن تبقي على هذه الهوية الفنية أم يمكن أن تجتازيها؟ عندما يقرر الفنان، أن تكون لديه هوية محددة، فهذا بالتأكيد متعلق بالأرض، والنخيل وحتى الهواء. القرار، سيكون ربما بالتطوير، بأن تكون في اللوحة، نفسها، عناصر متطورة متجددة متنوعة، بأن تدفعك عندما تراها للقول: أن هذه اللوحة لتغريد. وهنالك أيضا ذلك الشعور عندما ترى بأن أسلوبك انتقل لأشخاص آخرين, بناءً على عوامل دفعت هذا الفنان أو تلك لأن ينقل منها، أو يقلدها. هل تعتقدين أنك صنعتِ مدرسة تشكيلية؟ أعتقد ذلك من خلال ما نراه في أعمال الآخرين. الذين انتهجوا هذه المدرسة. لوحة "دركسيون", تتضمن الالتفات لما هو يومي على مستوى الموضوع، في حين يفترض بالعمل التشكيلي كي يبقى، أن يتجاوزه لما هو أهم؟ القضايا المجتمعية هي تاريخ، ما هو يومي يتحول مع الزمن إلى تاريخ. أنظر إلى اللوحات التشكيلية على أنها قضايا، هي ليست حدثا يوميا أو فكرة عابرة, أدخل أي متحف عالمي واتجه إلى اللوحات، عن ماذا كانت تتحدث؟ عن تاريخ ووقائع حقبة معينة. اللوحة تاريخ لحقبة زمنية لوحاتي مستلهمة من طبيعة الأحساء

مشاركة :