أصبح المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم يعاني في الوقت الراهن ندرة تهديفية مثيرة للقلق، قد تطيح بأحلامه في التأهل إلى بطولة كأس العالم 2018 بروسيا.وفي ظل غياب الدقة والقوة في التسديدات الأخيرة، لم يجد المنتخب الأرجنتيني بدا من قبول هدية نظيرة الفنزويلي بتسجيل الأخير هدفا بالخطأ في مرماه، ليقتنص تعادلا صعبا (1 - 1) في المباراة التي جمعت بينهما في المرحلة السادسة عشرة من تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة للمونديال.وشهدت هذه الجولة تقدم الأوروغواي للمركز الثاني بفوزها على مضيفتها الباراغواي 2 – 1، وتعادل البرازيل مع ضيفتها كولومبيا 1 - 1، وتعرض تشيلي لخسارة جديدة أمام بوليفيا صفر - 1، في حين سقطت الإكوادور أمام البيرو 1 - 2.وتتصدر البرازيل التي ضمنت أولى بطاقات التأهل المباشر الأربع، الترتيب برصيد 37 نقطة بفارق كبير أمام الأوروغواي (27 نقطة) وكولومبيا (26 نقطة)، وتأتي البيرو «المفاجأة» في المركز الرابع، ولها 24 نقطة بفارق الأهداف أمام الأرجنتين في المركز الخامس الذي يفرض على صاحبه خوض ملحق دولي مع نيوزيلندا بطلة اوقيانيا.وربما يكون المنتخب الأرجنتيني هو أكثر المتحسرين لضياع فرصة الفوز أمام أضعف فرق المجموعة، والغريب أن هذا الهدف العكسي هو الذي وضع نهاية لغياب المنتخب الأرجنتيني عن تسجيل الأهداف طوال 308 دقائق، رغم امتلاك هذا الفريق أفضل المهاجمين في العالم مثل ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني وباولو ديبالا مهاجم يوفنتوس وماورو ايكاردي هداف إنترميلان وهيغواين هداف يوفنتوس.ولا يزال المنتخب الأرجنتيني يحتل المركز الخامس في ترتيب التصفيات، التي لم يتبق منها إلا مرحلتان فقط يواجه خلالهما بيرو والإكوادور، في ظل صراع محموم بين المنتخبات التي تحتل المراكز من الثاني إلى الثامن بسبب فارق النقاط الضئيل بينهم والذي يصل إلى ست نقاط فقط.وبدأت الأرجنتين مباراتها أمام فنزويلا بكل قوة، وقدمت 25 دقيقة رائعة، كانت قادرة خلالها على تسجيل الكثير من الأهداف، لكن غياب الدقة أبعدت هذا الفريق مرة أخرى عن هز شباك المنافسين.ووصل المنتخب الأرجنتيني في الشوط الأول 11 مرة إلى مرمى فنزويلا في هجمات واعدة، قاد معظمها الثلاثي ميسي وديبالا وايكاردي، لكن دون أن يفلح في تسجيل أهداف في مرمى فريق خاض المباراة وليس لديه ما يخسره، بعد تأكد خروجه من سباق التأهل قبل فترة طويلة.وتأثر المنتخب الأرجنتيني كثيرا بخروج أنخيل دي ماريا، اللاعب الأبرز في الشوط الأول، مصابا في الدقيقة الـ24، ليظهر الفريق بشكل متراجع للغاية في الشوط الثاني.وندرة الأهداف هي مشكلة يعاني منها المنتخب الأرجنتيني منذ فترة طويلة، ولم يتمكن من التغلب عليها رغم تعاقب ثلاثة مدربين على قيادته فنيا خلال هذه التصفيات.وبدأت هذه الظاهرة تتجلى خلال عهد المدرب الأسبق خيراردو مارتينو، وتعمقت بشكل أكبر مع خلفه إدجاردو باوزا. وجاء خورخي سامباولي بعد ذلك، لكن حتى الآن لم يقدم حلولا ناجعة لهذه المشكلة، فقد خاض أولى مبارياته الرسمية مع الأرجنتين الأسبوع الماضي أمام الأوروغواي وقادها لتحقيق تعادل باهت بنتيجة 1 - 1، ثم تعادل مرة أخرى بالنتيجة نفسها مع منتخب فنزويلا المتواضع.وأثارت ندرة الأهداف قلق سامباولي منذ البداية؛ مما دفعه إلى إجراء بعض التغييرات وتعديل طريقة اللعب، لكن دون التخلي عن الاعتماد على ميسي محورا للهجوم.وكانت أول التغييرات التي أجراها سامباولي هو استبعاد المهاجم سيرخيو أغويرو ومن ورائه غونزالو هيغواين، اللذين تعرضا للانتقاد بسبب غياب فاعليتهما في المباريات الأخيرة، التي خاضاها بقميص المنتخب الأرجنتيني.واستدعى المدرب الأرجنتيني المهاجم الشاب باولو ديبالا، كما ضم إيكاردي أيضا، متغاضيا عن آراء من سبقوه في هذا اللاعب، الذي اتهم في الماضي بإقامة علاقة عاطفية مع زوجة لاعب آخر، لكنه في النهاية سجل 26 هدفا في الدوري الإيطالي في موسم 2017-2016، وهذا ما دفع سامباولي لضمه.وأثبت أفضل نجوم العالم في كرة القدم أنهم ليسوا ضمانة حقيقية للأرجنتين لتسجيل الأهداف ومن ثم تأهلها، وهي وصيفة المونديال الماضي، إلى روسيا 2018، الحلم الذي يواجه خطرا داهما في الوقت الحاضر.واعترف سامباولي بأن منتخبه بات يواجه موقفا معقدا للغاية في تصفيات المونديال، وقال: «الآن بالفعل نحن نواجه موقفا أكثر تعقيدا، كنا نرغب في أن نكون من بين المتأهلين المباشرين، لقد كان حلمنا، ولكننا حصدنا نقطتين من مباراتين كنا نحن الأفضل فيهما لأننا لم نتمكن من حسمهما».وأضاف: «فرّطنا في فرصة مهمة للغاية أمام فنزويلا»، حيث إنه يرى أن الفريق سنحت له «11 فرصة» للتسجيل في اللقاء، لكنه أخفق في ذلك.وواصل المدرب الأرجنتيني: «عدم القدرة على تحقيق الفوز رغم التفوق الكبير يثير الغضب... كنا نستحق الفوز ولن ننجرف لليأس وسننظر للمستقبل، سنستمر في كفاحنا، سنخطط بشكل كامل من أجل الفوز بالمباراتين القادمتين والتأهل».في المقابل أشاد رافايل دوداميل، المدير الفني لمنتخب فنزويلا بالثقة والشجاعة التي تحلى بها فريقه ليحقق لأول مرة في تاريخه التعادل مع المنتخب الأرجنتيني على ملعب الأخير.وقال دوداميل: «لقد تحلينا بالثقة والشجاعة أمام هذا المنافس القوى».وأشار دوداميل إلى أنه رغم الخبرة القليلة لمنتخب فنزويلا، الذي يتكون من عناصر شابة، نجح الفريق في إظهار «نضج كبير» وتمكن من إيجاد الصيغة المناسبة لتنفيذ خطته التي تؤكد بالتطور الذي يحدث في المنتخب.ويرى مدرب فنزويلا أن الأرجنتين ستتأهل إلى كأس العالم رغم أنها بعيدة حاليا عن المراكز المؤهلة بشكل مباشر؛ لأنها، على حد قوله، تمتلك المهارات والقدرات اللازمة لتحقيق هذا، وقال: «ليس من الطبيعي رؤية الأرجنتين في هذا الموقف، ولكنني أثق بأنها ستتأهل لأنها تمتلك المهارات والقدرات، إنها تحتاج الآن للاعبين الكبار ولمساندة الجماهير».على جانب آخر، خلفت الخسارة التي تعرض لها منتخب تشيلي أمام بوليفيا وهي الثانية على التوالي بعد الهزيمة القاسية على أرضه أمام الباراغواي في الجولة السابقة (صفر - 3)، إلى تراجعه للمركز السادس (23 نقطة).لكن الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي، المدير الفني لمنتخب تشيلي ما زال يتمسك بأمل التأهل للمونديال، وقال: «سنكافح حتى النهاية للتأهل».واعترف المدرب الأرجنتيني بأن فريقه افتقد لعنصر الدقة أمام المنتخب البوليفي للوصول إلى المرمى، لكنه أكد في الوقت نفسه أن تشيلي لا تزال تحتفظ بحظوظها في التأهل، وقال: «بوليفيا قامت بالضغط خلال الدقائق الـ20 الأولى، لكننا تمكنا بعد ذلك من تحسين التواصل فيما بيننا وأنهينا الشوط الأول بشكل جيد، ثم جاءت لعبة في غير صالحنا (عندما لمست الكرة يد لاعب تشيلي مارسيلو دياز) احتسبت ضدنا ركلة جزاء».ومن جانبه، أشاد ماوريسيو سوريا، المدير الفني لبوليفيا، بفوز فريقه على تشيلي بهدف نظيف للمرة الأولى منذ 17 عاما. وفي المرة الأخيرة التي فازت فيها بوليفيا على تشيلي عام 2000 كان سوريا حارسا لمرمى المنتخب البوليفي.وأضاف المدرب البوليفي قائلا: «هذا الانتصار سيجعلنا نعود للإيمان مرة أخرى بعملنا».وأعرب سوريا عن أسفه للاحتكاك الذي نشب بين أعضاء الجهازين الفنيين لمنتخبي بوليفيا وتشيلي في نهاية المباراة وشهد تبادلا للشتائم بين الطرفين.
مشاركة :