بعد مشاورات وحراك سياسي متواصل بين «قرطاج» القصر الرئاسي ، و«القصبة» مقر الحكومة، وبعض الضواحي التي تؤمّ أحزابا بعينها.. أعلن رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أمس الأربعاء، تعديلا وزاريا موسعا، أقرب للتغيير الوزاري ، شمل نصف حقائب الحكومة، وأطاح بالطاقم الإقتصادي ( وزراء المجموعة الإقتصادية) وطال أيضا وزارتين سياديتين (الدفاع والداخلية) .. وهو ما وصفته الدوائر السياسية والإعلامية في تونس بـ «الأمل الأخير» لإنقاذ البلاد من ثلاثية الأزمة الاقتصادية، والفساد، وترهل أداء الأجهزة التنفيذية، وانعكاسه على الحياة الاجتماعية للمواطن. يأتي التعديل الوزاري «الموسع»، بعد طول انتظار وفترة مشاورات ساخنة بعضها معلن والآخر خفي، وحتى أصبحت «قضية» التعديل الوزاري، قضية رأي عام تحظى بمتابعة خبراء الشأن السياسي والمواطنين.. وكان المحور الأبرز للقضية، هو «الأسماء» الجديدة التي سيأتي بها هذا التعديل، والتوازنات السياسية الجديدة التي سيحدثها..وكانت صورة « التعديل» أقرب لتطلعات الشارع التونسي، بعد تغيير13 وزيرا و7 كاتب دولة، أي نصف الحكومة التي كانت تضم (26 وزيرا و14 كاتب دولة).. ويتمتع «كاتب الدولة» في النظام التونسي، بكامل العضوية في الحكومة، ويحضرالمجالس الوزارية والحكومية، وهو تابع للوزير ويمارس مهامه الوزارية بتفويض من الوزير. في حقيقة الأمر، فإن «يوسف الشاهد» واجه طوال الشهرين الماضيين، ما يعد «معركة» بينه وبين القوى السياسية الفاعلة في البلاد والتي تتمسك بمبدأ التوافق والتشارك في الحكم الذي بنيت عليه حكومة الوحدة الوطنية، لكنه تمسك من جهة أخرى بصلاحياته الدستورية العريضة التي تتيح له حرية الاختيار بالنسبة للتعديلات الوزارية.. غير أن هذه الحرية ستصطدم حتما بما يفرضه الدستور من ضرور حصول الأسماء الجديدة على ثقة البرلمان وما قد يمثله ذلك من عقبة بالنظر الى ما تمثله كتل نداء تونس والنهضة ومشروع تونس وبدرجة أقل الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية من ثقل على مستوى التصويت. وكشفت مصادر سياسية تونسية، أن رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، تمسك بإقالة كل من وزيرة الصحة، سمير مرعي، ووزير النقل، انيس غديرة، رغم تمسك حزبيهما بهما خاصة بعد ثبوت «فشلهما» في ادارة وزارتين يعتبران من أبرز الوزارات الحساسة..وتمسك جناح من حزب نداء تونس ( الشريك الأكبر في الحكم مع حركة النهضة) بعدم إقالة وزير النقل، أو على الأقل تعيينه وزيرا في احدى الوزارات الشاغرة، وهو ما رفضه يوسف الشاهد .. وثانيا، جاء قرار تنحية زياد العذاري، من منصبه كوزير للتجارة، وهو ( من قيادات حركة النهضة الإسلامية، الشريك في الحكم ) بعد تمسك عدد من الأحزاب الأخرى بضرورة اقالته بسبب عدد من الملفات على غرار الملف التركي، ورغم تمسك حركة النهضة به إلا أأن رئيس الحكومة يوسف الشاهد تمسك أيضا بالتخلي عنه وتعيينه على رأس وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي.. وقد أثار قراره غضب عدد من قيادات الحركة. وتؤكد الدوائر السياسية في تونس، أن «يوسف الشاهد» تمسك بإجراء تعديلا وزاريا يستند إلى الكفاءة والخبرة والقدرة على العطاء .. وكان محكوما من جهة أخرى بمسؤوليته التي سيحمله اياها التونسيون حول ما تتطلبه مصلحة البلاد والشعب خاصة بعد تراكم الصعوبات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية وامكانية تسبب ذلك في حالة احتقان وغضب شعبي قد يهدد عرشه في يوم ما. يعتبر يوسف الشاهد أصغر رئيس حكومة في تاريخ الدولة التونسية منذ الإستقلال.. وتولي رئاسة الحكومة 20 أغسطس/ آب 2016 ومنحها مجلس النواب ـ وقتئذ ـ الثقة لمباشرة مهامها بالأغلبية المطلقة.
مشاركة :