عواصم - وكالات - تخطط حكومة ميانمار لإخراج مسلمي الروهينغا من مناطقهم في ولاية راخين، وجعلها مستوطنة للبوذيين، فيما توقعت الأمم المتحدة ارتفاع عدد الفارين من الروهينغا إلى بنغلاديش ليصل إلى نحو 300 ألف. وقال الناشط عمران الأراكاني، وهو نائب رئيس منظمة حقوقية محلية في راخين، أمس، إن «خطة حكومة ميانمار في الولاية هي تصفية وطرد الروهينغا، لتوطين البوذيين من بنغلاديش وسريلانكا وتايلند هناك، وبالتالي هي أصلاً تريد زعزعة الأمن في ميانمار». وأشار إلى أن «حكومة ميانمار تشعل الفتنة كل سنة أو سنتين، من أجل فرض المضايقات في راخين، والآن يبدو أنها تستغل هذه الأوقات من أجل تنفيذ مخططها»، مضيفاً أنه «حتى بعد زعم ميانمار قصة التحول الديموقراطي، إلا أن الاضطهاد استمر ولم تتغير أحوال مسلمي الروهينغا». وتوقع أنه «لن يحدث التغيير بالانتخابات، التي تم إجراؤها تحت التهديد العسكري، ولن ينال مسلمو الروهينغا حقوقهم إلا بأحد طريقين، إما أن تكون راخين دولة إسلامية مستقلة، وإما أن تُجرى انتخابات في الولاية تحت إشراف الأمم المتحدة». وشدد على أنه «إذا ما استمرت الأحداث على ما هي عليه، فإن مسلمي راخين سينقرضون وينتهون، في ظل عدم تدخل الحكومات الإسلامية والمجتمع الدولي من أجل مساندة حقوق المسلمين في راخين»، مؤكداً أنه «حتى المؤسسات المدنية الكبرى كالأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، لا تدخل إلى الولاية». وفيما تتواصل موجات النزوح من راخين، عثرت السلطات البنغلاديشية، أمس، على 11 جثة لمسلمي الروهينغا كانوا داخل قاربين غرقا في نهر ناف، أثناء فرارهم من جرائم القتل والتهجير التي يتعرضون لها. في غضون ذلك، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن 164 ألف شخص، غالبيتهم من الروهينغا، فروا خلال أقل من أسبوعين، من أعمال العنف في ميانمار ولجأوا الى بنغلاديش المجاورة، مكررة التعبير عن قلقها من حدوث أزمة إنسانية، ولافتة إلى أن عدد النازحين الروهينغا الذين دخلوا بنغلاديش، منذ أكتوبر 2016، تخطى 250 ألفاً. من ناحيته، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن «نحو 300 ألف من مسلمي الروهينغا قد يفرون من العنف في شمال غربي ميانمار إلى بنغلاديش»، محذراً من نقص في التمويل لإمدادات الغذاء الطارئة للاجئين. وقال الناطق باسم البرنامج ديبايان باتاتشاريا إن اللاجئين يصلون بالقوارب وكذلك بعبور الحدود البرية عند نقاط عدة، و«يأتون في حالة حرمان غذائي فهم محرومون من التدفق الطبيعي للغذاء، ربما منذ أكثر من شهر...الجوع والصدمة باديان عليهم بشدة». في المقابل، زعمت زعيمة ميانمار اونغ سان سو تشي إن حكومتها «تبذل أقصى ما في وسعها لحماية الجميع في ولاية راخين»، لكن لم تشر بالتحديد للنزوح الجماعي لأقلية الروهينغا المسلمة. وقالت «يتعين أن نرعى مواطنينا، يتعين أن نرعى كل من يقيم في بلادنا سواء كان مواطناً أم لا»، مضيفة أنه «بالطبع مواردنا ليست كاملة أو كافية كما كنا نحب أن تكون، لكننا نبذل ما في وسعنا ونريد أن نضمن أن يكون الجميع محمياً بالقانون». وتواجه سو تشي، الحاصلة على جائزة «نوبل» للسلام، انتقادات دولية واسعة لعدم دفاع حكومتها عن الروهينغا، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، أن «الوضع في ولاية (راخين) وما تتعرض له أقلية الروهينغا خطير للغاية»، مطالباً السلطات بضبط النفس وحماية المدنيين غير المسلحين. كما تصاعدت وتيرة الدعوات المطالبة بسحب جائزة «نوبل» من سو تشي بسبب سوء إدارتها الأزمة، إذ حصدت عريضة إلكترونية تحت عنوان «اسحبوا جائزة نوبل للسلام من أونغ سان سو تشي»، حتى أمس، أكثر من 364 ألف توقيع لأشخاص من مختلف أنحاء العالم، وذلك لعدم قيام زعيمة ميانمار بأي شيء «لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية في بلادها»، فيما ردّت لجنة «نوبل» النرويجية بأن هذا الطلب «مستحيل» لأنه لا يمكن سحب الجائزة. إلى ذلك، وصلت أمينة أردوغان زوجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والوفد المرافق لها، إلى بنغلاديش في إطار زيارة إنسانية إلى مراكز إيواء لاجئي الروهينغا، تهدف لتسليط الضوء على المأساة التي تشهدها راخين. وفي طهران، أعلن الهلال الأحمر الايراني أنه أعد مساعدة إنسانية لمسلمي الروهينغا الفارين من اضطهاد سلطات ميانمار. من هم الروهينغا؟ يانغون - أ ف ب - يعتبر الروهينغا أكبر مجموعة محرومة من الجنسية في العالم، وإحدى الأقليات التي تتعرض لأكبر قدر من الاضطهاد. ويتحدث هؤلاء المسلمون شكلاً من أشكال «الشيتاغونية»، وهي لهجة بنغلاديشية مستخدمة في جنوب شرقي بنغلاديش التي يتحدرون منها. ورغم أن نحو مليون روهينغي يعيشون في ميانمار، بعضهم في مخيمات لاجئين خصوصاً في ولاية راخين (شمال غرب)، إلا أن نظام ميانمار يرفض منحهم الجنسية بل يعتبرهم أجانب، وباتوا ضحايا العديد من أنواع التمييز مثل العمل القسري والابتزاز والتضييق على حرية التنقل وقواعد زواج ظالمة وانتزاع أراضيهم، إضافة إلى التضييق عليهم في مجال الدراسة وبقية الخدمات الاجتماعية العامة. ومنذ العام 2011، مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن، تزايد التوتر بين الطوائف الدينية في البلاد، خصوصاً مع قيام حركة «رهبان بوذيون قوميون» بتأجيج الكراهية ضد المسلمين. وفي السنوات الأخيرة، فرّ آلاف الروهينغا من ميانمار باتجاه ماليزيا وإندونيسيا وبنغلاديش هرباً من اضطهاد السلطات لهم. واندلعت في 2012 أعمال عنف كبيرة أوقعت نحو 200 قتيل معظمهم من الروهينغا، ثم شن الجيش في أكتوبر 2016 عملية واسعة على الروهينغا.
مشاركة :