قد نعتقد أن لوحات الفنان العالمي كلود مونيه بعيدة المنال، فهي ضمن المجموعات الخاصة والمتاحف العالمية، ولكن هناك بصيصا من الأمل في شراء عمل يحمل توقيع رائد الانطباعية في العالم. ففي مفاجأة لمحبي الفن الانطباعي وفن كلود مونيه تحديدا، أعلنت دار مزادات كريستيز عن بيع مجموعة من مقتنياته الخاصة التي كانت بحوزته حفيدته، وذلك في مزاد بهونغ كونغ في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. المزاد يعد الأول للفن الانطباعي في آسيا، وسيتم نقله مباشرة على الإنترنت وفي غرفة المزادات في باريس، مما سيسمح للمقتنين في أوروبا بالمشاركة. المجموعة الفريدة التي تحمل عنوان «عزيزي مسيو مونيه» ظلت بحوزة رولاند فرنيغه حفيدة مونيه، ولم يشاهدها العالم إلا عبر صفحات الكاتلوغات. تضم المجموعة المعروضة للبيع (50 قطعة) نظارات مونيه ورسومات له ظلت بعيدة عن الأعين لفترة طويلة، هناك أيضا لوحات ورسومات وأعمال مختلفة لعدد من أصدقاء مونيه من الفنانين أبرزهم إدوار مانيه وأوغست رودان وبول سيناك. من الأعمال المعروضة في المزاد اسكتشات ورسوم مبكرة لمونيه تلقي الضوء على تطوره الفني، بعض الرسومات مرسومة بألوان الباستيل، وتعرض إلى جانب قطع أخرى من مقتنيات الفنان أهديت له من قبل أصدقائه مثل المثال العالمي رودان والفنان بول سينياك وإدوار مانيه ويوجين بودان. ومن خلال تلك القطع النادرة يمكن لنا معرفة الكثير حول العالم الخاص لكلود مونيه ولمحات خاصة من حياته. القطع في المزاد تبدأ من 500 دولار وحتى ثلاثة ملايين دولار، وإن كانت تلك أرقاما مبدئية قد ترتفع مع المزايدة، وهو أمر حتمي في حالة فنان له قامة تاريخية كمونيه. المدهش في المزاد هو الرسومات التي نفذها مونيه في مقتبل شبابه، والتي توفرت بفضل وجود دفتر رسومات مونيه، وأيضا مذكرات صديقه ثيوفيل بيغانبيلكو. دفتر الرسومات يعود لعام 1857، ويعد تسجيلا لنشاط مونيه الفني وتطور قدراته في الرسم خلال حقبة الخمسينات من القرن التاسع عشر. وتظهر من خلال مجموعته رسومات احتفظ بها مونيه لصديقه الفنان يوجين بودان الذي اشتهر بلوحات المناظر الطبيعية خصوصا كل ما له علاقة بالبحر، واستخدام ألوان الباستيل، وهو ما تأثر به مونيه بشكل كبير، ويظهر ذلك في رسومات بألوان الباستيل نفذها مونيه ويضمها المزاد. من تلك الرسومات اسكتش يصور مشهدا ليليا، وهو أمر نادر للفنان، ويصور فيه بحساسية لعبة الضوء والطقس من خلال منظر طبيعي على الشاطئ. من مقتنيات مونيه أيضا اسكتش بعنوان «سالومي» للفنان أوغست رودان، وهو الوحيد من نوعه الذي أهداه رودان لصديقه مونيه، إلى جانب بعض المنحوتات البرونزية وبعض اللوحات. في حديث مع أدريان ماير، رئيس مجلس إدارة قسم الفن الانطباعي والحديث بكريستيز، قال لي إن الأعمال في المزاد معظمها كان مألوفا للجمهور، خصوصا أنها ظهرت في كتب عن الفنان وفي الكاتلوغ الخاص به، لكنه يضيف بأن المختصين فوجئوا بوجود رسم للفنان رودان كان من المعتقد أنه فقد من زمن، ويوضح: «لوحة رودان رغم وجود تسجيل لها في الكتالوغ اعتقد الخبراء لزمن طويل أنها فقدت وكانت مفاجأة سارة لهم عندما وجدت في مقتنيات حفيدة مونيه». هل هناك قطع أخرى شخصية فيما عدا الأعمال الفنية؟ يقول ماير إن هناك أكثر من قطعة ترتبط بمونيه وحياته مثل إناء للزهور بالأبيض والأزرق كان مونيه قد رسمه في بعض لوحاته التي تصور عائلته، وصور فوتوغرافية بعدسة أحد أصدقائه. يشير ماير إلى أن القطع المتضمنة في المزاد سواء كانت فنية أو تزيينية فهي بلا شك تسلط الضوء على كلود مونيه جامع التحف والفنان، «هناك أطياف من الأعمال لعدد من الفنانين بأساليب مختلفة، كلها تكشف لنا عن ذائقة مونيه كمقتن وجامع للأعمال». إضافة لإناء الزهور هناك نظارات مونيه و«مجسم قطة من السيراميك من اليابان في القرن الـ19 التي جاء ذكرها في أحد الكتب على أنها كانت موجودة في مدينة جيفرني خلال حياة مونيه، وفي منزل ابنه ميشال. «القطعة تكشف افتتان مونيه بالفن الشرقي، فهو اكتشف رسومات يابانية من خلال رحلة لهولندا، ومنذ ذلك الوقت ركز على الفنون والحرف من ذلك الجزء من العالم». من الأشياء التي تلفت النظر أن الأسعار المقدرة لبعض القطع تعد متواضعة جدا، بعضها يبدأ بـ500 دولار، وهو أمر غريب خصوصا أن القطع لها صلة مباشرة بفنان عملاق مثل مونيه، أطرح تساؤلي هذا على ماير الذي يجيب قائلا: «السبب هو أننا لم نرد أن نبدأ في وضع تقديرات تعكس القيمة المضافة لتاريخ القطع وصلتها بمونيه، درجنا في الدار على ذلك، نضع القيمة الفعلية للقطع بعيدا عن تاريخ مالكها وننتظر رأي السوق الفنية، مثل سكين لقطع الجبن الذي قدرنا له سعرا متواضعا، وأتوقع أن يرتفع ذلك خلال المزاد». ويقام المعرض في مقر كريستيز بباريس حتى يوم 15 سبتمبر (أيلول)، ثم ستعرض قطع محدودة في لندن ونيويورك وبكين في أوقات مختلفة.
مشاركة :