افتتح صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس الجامعة القاسمية، صباح أمس، بحضور سموّ الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، نائب حاكم الشارقة، مبنى دار المخطوطات الإسلامية الذي يقع في الجامعة القاسمية بالشارقة. كتاب جديد بعنوان «إني أُدين» كشف صاحب السموّ حاكم الشارقة عن مؤلف جديد سيصدره بعنوان «إني أُدين»، يضع فيه مخطوطات نادرة قدمها سموّه بمناسبة الافتتاح، وهي (مخطوطات باللغة الإسبانية لأوامر ملوك إسبانيا ومحاكم التفتيش بالإعدام والتنصير وبيع أبناء وبنات المسلمين والطرد من إسبانيا)، ويؤرخ سموّه في الكتاب الجديد لهذه الكارثة ومعاناة المسلمين في الأندلس، وينبه فيه أصحاب الضمائر الحية في إسبانيا في النظر لهذا الكتاب وإنصاف المسلمين. 11 مخطوطة تثبت معاناة المسلمين في الأندلس تضم دار المخطوطات الإسلامية مخطوطات نادرة قدمها سموّه بمناسبة الافتتاح، وهي (مخطوطات باللغة الإسبانية لأوامر ملوك إسبانيا ومحاكم التفتيش بالإعدام والتنصير وبيع أبناء وبنات المسلمين والطرد من إسبانيا)، وقال سموّه عنها: «هناك 11 مخطوطة باللغة الإسبانية، وربما يسأل البعض لماذا هي بالإسبانية، لأنها تثبت أكبر كارثة على الأمة الإسلامية، وهي كارثة ما حصل للمسلمين في إسبانيا، وهم سكان الأندلس، وهذه المخطوطات تثبت بالأمر الصادر من الملك، ومن الوزراء والقضاة، والمحاكم، ولكل مخطوطة لها حادثة، وربما هذه الحادثة تغيب عن الناس، أو ينقلها الزمن وتأوَّل». وبيّن سموّه أن «من بين هذه المخطوطات مخطوطة تثبت الإعدامات بالأمر المباشر من ملك إسبانيا في ذلك الوقت، حيث نصّت إحدى المخطوطات على (مكنوني لأصدر الإعدامات في هؤلاء)، وفي مخطوطة ثانية تثبت تنصير المسلمين، حيث تنصروا ظاهرياً وأخفوا دينهم لأن مصيرهم الإعدام، وهناك مخطوطة نصّت على (لا يغركم هؤلاء، لأنهم لا يصلون معنا، هم يصلون وحدهم)، وكانت المشكلة التي تواجههم هي صلاة الجمعة، وتروي هذه المخطوطة ما حدث في تلك الفترة». ومن بين المخطوطات المهمة التي تدين معاناة المسلمين في الأندلس، مخطوطتان تثبت أمر الملك بالقبض على بعض المسلمين أو أسرهم، وتفويض الجنود بامتلاك أبناء وبنات المسلمين وبيعهم في السوق. وهناك مخطوطة تثبت مصادرة أموال الناس وتجريد الناس من أموالهم، وهي صورة معاناة المسلمين في تلك الفترة. كما وثقت مخطوطة صورة من صور التهجير القسري، وطرد الأب والأم وأخذ الأولاد، ليكونوا مِلكاً للدولة، ويتم تنصيرهم بالقوة، وتروي محاكم التفتيش التي تصدر أوامر صارمة في قضايا تافهة. ونوّه صاحب السموّ حاكم الشارقة، إلى أن «المخطوطات يعود تاريخها إلى عام 1516 - 1610م، أي ما يقارب 100 عام من المعاناة، نضعها للباحثين والمهتمين ليروا المآسي ومعاناة المسلمين في إسبانيا، وكيف خان ملك إسبانيا العهد الذي قطعه للأمير أبوعبدالله الصغير، اخر ملوك الأندلس، في الحفاظ على أموال المسلمين ومعتقداتهم». وبعد إزاحة الستار التقليدي إيذاناً بافتتاح المبنى، تفقد صاحب السموّ حاكم الشارقة ما يضمه المبنى من مرافق وقاعات ومخطوطات ثرية، بما تحويه من علوم إسلامية ومعارف تعود إلى مئات السنين. واطّلع سموّه على المخطوطات المعروضة في بهو المبنى، التي تضم أقدم المخطوطات الموجودة، والتي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الهجري. وكان سموّه قد أدلى بتصريح لإذاعة وتلفزيون الشارقة، دعا فيه الباحثين والمهتمين والمختصين في مجال التاريخ الإسلامي والفقه والعلوم الأخرى، إلى الاستفادة من المخطوطات النادرة والنفيسة المتوافرة في دار المخطوطات الإسلامية، وليس بالضرورة التسليم بكل ما في هذه المخطوطات، لأن كاتب هذه المخطوطة له رأيه الخاص وزمنه، فيجب على الباحثين دراستها وتحقيقها. وقال سموّه: «اليوم وفي هذا المكان المهم بالنسبة لي، ولكثير من الباحثين في مجال التاريخ والفقه الإسلامي والفلك والطب وكثير من العلوم، نفتتح هذا الصرح على بركة الله وبتوفيق من عنده، هذه الدار تحتوي على ما يقارب 1500 مخطوطة، في علوم شتى، معظمها باللغة العربية وصالحة للبحث العلمي». وأشار صاحب السموّ حاكم الشارقة، إلى أن «الجامعة القاسمية تسير على نهج الجامعات العالمية، في تحقيق المخطوطات بما ينفع الناس»، مبيناً سموّه أنه «ليس كل مخطوطة نسلم بها، على ما بها، لأن من كتبها له رأيه وزمنه، وكذلك الفترة التي كان بها، فكثير من الآفات التي تصيب الأمة الإسلامية، هي الكتابة بعد كل تغيّر في حكم في بلد من البلدان، تأتي أمة تزيح أمة، وتأتي قوة تزيح قوة، تصفها ما تصفها، إرضاءً للحاكم الجديد». وأضاف سموّه: «نحن نقول إن هذه المخطوطة مهما كان بها من أخطاء، نحن لا نقبلها، ولكن ننتقدها ونحققها، ونقول هذه المخطوطة وهذا المنهج الصحيح، هذه المخطوطات هذه البداية، هذه الدار بها فقط 1500 مخطوطة وهي ما كان لدي، ونأمل أن يزداد الإهداء من المحبين للعلم، ويزداد نشاطنا في امتلاك المخطوطات المهمة، وتكون مادة للباحثين». وتعدّ المخطوطات والوثائق الموجودة من المخطوطات التاريخية نفسها، التي جمعها صاحب السموّ حاكم الشارقة، خلال زياراته لدول العالم المختلفة، وأهداها إلى دار المخطوطات الإسلامية، حيث تضم الدار أربع مجموعات من المخطوطات الإسلامية الأصلية النادرة، تنوّعت بين كتب في الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية وعلوم الفلك والرياضيات والطب والصيدلة، إلى جانب مصاحف مخطوطة أصلية نادرة. وتضم الدار عدداً من القاعات والمختبرات والأقسام الفنية، منها مختبر المعالجة والتعقيم والترميم، والمسح الضوئي للمخطوطات، وقسم تجليد المخطوطات، وقسم الفهرسة والتصنيف، أما الأقسام الخدمية فتضم قاعة البحث والاطلاع الرقمي، وقاعة الاطلاع على المخطوطات الأصلية، وخدمات الطباعة الرقمية، وقاعة التحقيق والنشر. ولحفظ الوثائق والمخطوطات، فالدار تحتوي على قاعة لحفظ المخطوطات، وقاعة لحفظ الكتب النادرة والوثائق، وقاعة لحفظ الدوريات. ورُوعي في تصميم دار المخطوطات الإسلامية تجهيزها بأحدث الأجهزة والآلات المستخدمة في مراكز المخطوطات العالمية، منها معمل صيانة وتعقيم ومعالجة وترميم وتجليد المخطوطات، وهو يحتوي على جهاز التعقيم بغاز الأوزون وأجهزة تنظيف المخطوطات، وجهاز فك التصاق أوراق المخطوطات، وجهاز تغليف حراري لعلم تقوية أوراق المخطوطات المتهالكة باستخدام الشفاف الياباني ومحاليل ومركبات كيميائية لمعالجة المخطوطات من أثر الحموضة والرطوبة العالية، وكذلك تنظيفها من البقع المختلفة، إلى جانب أجهزة التصوير الرقمي لتصوير المخطوطات رقمياً، وهي أجهزة حديثة جداً بتقنية عالية للتصوير بأعلى درجات الوضوح، ويتم التصوير لكل المقاسات. وتضم الدار حافظات للمخطوطات بخزائن متحركة أوتوماتيكية، وقاعة الحفظ تتوافر فيها شروط الحفظ العالية من درجات الحرارة والرطوبة النسبية والإضاءة المناسبة، ونظام إطفاء الحريق الخاص بالمخطوطات، وهو الأحدث عالمياً، بحيث لا يسمح باشتعال النيران تماماً على مدار الساعة، وأبوابه حديدية أوتوماتيكية تفتح ببطاقات ممغنطة للأشخاص المصرح لهم فقط. وشيّد مبنى الدار على الطراز إسلامي بمساحة تقدر بـ2800 متر مربع، ويتكون من طابقين، ويحتوي على كثير من المرافق الخدمية والفنية. وخلال حفل افتتاح الدار كرّم صاحب السموّ حاكم الشارقة، جمعة الماجد، وعبدالواحد النبوي، تقديراً لجهودهما في مجال حفظ المخطوطات والوثائق التاريخية. حضر الافتتاح إلى جانب صاحب السموّ حاكم الشارقة، كل من الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي، رئيس مكتب سموّ الحاكم، والشيخ سيف بن محمد القاسمي، مدير المدينة الجامعية في الشارقة، ووزير الصحة ووقاية المجتمع عبدالرحمن العويس، ورئيسة المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة خولة الملا، ومحمد المر، وجمعة الماجد، ورئيس الديوان الأميري راشد أحمد بن الشيخ، ورئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى خميس بن سالم السويدي، ورئيس دائرة الثقافة عبدالله محمد العويس، ورئيس دائرة الموارد البشرية الدكتور طارق بن خادم، ورئيس مجلس الشارقة للتعليم الدكتور سعيد مصبح الكعبي، ورئيس دائرة الأشغال العامة المهندس علي بن شاهين السويدي، ورئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي خالد جاسم المدفع، ورئيس هيئة مطار الشارقة الدولي علي سالم المري، ورئيس مدينة الشارقة للإعلام الدكتور خالد عمر المدفع، ورئيس هيئة تطوير معايير العمل سالم القصير، ورئيس دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية علي المري، وسفير الدولة لدى الأردن بلال البدور، وعبدالرحمن بن علي الجروان، وعبدالواحد النبوي، وعدد من المسؤولين ومديري الدوائر الحكومية، والأدباء والمختصين.
مشاركة :