افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس الجامعة القاسمية، صباح أمس، بحضور سمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة مبنى دار المخطوطات الإسلامية الذي يقع في الجامعة القاسمية بالشارقة. وكان سموه قد أدلى بتصريح لإذاعة وتلفزيون الشارقة، دعا فيه الباحثين والمهتمين والمختصين في مجال التاريخ الإسلامي والفقه والعلوم الأخرى إلى الاستفادة من المخطوطات النادرة والنفيسة المتوفرة في دار المخطوطات الإسلامية، وليس بالضرورة التسليم بكل ما في هذه المخطوطات، لأن كاتب هذه المخطوطة له رأيه الخاص وزمنه، فيجب على الباحثين دراستها وتحقيقها، مشيراً إلى أنها صرح ثقافي وفكري يفتح أبوابه للباحثين. كما كشف صاحب السمو حاكم الشارقة في اللقاء، عن مؤلف جديد سيصدره بعنوان «إني أُدين»، يضع فيه هذه المخطوطات ويؤرخ لهذه الكارثة ومعاناة المسلمين في الأندلس، وينبه فيه أصحاب الضمائر الحية في إسبانيا في النظر لهذا الكتاب وإنصاف المسلمين. 1500 مخطوطة وقال سموه، «اليوم وفي هذا المكان المهم بالنسبة لي، ولكثير من الباحثين في مجال التاريخ والفقه الإسلامي والفلك والطب وكثير من العلوم، نفتتح هذا الصرح على بركة الله وبتوفيق من عنده، هذه الدار تحتوي على ما يقارب 1500 مخطوطة، في علوم شتى، معظمها باللغة العربية وصالحة للبحث العلمي». وأشار صاحب السمو حاكم الشارقة إلى أن الجامعة القاسمية تسير على نهج الجامعات العالمية، في تحقيق المخطوطات بما ينفع الناس، مبيناً سموه أنه ليس كل مخطوطة نسلم بها، على ما بها، لأن من كتبها له رأيه وزمنه، وكذلك الفترة التي كان بها، فكثير من الآفات التي تصيب الأمة الإسلامية، هي الكتابة بعد كل تغير في حكم في بلد من البلدان، تأتي أمة تزيح أمة، وتأتي قوة تزيح قوة، تصفها ما تصفها، إرضاءً للحاكم الجديد. وأضاف سموه «نحن نقول إن هذه المخطوطة مهما كان بها من أخطاء، نحن لا نقبلها، ولكن ننتقدها ونحققها، ونقول هذه المخطوطة وهذا المنهج الصحيح، هذه المخطوطات هذه البداية، هذه الدار بها فقط 1500 مخطوطة وهي ما كان لدي، ونأمل أن يزداد الإهداء من المحبين للعلم، ويزداد نشاطنا في امتلاك المخطوطات المهمة، وتكون مادة للباحثين». مخطوطات نادرة كما تضمنت دار المخطوطات الإسلامية مخطوطات نادرة قدمها سموه بمناسبة الافتتاح وهي (مخطوطات باللغة الإسبانية لأوامر ملوك إسبانيا ومحاكم التفتيش بالإعدام والتنصير وبيع أبناء وبنات المسلمين والطرد من إسبانيا)، وقال سموه عنها، «هناك 11 مخطوطة باللغة الإسبانية وربما يسأل البعض لماذا هي بالإسبانية، لأنها تثبت أكبر كارثة على الأمة الإسلامية. وهي كارثة ما حصل للمسلمين في إسبانيا، وهم سكان الأندلس، وهذه المخطوطات تثبت بالأمر الصادر من الملك، ومن الوزراء والقضاة، والمحاكم، ولكل مخطوطة لها حادثة، وربما هذه الحادثة تغيب عن الناس، أو ينقلها الزمن وتأول».وبين سموه أن من بين هذه المخطوطات مخطوطة تثبت الإعدامات بالأمر المباشر من ملك إسبانيا في ذلك الوقت. حيث نصت إحدى المخطوطات على «مكنوني لأصدر الإعدامات في هؤلاء»، وفي مخطوطة ثانية تثبت تنصير المسلمين، حيث تنصروا ظاهرياً وأخفوا دينهم لأن مصيرهم الإعدام، وهناك مخطوطة نصت على: «لا يغركم هؤلاء، لأنهم لا يصلون معنا، هم يصلون وحدهم» وكانت المشكلة التي تواجههم هي صلاة الجمعة، وتروي هذه المخطوطة ما حدث في تلك الفترة. ومن بين المخطوطات المهمة التي تدين معاناة المسلمين في الأندلس، مخطوطتان تثبت أمر الملك بالقبض على بعض المسلمين أو أسرهم، وتفويض الجنود بامتلاك أبناء وبنات المسلمين وبيعهم في السوق. وهناك مخطوطة تثبت مصادرة أموال الناس وتجريد الناس من أموالهم، وهي صورة معاناة المسلمين في تلك الفترة. كما وثقت مخطوطة صورة من صور التهجير القسري، وطرد الأب والأم وأخذ الأولاد، ويكون ملكاً للدولة، ويتم تنصيرهم بالقوة، وتروي محاكم التفتيش التي تصدر أوامر صارمة في قضايا تافهة. ونوه سموه إلى أن «المخطوطات يعود تاريخها إلى عام 1516 - 1610م، أي ما يقارب 100 عام من المعاناة، نضعها للباحثين والمهتمين ليرووا المآسي ومعاناة المسلمين في إسبانيا، وكيف خان ملك إسبانيا العهد الذي قطعه للأمير أبو عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس، في الحفاظ على أموال المسلمين ومعتقداتهم». وبعد إزاحة الستار التقليدي إيذاناً بافتتاح المبنى تفقد صاحب السمو حاكم الشارقة ما يضمه المبنى من مرافق وقاعات ومخطوطات ثرية بما تحويه من علوم إسلامية ومعارف تعود إلى مئات السنين. تكريم وحضور وخلال حفل افتتاح الدار كرم صاحب السمو حاكم الشارقة جمعة الماجد وعبدالواحد النبوي تقديراً لجهودهم في مجال حفظ المخطوطات والوثائق التاريخية. حضر الافتتاح إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة كل من الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو حاكم الشارقة، والشيخ سيف بن محمد القاسمي مدير المدينة الجامعية في الشارقة، ومعالي عبدالرحمن العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، وخولة الملا رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ومعالي محمد المر. أرقام 5 اطلع سموه على المخطوطات المعروضة في بهو المبنى التي تضم أقدم المخطوطات الموجودة التي يعود تاريخها إلى القرن الـ5 الهجري. 4 تعتبر المخطوطات والوثائق الموجودة من أنفس المخطوطات التاريخية التي جمعها صاحب السمو حاكم الشارقة خلال زياراته لدول العالم المختلفة، وأهداها إلى دار المخطوطات الإسلامية، حيث تضم الدار 4 مجموعة تنوعت ما بين كتب في الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية وعلوم الفلك والرياضيات والطب والصيدلة، إلى جانب مصاحف مخطوطة أصلية نادرة. 2800 شيد مبنى الدار على الطراز إسلامي بمساحة تقدر بـ2800 متر مربع ويتكون من طابقين ويحتوي على الكثير من المرافق الخدمية والفنية. 4 تضم الدار عدداً من القاعات والمختبرات والأقسام الفنية منها مختبر المعالجة والتعقيم والترميم، والمسح الضوئي للمخطوطات، وقسم تجليد المخطوطات، وقسم الفهرسة والتصنيف، أما الأقسام الخدمية فتضم 4 قاعات؛ البحث والاطلاع الرقمي، والاطلاع على المخطوطات الأصلية، وخدمات الطباعة الرقمية، والتحقيق والنشر.
مشاركة :