عاش المواطن إبراهيم أحمد البلوشي، 17 عاماً أسير كرسي متحرك، نتيجة تعرضه لحادث دهس خلف له شللاً رباعياً، لكنه لم يستسلم لليأس وحول الإحباط إلى طاقة إيجابية، تغلب على المرض بالعمل الاجتماعي وتقديم العون لكل محتاج، خصوصاً أصحاب الهمم مد لهم يد المساعدة، للحصول على الخدمات والعلاج اللازمة لهم، لذا يعتبره «أيقونة أمل» لهم في الحياة. نموذج إيجابي أكدت مدير إدارة أصحاب الهمم في وزارة تنمية المجتمع، وفاء بن سليمان، لـ«الامارات اليوم» أن إبراهيم أحمد البلوشي يمثل نموذجاً إيجابياً ليس كأحد أصحاب الهمم فحسب، بل كإنسان مسؤول وملتزم ويؤدي مسؤولية مجتمعية في محيطه. وقالت إن الإدارة تقدر جهوده وعطاءاته إذ اسهم في تحقيق كثير من المنجزات على صعيد توفير البنية التحتية المناسبة لأصحاب الهمم، لافته إلى أنها تتلقى منه ملاحظات وتقارير شبه يومية عن سير العمل سواء في تعديل الأرصفة أو توفير المواقف الخاصة بأصحاب الهمم، ورصد أي مخالفات تتعلق بالتعدي على حقوق أصحاب الهمم. ولقبه الأهل والأصدقاء بـ«الزعيم» خصوصاً بعدما ساعد شاب مدمن على الاستشفاء من المخدرات، وباتوا يطلقون عليه اسم «الزعيم». بدأت مأساة البلوشي أبن إمارة رأس الخيمة، عندما كان في بداية العشرينيات وتعرض لحادث دهس سبب له مشكلات عضوية الزمته دور العلاج والمستشفيات أشهر طويلة حتى ظن الأطباء انه مفارق، إلا أنه فاز في معركته مع المرض واستطاع أن يستكمل كل الاجراءات اللوجستية والروتينية التي مكنته من أن يجوب كثير من الدول لتلقي العلاج، وبعد رحلة علاج طويلة عاد على كرسي متحرك. ولم يستطع المرض كسر ارادته، خصوصاً أنه تعلم المثابرة والجدية والكفاح خلال عمله العسكري لمدة ست سنوات سبقت اصابته، وتحول إلى خير عون لكل محتاج، وألزم نفسه بمتابعة أعمال التطوير والتحسينات في الشوارع والارصفة بما يتناسب مع احتياجات أصحاب الهمم حتى وصفته مديرة إدارة أصحاب الهمم في وزارة تنمية المجتمع، وفاء بن سليمان، بأنه عينها في الإمارة التي ترقب وترصد كل نقص وثغرة في الخدمات المطلوب توفيرها لأصحاب الهمم. ولا يزال البلوشي يفوز في معركته مع الحياة، وتمكن من مساعدة أحد اقربائه في العلاج من الادمان بعد أن اصطحبه إلى المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، ليتحول من إنسان بلا هدف ولا يحمل أوراق ثبوتية، ولا يعلم حقوقه وواجبات، إلى إنسان سوي، يحب الحياة ويهتم بأسرته ويفكر في مستقبلها وبنى بيت استقر فيه مع زوجته. قال البلوشي لـ«الامارات اليوم»، إنه أدرك بعد الحادث أنه لا يمكن أن يستسلم وانه الوحيد القادر على مساعدة نفسه لأنه من الأشخاص المثابرين والجادين الذين لا يقبلون الانكسار والضعف، مشيراً إلى أن ذلك قد يعود إلى ما اكتسبه من صفات خلال عمله العسكري لمدة ست سنوات التي سبقت الحادث. وأكد البلوشي أن لديه قدرة على العمل ولا يريد أن يكمل حياته بلا وظيفة، لذا تقدم للعمل في وزارة تطوير البنية التحتية، ويطمح أن يتعين مراقب ميداني حيث أنه لا يحتمل عمل المكاتب ولديه طاقة وصبر تجعله قادراً على المساهمة في متابعة تنفيذ المشروعات والخدمات الخاصة بالبنية التحتية الصديقة لأصحاب الهمم. ويعمل البلوشي لدعم أصحاب الهمم وتشجيعهم عبر التحدث عن تجربته مع المرض في فيديوهات يعرضها على قناته في اليوتيوب ليرفع معنويات أصحاب الهمم ويحفزهم على مواجهة المرض بالإرادة والعمل، كما يعمل على تشجيع السياحة ونشر الصورة الايجابية للدولة حيث يصور فيديوهات خلال زيارته لأماكن التنزه في دبي ويبثها أونلاين، داعياً أصحاب الهمم المقعدين إلى زيارة الدولة الصديقة بخدماتها ومرافقها لأصحاب الهمم. ويعد البلوشي أبناً باراً بوالديه حيث تمكن بجهده أن يتابع اجراءات عملية بناء منزلاً لهم يعيشون فيه حالياً ملاصقاً لمنزله، ويعتبره والديه سندا وعونا لهم في الحياة، وقال والده (90 عاماً) إنه «لا يطلب من اخوته ما يطلبه منه ويطمئن لوجوده قربه لقدرته على مساندته». أراء البلوشي عن كسب معارك الحياة يمكن أن تدون وتستخدم مادة تثقيفية في جلسات علاج مرضى الاكتئاب من شدة حماسه للحياة واقباله عليها وارادته القوية وثقته الكبيرة التي ممكن أن تشد أزر أي إنسان يائس أو متعب. والبلوشي مقتنع أن كسب التحدي مع الإعاقة لا يكون بالسير مجدداً على الاقدام، بل بادراك وفهم حجم المشكلة واستجماع الهمة والعزيمة في استغلال كل الأدوات والوسائل التي تمكن المعاق حركياً من عيش الحياة والاستمتاع بها عبر مساعدة النفس والغير.
مشاركة :