القاهرة:عيد عبد الحليم للثقافة وللمثقفين دور مهم في مواجهة الإرهاب والتطرف؛ نظراً لما تمثله الثقافة كعنصر أساسي من عناصر التنمية المجتمعية، كما يحمل المثقفون على عاتقهم رسالة التنوير، وهذا يقتضي منهم كشف المخططات الإرهابية وتمويلها المشبوه في منطقتنا العربية، الذي تقف وراءه قطر؛ بدعمها لكل أشكال العنف والتطرف، وفي هذا الاستطلاع يطالب مجموعة من المثقفين بخطط استراتيجية ثقافية تعمل على التوعية بجذور الإرهاب، وتكشف الدور القطري الداعم لهيرى د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، أن مواجهة الإرهاب تحتاج إلى خطة استراتيجية قومية شاملة، لإزالته من جذوره، ويقع على عاتق المثقفين دور مهم في هذا الاتجاه؛ لأن محاربة الإرهاب والتطرف بأشكاله المختلفة تكون بالفكر أولاً، وهذا يتطلب عملاً جاداً ومستمراً؛ لأن علاج مثل تلك المشكلة لا يكون علاجاً وقتياً، وهذا يستلزم المواجهة السريعة والعاجلة، من خلال وجود المثقف في الشارع بمعنى أن يكون حاضراً بآرائه وأفكاره ورؤاه المستنيرة بين الجمهور، وأن يكون مثقفاً عضوياً كما قال جرامشي: ما أحوجنا في هذه اللحظة إلى ذلك النموذج من المثقفين، الذي يعمل جيداً على قضايا الواقع ويطرح حلولاً لها.هذا ما افتقدناه لسنوات طويلة، يضيف د. عبد الحميد في ظل الهجمات الشرسة التي يشنها الإرهاب بتياراته المختلفة على مناطق متفرقة من الوطن العربي بتمويل قطري بغيض؛ ولذا يجب على المبدعين والمثقفين والمفكرين العرب أن يوحدوا جهودهم؛ ليكونوا صفاً واحداً في مواجهة كل من تسول له نفسه استهداف المنطقة العربية، وهذا يقتضي الكتابة المقاومة لأشكال العنف والتطرف؛ لتعريف الناس بالمؤامرات القطرية، التي تسعى إلى شق البنيان العربي الراسخ، فالنمط الإرهابي البغيض، الذي تدعمه الدوحة استشرى كثيراً في الفترة الماضية، ووجبت مواجهته بالكلمة والإبداع، وهذا هو دور المثقفين الواعين والمدافعين عن الهوية العربية.يؤكد د. صلاح السروي أستاذ الأدب المقارن في جامعة حلوان، أن المخططات القطرية في دعم الإرهاب أصبحت معروفة للجميع على المستوى العالمي، وهناك كتابات كثيرة لمثقفين ومبدعين عالميين تندد بهذا التوجه الذي يحرض على العنف والتطرف ونشر الأفكار الهدامة في المنطقة. ويطالب د. السروي، بضرورة المواجهة من قبل القطاعات المختلفة، وأولها قطاع الثقافة بحيث يكون هناك توجه عام لمحاربة الإرهاب وداعميه، من خلال الكتابات المتنوعة في الصحف والمجلات، وإقامة معارض الكتب في كل مكان حتى تكون هناك قاعدة تنويرية تبدأ من المنبع، من خلال تربية الذائقة النقدية لدى الأجيال الجديدة، وتعويدهم على القراءة الجادة والهادفة، وهذا يتطلب جهداً مؤسسياً كبيراً، كذلك ضرورة تحديث المناهج التعليمية، وأن يكون للمثقفين دور في هذا التغيير؛ بحيث تستعين بهم وزارة التعليم؛ لتحديث المناهج التي تكلست لسنوات طويلة.يقول السروي: «للأسف الشديد فإن منظومة التعليم الحالية لا تنتج إلا التخلف كونها قائمة على الحفظ والتلقين، وبعيدة كل البعد عن الفكر النقدي، كذلك لا بد من نزول المثقفين إلى الجامعات بإقامة ندوات مختلفة؛ لربط الطلاب بالفكر الحديث في الأدب والفلسفة والعلوم الاجتماعية المختلفة، حتى يتعرف الطالب- وهو في هذه المرحلة المهمة من البناء الفكري- إلى آخر ما وصل إليه الفكر الحديث في العالم، والمدارس الجديدة في الأدب والفن، كذلك لا بد من عودة المسرح الجامعي بالاستعانة بمخرجين محترفين كما كان الأمر في الماضي؛ حيث خرج كل نجوم الصف الأول في السينما والمسرح والتليفزيون من هذا المسرح الجامعي، الذي اختفى دوره في السنوات الماضية».ويتفق مع هذه الرؤية المخرج والناقد المسرحي عمرو دوارة، الذي يشير إلى أن الثقافة والفن من الأسلحة المهمة؛ لمواجهة الجهل والتخلف والإرهاب؛ ولذلك بات من الضروري تكاتف كل الجهود العربية؛ للتصدي لهذا التوجه الخطر، الذي تدعمه الحكومة القطرية لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، فكل ذلك ينم عن كراهية وعداء مستحكم؛ لأنها تبحث عن دور ومكانة لا تستحقها.ويضيف قائلاً: «لا بد من عقد مؤتمرات عربية، يشارك فيها كبار المثقفين والمبدعين من الوطن العربي لوضع آليات وخطط ثقافية قابلة للتنفيذ للحد من خطورة الإرهاب والتطرف، والقضاء على الإرهاب لا يتأتى من خلال حلول فردية، وإنما من خلال عمل جاد في إطار جماعي منظم، كذلك لا بد من تكثيف البرامج الإعلامية على الفضائيات العربية بمشاركة المفكرين والفنانين والمبدعين، باعتبارهم القوة الناعمة في الأمة العربية، التي بإمكانها إحداث الفارق، كذلك ضرورة إنتاج أفلام وثائقية عن رواد الفكر والتنوير في العالم العربي، كل ذلك سيكون له أثر واضح ومبهر في المستقبل، ويكون مردوده إيجابياً على الأجيال الجديدة».يقول الشاعر أحمد سويلم: «كان للمثقفين على مدار التاريخ الحديث دور واضح ومهم في مواجهة ومحاربة كل أشكال التعصب والتطرف والإرهاب من خلال كتاباتهم سواء في الشعر أو القصة أو الرواية أو المقال، أو البيانات التي تصدر في المناسبات المختلفة، في الفترة الأخيرة عقدت عدة مؤتمرات وندوات في مصر لمكافحة الإرهاب بمشاركة عدد من المثقفين والفنانين، لكن المسألة تحتاج إلى جهد مضاعف؛ لأن الضغوط صعبة للغاية على منطقتنا العربية، خاصة أن هناك دعماً قطرياً كبيراً للعمليات الإرهابية في المنطقة بلا وازع من ضمير الإحساس بالأخوة العربية، فهذه الدولة التي كان عليها أن تحسن من علاقتها مع جيرانها العرب راحت تدبر المؤامرات وتحتضن جماعات التكفير والتطرف والإرهاب الغادر، في محاولة للبحث عن دور إقليمي مشبوه. وهنا علينا أن ندرك خطورة اللحظة بأن نستعيد ما كان يسمى قديماً ثقافة المواجهة، وهذا يأتي من خلال نشر ثقافة التنوير المكتوبة والمسموعة والمرئية، وعلى اتحادات كتّاب العرب أن تمارس دورها بفاعلية في الفترة القادمة، بإقامة مؤتمرات وندوات نوعية تناقش هذه الظاهرة الخطرة ومحاولات طرح العديد من الحلول لها، والبحث عن صيغ ثقافية جديدة للمواجهة، فنحن في حرب حقيقية لا بد أن ندخلها متحصنين بالوعي والثقافة، هي حرب ضد القتل والكراهية».يؤكد الإعلامي عبد الوهاب قتاية، أن أجهزة الإعلام العربية عليها دور كبير في الفترة القادمة لإبراز دور المثقف العربي التنويري وزرع القيم داخل نفوس أبناء الجيل الجديد، ويطالب قتاية، بضرورة زيادة عدد البرامج الثقافية ذات الطابع التنويري في الفضائيات العربية؛ لأننا في لحظة تستلزم بناء جيل جديد قادر على المواجهة، وهذا لن يأتي إلا من خلال معرفته العميقة بتاريخه وحضارته وثقافته المستنيرة.ويضيف أن قطر منذ سنوات تمول الجماعات المتطرفة، وتحاول زرعها في مناطق التأثير العربي في مصر وسوريا والعراق والخليج العربي، وإعلامها المشبوه يساعد على إنجاز هذا الدور، ومن هنا تأتي أهمية وجود إعلام عربي قادر على المواجهة والتصدي لأي ادعاءات كاذبة تروجها الدوحة، وكشف أي مخطط تدميري تدعمه.يشير د. زين عبد الهادي رئيس دار الكتب الأسبق إلى أن الإرهاب أصبح صناعة دولية ليس على مستوى منطقتنا فحسب، وقطر ضالعة في تمويل كل أشكاله، شرقاً وغرباً، وتسعى إلى زراعة الفتنة في المنطقة العربية، فالبعض يتحدث عن الدور الغائب للمثقف خلال الفترة الماضية، وعن عزلته، لكن بات من الضروري أن يكون للمثقف العربي دوره الواضح من القضايا المحيطة به، خاصة تلك المتعلقة بالهوية والمستقبل الحضاري، وما يهددها من تطرف وإرهاب وعنف، فنحن في لحظة مصيرية، ولا بد أن يكون الجميع على قدر المسؤولية، وفي مقدمتهم المفكرون والمبدعون، وأصحاب الرأي، هناك ضرورة لتفعيل ثقافة التنوير على أكثر من مستوى.ويؤكد د. عبد الهادي أهمية العمل بشكل جماعي بين المثقفين في الفترة القادمة، ونبذ الخلافات بينهم، فالوحدة العربية أكبر من أي خلاف، كذلك هناك ضرورة لتفعيل دور المؤسسات الثقافية في العالم العربي، رسمية كانت أو أهلية، وجذب المثقفين إليها من جميع التيارات كي يشكلوا قوة بإمكانها أن تتصدى للقوى الظلامية.ويرى د. عبد الهادي أن هناك بوادر لوحدة الثقافة العربية، من خلال هذا الحس المشترك بين المثقفين العرب، وستشهد الفترة المقبلة ظهور أنواع من أدب المقاومة، في سياق الكتابة الروائية والشعرية والقصصية، بتقنيات متطورة، تتناسب مع اللحظة الراهنة.
مشاركة :