بعد ساعات من تقرير مثير للجدل لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية، زعم تعرض السجناء بمصر لانتهاكات داخل السجون، نفت مصر وجود تعذيب داخل السجون وأماكن الاحتجاز، وقالت وزارة الخارجية إن «المنظمة معروفة بأجندتها السياسة وتوجهاتها المنحازة التي تعبر عن مصالح جهات ودول تمولها»، وأكد المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن «التقرير يتعارض مع أي قراءة منصفة للأوضاع في مصر ويعكس نية مبيتة للتحريض على العنف وتأجيج المشاعر».بينما أكد محمد فايق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أمس أنه «سبق للمجلس أن أوضح عدم وجود تعذيب ممنهج وأنه لم يرد للمجلس أي شكاوى بهذا الخصوص». وسبق أن صرح مسؤولون أميركيون في نهاية أغسطس (آب) الماضي بأن واشنطن قررت حرمان مصر من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار وأجلت صرف 195 مليون دولار أخرى، لعدم إحرازها تقدما على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية. وأعربت مصر وقتها عن أسفها على تخفيض برنامج المساعدات الأميركية لها، ووصفت ذلك بأنه «سوء تقدير» لطبيعة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى اتصالا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد خلاله قوة علاقات الصداقة بين مصر والولايات المتحدة. وأعرب عن حرصه على مواصلة تطوير العلاقات بين البلدين وتجاوز أي عقبات قد تؤثر عليها. وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها الأخير، إنها رصدت عددا من الانتهاكات في مصر تضمنت تعذيب محبوسين. ودعت الرئيس المصري واللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، ومجلس النواب (البرلمان) والنائب العام، والدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة لـ«مواجهة هذه الانتهاكات» ومحاسبة المتورطين فيها.وأضافت المنظمة في تقريرها أن النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين، بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، ما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب.وأوصت المنظمة بإنشاء مكتب مدع خاص أو مفتش عام، بما يتفق مع الآلية الوطنية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، يعمل فيه مهنيون مستقلون، ويتضمن إجراء عمليات تفتيش مفاجئة للسجون ومراكز الاحتجاز المعروفة المشتبه فيها، والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بإساءة استخدام أجهزة الأمن. ودعت المنظمة إلى إقامة دعاوى على أساس هذه الشكاوى أمام القضاء والاحتفاظ بسجل متاح للجمهور للشكاوى الواردة والتحقيقات والنتائج. وذكرت المنظمة في تقريرها أنه «منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013 تم توقيف 60 ألف شخص على الأقل خلال هذه المدة، وإنشاء 19 سجنا جديدا لاستيعاب هذه الأعداد... وأن التعذيب شائع في مصر بسبب انتشاره وممارسته بشكل ممنهج».وعرض تقرير المنظمة شهادات لـ19 سجينا سابقا وشهادة أسرة سجين آخر قالوا إنهم «تعرضوا لأساليب من التعذيب بين عامي 2014 و2016 تضمنت الضرب والصعق الكهربائي والاغتصاب».من جانبه، أشار رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، إلى أن المجلس بعث برسالة إلى المسؤولين في منظمة «هيومان رايتس» أوضح فيها ما سبق، وإنه يتابع على الفور ما ينشر في وسائل الإعلام، وما يصله من شكاوى حول أي انتهاكات لحقوق الإنسان لعرضها على السلطات العامة التي تفتح التحقيق في حينه.مضيفا: «المجلس يتابع نشاطه وبرنامجه الميداني حول أي انتهاكات ضد حقوق الإنسان، متضمنا ذلك في تقريره السنوي الذي سيصدر في وقت لاحق ويشمل رصدا عاما لمجمل حالة حقوق الإنسان في مصر». والقاهرة حليف وثيق للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، وتتلقى مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا، بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل برعاية أميركية. وردا على تقرير المنظمة الأميركية، قالت مصادر برلمانية إن «لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب (البرلمان) تزور أماكن الاحتجاز بانتظام وتتأكد من عدم وجود التجاوزات التي ذكرتها المنظمة بحق المحتجزين»، مضيفة أن «المنظمة اعتادت أن تهاجم مصر لمصلحة جماعة الإخوان الإرهابية».وكان الرئيس السابق باراك أوباما جمد جزئيا في 2013 المساعدة العسكرية الأميركية لمصر، ردا على عزل نظام الرئيس الإخواني مرسي، قبل أن يعود ويلغي في مارس (آذار) 2015 تجميد هذه المساعدة البالغة قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا. وفي أغسطس 2015، أعلنت الدبلوماسية الأميركية استئناف الشراكة الاستراتيجية مع مصر، التي تتيح للقاهرة الحصول على مساعدة أميركية في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب.في غضون ذلك، قال مصدر أمني في وزارة الداخلية إن «تقرير المنظمة هو حلقة جديدة ضمن سلسلة تقارير المنظمة التي تحرض ضد الدولة المصرية وتستهدف تشويه سمعتها الخارجية»، مضيفا أن أجهزة الأمن في مصر أغلقت مكاتب المنظمة في البلاد بعد ثبوت تورطها في إعداد ونشر تقارير تدفع إلى زعزعة الاستقرار وتكدر السلم والأمن العام الداخلي دون وجود قرائن أو أدلة في تلك التقارير المزعومة... كما كانت المنظمة تضخ أموالا لبعض الجمعيات للقيام بأعمال تحريضية ضد مؤسسات الدولة المصرية.وأكد المصدر أن «وزارة الداخلية تعمل بجدية على تحسين أوضاع السجناء، في إطار احترام قيم وحقوق الإنسان، وأن الوزارة لديها استراتيجية تهدف للارتقاء بأوضاع النزلاء في المجالات الاجتماعية والثقافية والنفسية والصحية، وقطعت فيها شوطا كبيرا خلال الآونة الأخيرة»، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا مباشرا مع المجلس القومي لحقوق الإنسان لتفقد أوضاع السجناء بصفة دورية والاطمئنان على أحوالهم. ولفت المصدر إلى أن أي سجين يتعرض لتجاوزات لديه قنوات قانونية لتقديم شكواه سواء إلى وزارة الداخلية أو النيابة العامة للتحقيق... وهناك توجيهات جادة من وزير الداخلية بضرورة احترام قيم حقوق الإنسان ومعاقبة المتجاوزين في حق أي سجين.
مشاركة :