حركة النهضة التونسية توافق مضطرة على التعديل الحكوميدعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الكتلة البرلمانية للحركة للمصادقة على التركيبة الجديدة لحكومة يوسف الشاهد الذي تجاهل مطالب الحركة أثناء المشاورات، وهو ما يفسّره مراقبون بأنه نوع من التكتيك السياسي الذي يتقنه الغنوشي.العرب منى المحروقي [نُشر في 2017/09/08، العدد: 10745، ص(4)]النهضة لا تحترم دورها كشريك في الحكم تونس- تبدي حركة النهضة الإسلامية موافقة على التعديل الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد الأربعاء، رغم تجاهله لمطالبها، إذ أجرى تعديلا موسعا في حين طالبت بتعديل يقتصر على بعض الوزارات الشاغرة. وأعلن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الأربعاء عن إجراء تعديل وزاري على حكومته شمل 13 حقيبة وزارية من أصل 25 بينها وزارات الداخلية والدفاع والمالية، كما شمل جميع كتاب الدولة (موظف حكومي برتبة وزير) وعددهم 7. وتعارض قواعد الحركة خاصة تعيين وزير الدفاع في الحكومة السابقة عبدالكريم الزبيدي الذي كانت له خلافات كبيرة مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي، بالإضافة إلى منح حقيبة الداخلية لآمر قوات الدرك لطفي براهم، خلفا للهادي مجدوب الذي أصرت حركة نداء تونس على استبعاده، وسط اتهامات بتقاربه مع النهضة. وثمّنت حركة النهضة في بيان أصدرته مساء الأربعاء “توجه رئيس الحكومة، في التعديل الوزاري، نحو إعطاء المزيد من الاهتمام للمسألة الاقتصادية وإطلاق مشاورات مع الموقعين على اتفاق قرطاج حول الرؤية الاقتصادية المطلوبة للمرحلة الراهنة الكفيلة بإخراج البلاد من ظرفية اقتصادية ومالية صعبة”. كما ثمّنت الحركة حرص رئيس الجمهورية على تحقيق المصالحة الشاملة وترسيخ الوحدة الوطنية بين التونسيين، مجدّدة دعمها في هذا الإطار لمسار التوافق الوطني وتمسكها بمقوماته خصوصا مع حركة نداء تونس والعائلة الدستورية، داعية كافة الأطراف السياسية إلى الالتفاف حول هذا المسار. ودعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الكتلة البرلمانية للحركة إلى “التصويت لصالح الحكومة ولصالح جميع وزرائها دون استثناء، مشيرا إلى أن النهضة المشاركة في الحكم تتعامل مع حكومة وليس مع أشخاص”.منذر ثابت: النهضة تحذق لعبة التراجع لتحصين مواقعها وتعزيز الانغراس في التربة الشعبية ووصف مراقبون قبول النهضة بالفريق الحكومي الجديد بـ”المهادنة”، مؤكدين أنها مرغمة على اتخاذ هذه الخطوة في ظل التغييرات الإقليمية والدولية الحاصلة. وقال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت لـ”العرب” إن حركة النهضة أدركت أن التعديل الوزاري كان من صياغة رئيس البلاد الباجي قائد السبسي، وفهمت أن فيه تحذيرا لها بعدم تجاوز الحيّز المنطقي لدورها كشريك. وتابع “النهضة تحذق لعبة التراجع لتحصين مواقعها وتعزيز الانغراس في التربة الشعبية العميقة، مراهنة على مستقبل سانح لعودتها إلى الحكم في غياب الإكراهات الدولية والإقليمية الراهنة”، في إشارة إلى تراجع نفوذ الإسلاميين في المنطقة. وتحدث مراقبون عن استمرار التوافق بين حركتي نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية عقب الإعلان عن التعديل الوزاري، لكن ثابت قال “إن التشكيلة الجديدة تؤكد الضعف المتزايد للشراكة بين السبسي والغنوشي”. وأضاف “يمكن اعتبارها بمثابة رسالة تحذير موجهة من الرئيس لحركة النهضة على صلة بسياسة لي الذراع التي انتهجتها تجاهه إزاء قانون المصالحة وهيئة الحقيقة والكرامة وطموحاتها الدبلوماسية الموازية”. وكانت حركة النهضة أعلنت رفضها لقانون المصالحة الاقتصادية الذي اقترحه السبسي ويهدف إلى العفو عن الآلاف من الموظفين ورجال الأعمال المتهمين بسرقة أموال إبان حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، على شرط إرجاعها مع فوائد، ويقول السبسي إن العفو عنهم سيساهم في النهوض بالاقتصاد. ويرى منذر ثابت أن كل هذه التراكمات دفعت بالباجي قائد السبسي إلى إعلان أنه أخطأ تقدير مستوى تطور النهضة نحو المدنية وقطعها مع أصولها الإخوانية. وقال السبسي في حديث نشرته جريدة “الصحافة” الحكومية، “إنه بقدر نجاحنا في قطع خطوات لتجميع كل الأطراف والحساسيات السياسية والفكرية حول النموذج الحضاري التونسي، لاحظنا ترددا وتوجّسا واضحين من البعض أعاقا اندماجهم الكلي في النسيج المجتمعي التونسي الذي يتحرك على أرضية مشتركة وهي النظام الجمهوري والدولة المدنية الحداثية والمجتمع المفتوح الذي قوامه حرية الفرد”. ورغم تحذيرات الأحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، إلا أن الشاهد حافظ على المحاصصة في تشكيلة حكومته الجديدة. وتحصل حزب نداء تونس الذي يملك 58 مقعدا في البرلمان على 7 حقائب وزارية وهي الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، والمالية محمد رضا شلغوم الذي عمل ضمن وزراء الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والنقل رضوان عيارة، والصحة سليم شاكر، والتربية حاتم بن سالم آخر وزراء التربية في حكم بن علي، والسياحة والصناعات التقليدية سلمى الرقيق اللومي، والشباب والرياضة ماجدولين الشارني. أما حركة النهضة فكانت لها 4 وزارات وهي التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، زياد لعذاري، الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، عماد الحمامي، وتكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، أنور معروف، فضلا عن وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي. وتوزعت بقية الحقائب على أحزاب آفاق تونس والحزب الجمهوري والمسار ومستقلين. وانتقد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي الإبقاء على سياسة المحاصصة رغم المطالب التي رفعها الاتحاد أثناء المشاورات بأن تشكل الحكومة وفقا للكفاءة لا المحاصصة. وقال في تصريح لـ”العرب” “إن المحاصصات الحزبية كان لها نصيب في هذه الحكومة. فليتحمل الشاهد مسؤولية اختياراته”، لكنه استدرك قائلا “نحن نقدر الضغوط التي تعرض لها الشاهد أثناء المشاورات وعموما الحكومة لا تخلو من الكفاءات والشخصيات المشهود لها بالكفاءة”. وتابع “نحن سنتعامل معها وفقا لمصالح البلاد، الحكومة تنتظرها مهام وملفات كبيرة لعل أبرزها النهوض بالاقتصاد وتحسين الوضع الاجتماعي”.
مشاركة :