أثار تراجع أسعار البترول القلق لدى المتخصصين بشؤون الاقتصاد في بلادنا وفي غيرها من الدول ممن يدركون تأثيرها السلبي على الدخل القومي. ولقد تسبب الهبوط الذي تشهده أسواق النفط بالنكسة الاقتصادية لبعض الدول التي تتكلف مبالغ طائلة لاستخراجه، مما يتطلب اللجوء للتدابير المناسبة والاحتياطات اللازمة كتنويع مصادر الدخل، ولعل ذلك يجعلنا ننظر بإيجابية لانخفاض أسعار النفط باعتباره سيسهم بلا ريب في تحديث اقتصادنا وتنويع مصادره وإعادة هيكلته من خلال خصخصة بعض القطاعات الحكومية الضخمة التي تشكل عبئاً على الدولة أو تعاني من الترهل مما يلزم إعادة تخطيطها أو تنشيط كفاءة إداراتها. وتعد الخصخصة واحدة من الأدوات التي تلجأ إليها الحكومات في بناء الخطط الاقتصادية الناجحة التي ترمي لمواجهة تراجع الإيرادات النفطية وتنويع الاقتصاد، بهدف ترشيد الإنفاق والمحافظة على موارد الدولة غير النفطية. ومعروف أن تحويل بعض القطاعات الحكومية إلى القطاع الخاص يسهم بالتخلص من الأعباء المالية الضخمة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين عند تخصيص أحد القطاعات، في ظل ما يواجهه القطاع الحكومي من عوائق مالية وسياسية وإدارية وتنظيمية. وفي كل مناسبة يبذل صندوق النقد الدولي نصائحه للمملكة بضرورة تنويع مصادر الدخل، لذا قامت الحكومة بالخصخصة الجزئية لبعض القطاعات الحكومية كالكهرباء والاتصالات والماء، والتموين والخدمات الأرضية في الخطوط الجوية السعودية، ونجاحها يقودنا للمطالبة بتخصيص بقية القطاعات الحكومية الأخرى كالصحة والتعليم والنقل والرياضة للرفع من كفاءة الإدارة والتشغيل، كما أن التعاون بين القطاعين العام والخاص سيدفع للاستفادة من إمكانات القطاع الخاص وخبراته البشرية والمالية والإدارية والتنظيمية. وأرجو ألا تقودنا الرغبة في التخصيص للاندفاع والتسرع، بل ينبغي التروي والتدرج، بحيث يسبقها إجراء الدراسات والبحوث اللازمة لجميع القطاعات المستهدفة منعاً من وقوع خلل قد يُنسب للتخصيص وهو بالواقع سوء في الإجراءات المتبعة عند تقديم الخدمات، أو رداءة في تأهيل الكوادر البشرية نظراً للسرعة والاعتماد على الكم على حساب الكيف.وطالما بلدنا تتجه للتحول الاقتصادي المثمر في كثير من المجالات؛ فإننا نأمل معالجة البطالة وفتح مجالات لعمل المرأة، وإغلاق الفجوات التي قد تعرقل تقدم رؤية القيادة بالتحول الوطني؛ وأهمها التوقف تماماً عن استقدام العمالة الرديئة والاعتماد على سواعد أبناء الوطن وتأهيلهم وتحقيق الأمن الوظيفي الذي يسعون له.
مشاركة :