أشار موقع "أوراسيا ديلي" إلى أن قضية إيرلندا الشمالية هي الأصعب في المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن خروج الأخيرة منه أي "Brexit". جاء في المقال: بعد انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الأسبوع الماضي، أصبح واضحا أن أصعب نقطة فيها كانت قضية إيرلندا الشمالية، ووضع الحدود بين هذه المنطقة من بريطانيا وجمهورية إيرلندا في الاتحاد الأوروبي. واعترف كبير المفاوضين في بريكست عن الجانب البريطاني ديفيد ديفيس بأن مشكلة إيرلندا الشمالية أصبحت أصعب قضية تنتظر حلا لها. وفي الوقت نفسه، لم تشتمل الوثيقة التي نشرتها الحكومة البريطانية بشأن قضية إيرلندا الشمالية في نهاية شهر أغسطس/آب على تفاصيل محددة، بل تضمنت رغبات من نوع المقترحات بجعل الحدود "من دون ثُغر واحتكاكات"، مع الحفاظ على استمرار العملية السلمية في المنطقة". وقد أصبح من الواضح الآن، أكثر من أي وقت مضى أن عضوية بريطانيا وإيرلندا في الاتحاد الأوروبي، هي التي سمحت بتسوية النزاع طويل الأمد في إيرلندا الشمالية، وخففت من حدة توتر الصراع العرقي والدولي إلى حالته الراهنة. وقد مضى قرابة 20 عاما على توقيع اتفاقية بلفاست (اتفاقية الجمعة العظيمة)، التي أتاحت لإيرلندا الشمالية في عام 1998 العيش في حالة قريبة من السلام. لكن بريكست يهدد الآن بنكء الجروح القديمة، حيث لم يتم التغلب على النزاع نهائيا حتى يومنا هذا، وبات يهدد بالانفجار مرة أخرى.ايرلندا الشمالية نذكِّر بأن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فازوا في الاستفتاء، الذي جرى يوم 23 يوليو/حزيران 2016. وفي الوقت نفسه صوَّتت غالبية سكان إيرلندا الشمالية التي تعدُّ جزءا من بريطانيا للحفاظ على عضويتها في الاتحاد الأوروبي. ومن الجدير بالذكر أيضا أن اتفاقية بلفاست السلمية آنفة الذكر، تعترف لشعب إيرلندا الشمالية بالحق في الجنسية المزدوجة (البريطانية والإيرلندية في آن واحد). هذا، إضافة إلى اعتراف اتفاقية بلفاست بحق المنطقة في تقرير المصير والانفصال عن المملكة المتحدة عبر الاستفتاء. وبناء على ذلك، يبرز هنا تناقض معروف: يعني أن بريكست هيأ الفرصة لسكان إيرلندا الشمالية، الذين تطمح غالبيتهم إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي، للتصويت مستقبلا لمصلحة الانفصال النهائي عن المملكة المتحدة. وهناك مشكلة أخرى تقف عائقا جديا أمام بريكست، وتتمثل في الجانب الاقتصادي. إذ إن 20 عاما من السلام النسبي بعد اتفاقية "الجمعة العظيمة" حولت الجزيرة الإيرلندية إلى كيان اقتصادي واحد. فعلى سبيل المثال، يتم معالجة أكثر من ثلث الحليب المنتج في إيرلندا الشمالية إلى الجنوب في جمهورية إيرلندا. أما فيما يتعلق بالقوى العاملة، فهناك أكثر من 30 ألف شخص يعبرون الحدود يوميا ذاهبين الى العمل سواء إلى الجزء الأكبر من الجزيرة الإيرلندية، أو بالعكس إلى الجزء البريطاني. وإن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب أن يوقف هذه التنقل الحر للأشخاص والسلع والعمل والخدمات ورأس المال بين جمهورية إيرلندا (دبلن – العاصمة) الواقعة في الاتحاد الأوروبي، الذي له حدوده الجمركية، وإيرلندا الشمالية (بلفاست - العاصمة) الخاضعة للمملكة المتحدة. وتثير الخطة، التي قدمتها لندن في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن الحدود بين إيرلندا (الأوروبية) وإيرلندا (البريطانية) العديد من الأسئلة، وقد رفضتها بروكسل؛ مطالبة بإجراء تعديلات عديدة عليها. وفي مطلق الأحوال، هي تبقى خطوة في عملية البحث الصعبة عن حل مُرضٍ يكفل تنظيم الحدود والحفاظ على روح اتفاق "الجمعة العظيمة"، الذي، ومن المهم الإشارة إلى ذلك، يمنح إيرلندا الشمالية الحق في تقرير المصير والانضمام إلى جمهورية إيرلندا في الاتحاد الأوروبي، إن أرادت ذلك. ترجمة وإعداد: ناصر قويدر
مشاركة :