عودة عرس القاهرة المسرحي تحفز المخرجين العرببعد توقفه عام 2011 مع الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي شهدتها مصر، وأدت إلى إنهاء حكم الرئيس حسني مبارك، أُعيد عام 2016 تنظيم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تحت مسمى جديد هو “مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي”، على أساس أن الثورات تغير عناوين الماضي، ليلتئم المهرجان هذا العام في دورته الـرابعة والعشرين مقدما برنامجا ثريا.العرب عواد علي [نُشر في 2017/09/09، العدد: 10746، ص(16)]الركح مفتوح على أقصاه يستضيف مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، في دورته الرابعة والعشرين التي ستعقد في القاهرة بين 19 و29 سبتمبر الجاري، عروضا مسرحية من 14 دولة عربية وأجنبية، إضافة إلى مصر، هي: الصين، أميركا، روسيا، أرمينيا، كينيا، جورجيا، تونس، المغرب، العراق، تشيلي، الأردن، المكسيك، السويد، وبلجيكا. وكانت الدورة السابقة، التي استؤنفت بعد انقطاع دام 6 سنوات، قد شاركت فيها 17 دولة عربية وأجنبية. عروض مسرحية المهرجان تنظمه وزارة الثقافة، وهو غير تنافسي يهدف إلى خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات عن المسرح وأشكال الأداء، إضافة إلى تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات في المشهد المسرحي العالمي، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم على أحدث تطورات المسرح في مصر والبلدان العربية. من بين العروض التي أعلنت عنها إدارة المهرجان العرض الصيني “حب التاسعة والنصف” لأهم مخرجي الصين المعاصرين مونغ جينغ هوي، والعرض الأميركي “وفاة بائع متجول” لآرثر ميللر وهو من إنتاج فرقة مسرح “ميتو”، والعرضان العراقيان “عشتار” تأليف حيدر جمعة وإخراج بديع نادر خلف و”العربانة” تأليف حامد الملكي وإخراج عماد محمد، و”ظلال أنثى” من الأردن تأليف وإخراج إياد شطناوي، إضافة إلى العرضين المغربيين “خريف” تأليف فاطمة خوري وإخراج أسماء نوري و”بلا سمية” تأليف وإخراج أحمد حمود. كما يشارك في فعاليات المهرجان العرضان التونسيان “ليلة خريف” تأليف وإخراج سيرين أشقر و“نساء في الحب والمقاومة” إخراج فتحي العكاري. ومن مصر تشارك 3 عروض هي “يوم أن قتلوا الغناء” تأليف محمود جمال، وإخراج تامر كرم، و”الجسر” تأليف اليوناني جورج ثيوتيكا وإخراج وليد طلعت، و”شامان” للمؤلف والمخرج سعيد سليمان. إضافة إلى العروض يتضمن برنامج المهرجان مجموعة من الورش التدريبية التي يديرها خبراء مسرحيون من ألمانيا وفرنسا وسويسرا والصين ولبنان ونيجيريا، ويشارك فيها شبّان المسرح المصري. وعلى هامش المهرجان تقام ورشة “المسرح الوثائقي” لفرقة مسرح “ميتو”، يديرها الممثل دينيس بوتكس بالتعاون مع أعضاء آخرين في الفرقة. وتعد الورشة المتدربين لإنتاج عمل مسرحي شامل من المعنى النظري إلى التجربة الجسدية، عن طريق التركيز على استخدام الجسد وأدوات الابتكار لدى الممثل. وسيمزج بوتكس عناصر من المسرح الكلاسيكي وبعض التقاليد والطقوس من اليابان والهند وبالي ومنغوليا وإيران، لدفع المتدربين إلى اكتشاف تجارب مسرحية جديدة.المهرجان احتل مكانة عالمية مرموقة مع تعاقب دوراته السابقة والتي استقطبت عروضا تجريبية من ست قارات عناوين جديدة كما ينظم المهرجان ندوة فكرية بعنوان “المسرح بين التراث والمدينة” تناقش ثلاثة محاور أساسية بداية من قضية “التراث هل هو خاص بالريف أم المدينة؟”، وتتمحور حول مفهوم التراث من خلال عدة نقاط أهمها: المأثور والتراث، وتفجير الأطر التقليدية، ومجتمعات الإجماع ومجتمعات الصراع، وترييف المدينة. أما المحور الثاني لدوة المهرجان فيتطرق إلى “خطاب المسرح بين الغياب والحضور: البعد الفلسفي للمسرح”، ويركز على الخطاب في المسرح بين الغياب والحضور كمدخل للتعرض إلى مشاكل الهوية، وذلك من خلال طرح النقاط الآتية: من يحدد الخطاب؟ الخطاب والممارسة، الفرضيات الثقافية السائدة ونقيضها، وكيف انعكست الفرضيات الثقافية على خطابات مختلفة؟ أما قضية “أشكال المسرح المعاصر وقضية المعنى”، وهي ثالث محاور الندوة، فتتعرض لأشكال المسرح المعاصر وتحولاته، التي بدأت في التبلور بداية من فاغنر حتى يومنا هذا، عن طريق مناقشة تجاوز دور الكلمة في صياغة المعنى في المسرح المعاصر، والمسرح الجسدي والتحايل على الفرضيات الثقافية السائدة، إضافة إلى تطرقها إلى التعامل مع الجسد في نظريات الإخراج المعاصرة، وتفكيك الفرضيات الثقافية السائدة في المسرح المعاصر. وجاء في ديباجة الندوة أن القرن العشرين أنتج نظرياته وفلسفاته الأدبية والنقدية وفقا للتغيرات الجذرية في الفكر الإنساني مطلع القرن، والتي كان من الحتمي أن تنتج بالضرورة نظريات جديدة قائمة على مراجعة التراث الفكري التقليدي بالكامل. ولم تتبلور فلسفات أو نظريات محددة بعد تسم القرن الحادي والعشرين كما حدث مع القرن السابق، الذي من المؤكد أن فلسفاته ونظرياته أصبحت بدورها تقليدية. وفي إطار تلك المراجعات والمناقشات لمحاولة الخروج وإنتاج فكر جديد تأتي هذه الندوة الفكرية تحت عنوان “المسرح بين التراث والمدينة” ليتم من خلالها طرح بعض النظريات والمفاهيم التي سادت خلال القرن الفائت مثل: المادية الثقافية، والاستعمار الخطابي، والتراث، والمسرح ما بعد الدرامي، على طاولة الحوار للمناقشة والتفنيد، عسى أن تفتح النقاشات نقاط انطلاق تسهم مستقبلا في إنتاج مفاهيم جديدة، أو إعادة تعريف لبعض المفاهيم السائدة. يُذكر أن هذا المهرجان كان من أبرز المهرجانات المسرحية في العالم العربي، قبل توقفه، إلى جانب مهرجاني دمشق وقرطاج. انطلقت دورته الأولى عام 1988، واستمر في موعده السنوي (الأول من سبتمبر من كل عام)، بدعم مباشر من وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني. واحتل المهرجان مكانة عالمية مرموقة طوال 22 عاما، مستقطبا عروضا تجريبية لمخرجين وفرق مسرحية من ست قارات حفّز العديد منها المخرجين العرب على تعميق رؤاهم ومقارباتهم، وإطلاق العنان لمخيلاتهم ومغامراتهم الإبداعية. وعلى صعيد الثقافة المسرحية نشر المهرجان ترجمات للعشرات من الكتب العالمية حول نظريات المسرح وتقنياته وتجاربه، واستضاف كبار المسرحيين من الغرب والشرق في لجانه التحكيمية، وعقد ندوات متخصصة، ومناقشات للعروض المشاركة، وورشات تدريبية، وقراءات مسرحية، وغيرها من الأنشطة الأخرى ذات الصلة.
مشاركة :