لأننا دولة نفطية غنية، يعتقد الكثيرون بسذاجة أن أي علاقة اقتصادية بين الكويت وحتى دول العالم المتقدم ستكون على حساب الكويت لصالح الدول الأخرى. وإذا أخذنا الولايات المتحدة الأميركية مثالاً، ولكي نضع النقاط على الحروف ونعرف أي مِن الدولتين بحاجة ماسه للأخرى من الناحية الاقتصادية، لا بد من تحليل الوضع الاقتصادي للبلدين بصورة مفصلة: 1. حجم الاقتصاد الأمريكي لسنة 2016 هو 18.569 تريليون دولار بينما حجم الاقتصاد الكويتي لنفس السنة هو 110مليار دولار. أي أن حجم الاقتصاد الأمريكي يعادل 169 ضعف حجم الاقتصاد الكويتي. وبالتالي فإن أي تبادل تجاري بين البلدين سيكون تأثيره الأكبر في الكويت وفي صالحها لو تم بشكل جيد. (تم استخدام اجمالي الناتج المحلي للبلدين للمقارنة). 2. تبيع الكويت النفط بالدولار الأميركي، وهو العملة الأهم في العالم كما أن الدينار الكويتي مرتبط بشكل كبير بالدولار بالرغم من وجود سلة عملات. وبالتالي فإن الكويت في حاجة مستمرة لاستثمار العوائد والفوائض النفطية الدولارية في استثمارات أميركية. 3. تمثل الشركات الأميركية ما نسبته أو وزنه %60 من مؤشر مورجان ستانلي العالمي (MSCI WOLRD) وبالتالي لا يمكن لأي مستثمر عالمي أن يتجاهل الاستثمار بالشركات الأميركية. ويؤكد وزير المالية الكويتي كل ما سبق بأن نسبة استثمارات الهيئة العامة للاستثمار في الولايات المتحدة تفوق الـ%50. وأن اجمالي استثمارات الحكومة الكويتية يفوق الـ400 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي (قد يشمل محفظة التأمينات والاستثمارات النفطية). فمن هو الأكثر حاجة أو المستفيد الأكبر في هذه العلاقة، خاصة بعد الارتفاعات الهائلة لمؤشر S&P 500 في السنوات الماضية وبعد الأزمة المالية العالمية وفي ظل كثرة المشاكل والأزمات الاقتصادية حول العالم؟ 4. بعد فضيحة الداو وصعوبة استمرار التوظيف الحكومي تكون الكويت بحاجة ماسة لاستثمارات كبرى الشركات الأميركية فيها، خاصة أن خلق فرصة عمل للمواطن يحتاج بالمتوسط لما يقارب 2 مليون دينار استثمارات أجنبية حسب تقارير وزارة المالية. 5. تصدر الكويت الجزء الأكبر من نفطها إلى دول شرق أسيا ككوريا واليابان والصين وحتى الهند التي بدورها تعتمد في صادراتها على الطلب من الولايات المتحدة. وهو ما يعني أن عوامل الارتباط الاقتصادية الكويتية بالولايات المتحدة تفوق أي شيء آخر. فعلى الرغم من انخفاض حاجة الولايات المتحدة لاستيراد النفط فإن تضرر الاقتصاد الأميركي سيضر استثماراتنا هناك وسيقلل الطلب العالمي على النفط ويهبط بسعر البرميل كما حصل سنة 2008. 6. حسب تصريحات المسؤولين يدرس حاليا أكثر من 15 ألف طالب كويتي في الولايات المتحدة وهو ما يمثل أكثر من %1 من اجمالي عدد الكويتيين الأحياء. وقد تعتبر الكويت الأعلى خليجيا بهذا المقياس إذ إن هذه النسبة في السعودية تقارب الـ%0.5 وهي أقل من ذلك بكثير في الامارات وقطر وعمان والبحرين. قد يتفاخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصفقات التبادل التجاري مع دول المنطقة. وهو ما ذكره في تصريحاته أثناء حملته الانتخابية التي تؤكد أن دول المنطقة تستفيد من الولايات المتحدة بشكل أكبر من استفادة الولايات المتحدة منها. مع ذلك، توضح المعطيات الحالية أن الكويت تحديدا هي من تحتاج الولايات المتحدة اقتصاديا وتعليميا وعسكريا وان أي صفقات تبادل تجاري أو عسكري أو تعليمي من التي أعلن عنها ستكون على الأغلب في مجملها تخدم مصالح الكويت على المدى الطويل أكثر من خدمتها لمصالح الولايات المتحدة. محمد رمضانكاتب وباحث اقتصاديrammohammad@
مشاركة :